تتجه أفئدة العمانيين منذ أكثر من شهر نحو ألمانيا .. تلك الدولة التي تضم أغلى الناس لدينا .. إنه الأب الروحي للشعب الوفي حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله وأمد في عمره وأبقاه ذخرا للبلاد ـ .. فقلوبهم تنبض عشقا وحبا له وأرواحهم تهفو لرؤيته والاطمئنان عليه .. ونار الشوق إليه وإلى وجوده بجوارهم تكاد تصيبهم بالحزن والجزع .. لكن ما يهدئ من روعنا جميعا أن تلك البلاد تحمل الشفاء لسيد عُمان وفارسها الأول.
إن قواميس الوجود وما تحتويه من وصف بكل لغات الدنيا لا تكفي للتعبير عما يجيش في صدور العمانيين من حب ولهفة لقائد مسيرتهم المظفرة ومصدر أمانهم وحصنهم الحصين من نوائب الزمن .. فالحياة لا تحتمل وفارغة بدون وجوده.
لا شك أن الشعب العماني ينتظر على أحر من الجمر عودة قائد البلاد المفدى ويعد الثواني والدقائق شوقا لرؤية جلالته بين أبنائه .. فكل عماني يفتخر بأن له أبا مثل سلطاننا المعظم الذي استطاع ـ أيده الله ـ أن يرفع اسم عُمان عاليا وأن يعيد لها أمجادها التاريخية وعظمتها الحضارية وسار بها بكل ثقة وعزيمة واقتدار إلى معارج النمو والتقدم، وهيأ للمواطن كافة السبل التي تساعده على تحقيق المزيد من العطاء التنموي.
إلهي .. إننا نقف أمامك متوسلين نسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك العظيم أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تنعم على مولانا وقائدنا بالصحة والعافية وأن تعيده إلى أبنائه سالما معافى ..
إلهي .. لقد بسطنا أملنا لنيل كرمك أن تذهب البأس وتمن على الأب المعظم بالشفاء التام فأنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما ..
إلهي .. أتمم علينا سوابغ النعم وأعد إلينا أغلى الناس وعلى رأسه تاج الصحة القشيب ولا تخلعه عنه ما دام حيا يرزق ..
إلهي .. قر أعيننا برؤية حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم وهو يخطو على تراب الوطن الغالي شامخ الرأس، صحيح البدن، سديد الرؤية والفكر وأن تكنفه بظلك الظليل برحمتك ومنك يا أرحم الراحمين.

* * *

"عشق أباد" استمرار للدور الحضاري للسلطنة

اشتهرت السلطنة منذ قديم الأزل بريادتها وتطويعها لأعالي البحار واختراق أساطيلها لعباب المحيطات شرقا وغربا شمالا وجنوبا متحدية كافة الصعوبات ومكتشفة الكثير من البلدان والطرق البحرية الجديدة التي لم تكن معروفة من قبل .. ولقد أقام العمانيون أثناء تلك الرحلات العلاقات الطيبة والوطيدة مع الدول التي كانت تمر بها سفنهم ولم تقتصر تلك العلاقات على الجانب الاقتصادي فقط بل الدبلوماسي والسياسي والاجتماعي أيضا، وهو ما أعطى للسلطنة سمعة طيبة وتقاربا بينها وبين دول العالم في مشارق الأرض ومغاربها وفي ذات الوقت استقرارا وأمنا على المستوى الداخلي.
وتواصلا لمسيرة الأجداد لم تعش بلادنا في جزيرة منعزلة عن العالم من حولها، بل حرصت على تنمية العلاقات بينها وبين غيرها من الدول .. ولعل ما يجسد ذلك مشروع الممر الدولي للنقل والعبور أو ما يسمى باتفاقية "عشق أباد" الذي تنوي السلطنة إتمامه مع إيران وتركمنستان وأوزبكستان والذي سيشكل دعامة كبرى في تطوير وتنمية العلاقات بين وطننا الحبيب وتلك البلاد .. كما أن هذا الإنجاز العظيم لن يعود بالخير على الدول الأربع فقط بل على القارة الآسيوية بأكملها ومجمل التجارة الدولية كونه سيصل مناطق شرق وغرب ووسط آسيا بجنوبها وهو ما يضفي عليه ثقلا وأهمية كبرى.
إن موقع السلطنة الاستراتيجي واحتواءها على موانئ ضخمة تستوعب السفن الكبيرة الحجم منحها أهمية قصوى على مستوى التجارة البحرية الإقليمية والدولية وضمن استمرارية مكانتها العالمية كرابط وملتقى بين الطرق التجارية البحرية .. وبالتالي فإن المحور العبور الدولي الجديد الذي يربط موانئ السلطنة والموانئ الآسيوية سوف يعزز من مكانتها أكثر ويمنحها دورا أساسيا على صعيد التجارة البحرية، وهو ما سوف ينعكس إيجابا على الشعب العماني الوفي.
لقد حرص حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ طوال مسيرة نهضتنا المظفرة على تحقيق الرخاء والرفاهية للمواطن العماني فوضع الخطط وأقام المشاريع والبنية التحتية والخدمات التي تحقق له ذلك .. وفي الوقت الذي يموج فيه العالم بالمشاكل والصراعات والخلافات والبحث عن المصالح الفردية تتجه دولتنا نحو تغليب المصلحة العليا وتحقيق التنمية المستدامة التي تضمن الأمان والاستقرار لأبناء الوطن في الحاضر والمستقبل .. والمشروع الجديد بإذن الله سوف يعود على اقتصاد بلادنا بالخير ويحقق لها هذا الأمان والاستقرار.
إن اتفاقية "عشق أباد" تحمل رسالة هامة للعالم مفادها أن عُمان ماضية في مواصلة دورها الحضاري والتاريخي، وأن اليد العمانية دائما ممدودة بالسلام والتعاون المثمر البناء وتقريب المسافات بين الأصدقاء والأشقاء طالما سوف يعود ذلك على البلاد والعباد بالنفع ويحقق التنمية المستدامة المنشودة .. كما أن خوض غمار الاندماج والتكامل الاقتصادي وتكوين الشراكات الاقتصادية القوية والتكتلات ذات الثقل سوف يرسخ من الأقدام العمانية على الصعيد الدولي ويضعها على خارطة الدول الجاذبة للاستثمار الذي بدوره سوف يسهم في نهوض الاقتصاد الوطني ويزيد من فرص العمل والقضاء على البطالة ورفع مستويات دخل الأفراد.
ندعو الله أن يتم المشروع العظيم ويجعله فاتحة خير على البلاد والعباد .. آمين.
* * *
رسائل داعش الدموية .. المغزى والهدف

الرسائل الدموية التي يبثها ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي بين الفينة والأخرى عبر ذبح رهائن أجانب صورة مقلوبة ومغلوطة لما يحث عليه ديننا الحنيف .. فبعد أن نشر فيديو لذبح الصحفي الأميركي جيمس فولي نشر فيديو آخر لقطع رأس رهينة أميركي ثانٍ وهو الصحفي ستيفن سوتلوف كما هددوا بقتل رهينة بريطانية احتجاجا على سياسة الرئيس الأميركي باراك أوباما والغارات الجوية التي يشنها عليه.
السؤال الذي يطرح نفسه: هل تثني هذه الرسائل المجتمع الدولي عن محاربة التنظيم الإرهابي وهل يردع ذلك أوباما عن شن غاراته؟
الإجابة بالتأكيد لا .. بل على العكس إن مثل هذه الأعمال المرفوضة دينيا وأخلاقيا وإنسانيا تدفعنا أكثر لمحاربة الأفكار المتطرفة، والإصرار على القضاء عليها والحرب التي تدور رحاها بين أميركا والتنظيم الإرهابي لن يسكن هديرها لمجرد مقتل الرهائن الغربيين.
إن ما يقوم به هذا التنظيم الإرهابي من مجازر وقتل وتشريد وسرقة واستيلاء على الممتلكات وتهجير قسري لأصحاب الأرض من الأقليات مثلما حدث للأيزيديين والمسيحيين وغير ذلك من الجرائم الشنيعة التي لا ترضي عقلا ولا ضميرا حيا ولا تمت للدين الإسلامي بصلة، بل على العكس تشوه صورة الدين الحنيف السمحة التي تحث على التعايش في مودة وتعاون وتحقق الأفكار المسمومة التي يبثها أعداء الدين عنه.
إن المتتبع لتكتيكات التنظيم الإرهابي يجد أنها تغيرت بعد شن الهجمات الجوية الأميركية فمثلا تخلوا عن حب الظهور والتجول في شوارع المناطق التي يستولون عليها وهم يلوحون بالأعلام من سيارات "الهمفي" الأميركية والمدرعات وعربات "البيك أب" المزودة بمدافع رشاشة ثقيلة .. كما قاموا بالاختلاط وسط السكان المدنيين وتخلوا عن مظهرهم العسكري حتى لا يسهل استهدافهم من قبل الطائرات الأميركية.
وهنا نتساءل .. بعد أن أصبح الأمر أكثر صعوبة في التعرف على أعضاء التنظيم: كيف يمكن القضاء على هذا التنظيم وإعادة الأمن لبلاد الرافدين والشام بل والعالم أجمع؟
المسئولية هنا تقع على عاتق المواطنين المظلومين الذين يجب أن يرشدوا عن هذه الفئة المتشددة ويتعاونوا مع الحكومات لاسترداد الأراضي المنهوبة وتحقيق الأمن في البلاد.
إن الأمر لم يعد يحتمل التسويف في ظل سقوط الضحايا الأبرياء يوميا .. فعلى الأشقاء الفرقاء نبذ الخلافات جانبا والتكاتف من أجل التخلص من الخطر الداهم الذي يحيط بهم جميعا خاصة أن رئيس الوزراء العراقي الجديد أخذ على عاتقه إصلاح السياسات الخاطئة السابقة، وبالتالي يجب أن يشد العراقيون بكافة طوائفهم من عضده مثلما فعلوا عندما استعادوا سد الموصل والسعي لإعادة مكانة بلاد الرافدين مرة أخرى قبل فوات الأوان حيث لا يجدي البكاء على اللبن المسكوب.

* * *
حروف جريئة

* جامعة الدول العربية .. بيتنا العربي الكبير في غرفة العناية المركزة في محاولة لاستعادة دورها مرة أخرى وضخ دماء الكرامة والعروبة والشهامة مرة أخرى في عروقها المتجمدة حيث يعكف وزراء الخارجية العرب على إصلاحها وتطويرها .. ندعو الله أن تفلح محاولاتهم وتعود لنا جامعة الدول العربية مرة أخرى وهي بألف عافية وصوت قوي مسموع ومؤثر.

* دعوة نوجهها للحوثيين في اليمن أن ينظروا لما يجري في العراق وسوريا وليبيا .. فالاتكاء على الخارج وتنفيذ مخططاته لن تجلب سوى الحرب الأهلية والفتنة والصراع بين أبناء الشعب الواحد وتفتيت الوطن وتشريد أهله .. فليعلِ الحوثيون مصلحة البلاد العليا وليجلسوا حول مائدة المفاوضات مع الرئيس عبد ربه منصور هادي حتى يخرجوا ببلادهم إلى بر الأمان .. وليبحثا معا عن حلول للمشاكل الكثيرة التي يعاني منها الشعب المسكين.

* أصابتني الدهشة والحسرة في ذات الوقت عندما قرأت عن الحكم القضائي الذي صدر بحق أربعة بالسجن والغرامة والطرد من البلاد بعد قضاء العقوبة بتهمة مزاولة مهنة الطب البشري وإجراء عمليات جراحية خطيرة كزرع خلايا جذعية بدون ترخيص .. فكيف لشخص أن يسمح لنفسه أن يخرب أعضاء البشر دون إذن .. في رأيي أن جزاءهم يجب ألا يقل عن الإعدام.

* * *
مسك الختام

قال تعالى: "الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار".

ناصر اليحمدي