[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
نجحت الولايات المتحدة حتى الآن في: أولا: تحويل المنطقة العربية إلى فوضى خلاقة. ثانيا: إنشاء عدد من التنظيمات الإرهابية أبرزها "داعش" وتعزيز مكانة "النصرة" وباقي التنظيمات. ثالثا: التقدم باتجاه روسيا بعدما ثبت للروس أن الخطة الأميركية تقضي بتوريطها في أوكرانيا بلعبة جهنمية لن تتحق لكنها ستظل تشكل خطرا ونزيفا عليها. رابعا: إعادة تكوين ذاتي بعدما أخذها جورج بوش الابن إلى سرعة في الانهيار أعادها أوباما إلى سرعة في التراجع مما أتاح لها أن تمسك باللعبة من جديد.
يضع الأميركي خططه في ما يخص المنطقة على قاعدة ثلاثية أولها يسميه الانهيار الشامل كما يحصل في ليبيا من أجل دراسة تبعاته، والثانية فوضى شاملة كما حاول في سوريا والعراق، والثالثة احتياطي اللعبة بحيث إن نجحت في البلدين يكون لبنان وربما تونس النقلة القادمة، وربما يسري الأمر أيضا إذا فشلت خطتها السورية العراقية.
لبنان إذن في الثلاجة إلى حين .. الخلايا النائمة للتنظيمات الإسلامية الجهادية والعبثية والإرهابية على انتظار، فيما تعبث في سوريا والعراق بكل قوتها وتتنقل بين الأمكنة وتحاول أن تجد لها مستقرا ربما نجحت في إيجاده في العراق وبعض سوريا. لكن أمل تلك التنظيمات ومخططها وصانعها الأميركي وممولها العربي وداعمها التركي أن تتمكن من اختراق العاصمتين السورية والعراقية. لهذا تدور أشرس المعارك حول دمشق بعدما نجح الجيش العربي السوري في تنظيف أجزاء واسعة من ريفها، وها هو يستعمل القوة المفرطة في منطقة جوبر كي ينهي أي تواجد لها خصوصا وأنها لا تبعد عن أول خطوة في دمشق سوى أقل من كيلومترين. وكذلك الأمر في العراق حيث بدأ الجيش العراقي حربا لإيقاف التمدد الداعشي نحو العاصمة بغداد.
ما يعنيه الاستيلاء على العواصم يعني الكثير من واقع نفسي إلى وجود مؤسسات الدولة وإلى نفوذها وقدرتها ويدها الطويلة المتحركة .. سيظل الأميركي يحاول إيصال الإرهابيين إلى العاصمتين بعدما تمكن من جعل عاصمة ليبيا والمدينة الأساسية فيها بنغازي مسرحا للميليشيات، يدرس من خلالها النتائج التي سيخرج بها من الفوضى العارمة التي تضرب ذلك البلد كي يمكن تعميمها طالما أنها نجحت فيه.
هذا العصر الأميركي القذر، من المؤسف أنه تمكن من كل بلد على حدة، فحوله إلى مختبر لمعلوماته الحالية والمستقبلية. من طبيعة هذا الاستعمار الجديد أن يظل متابعا لفكرته الثابتة أن بقاء إسرائيل يستلزم هذا النوع من الخطط، لا بل إن بقاء سطوته على العالم يجب أن يظل واضحا في لعبته الشرق أوسطية العربية تحديدا، تساعده في هذه الأوقات أفكار تركية مشبعة بالحقد على العرب، إضافة إلى تفتت القوة العربية التي تحولت حتى في قطريتها إلى لا معنى لها في مجال القوة أيضا.
أما الرد الممكن فإما أن يكون الجميع مشروع شهداء أي اقتراح المقاومة بلا توقف، وهذا يعني صراع أجيال له مطالبه في تأسيس اقتصاد حرب وفي الاعتماد على الذات عسكريا وفي توحيد كل قطر من الداخل وإذا أمكن توحيد الأقطار المتجانسة فيما بينها، وإما التسليم بآلام الواقع وهو أيضا لن يخلص المنطقة من أزماتها بل سيضيف عليها أزمة وجودية أن تكون أو لا تكون.