على الرغم من أني بعيدة عن متابعة مباريات كرة القدم باستثناء تتبع أخبار برشلونة وريال مريد عن طريق المتابعين ووسائل التواصل الإجتماعي إلا أن فيصل كان له طريقته ليتتبع أخبار برشلونة على الرغم من أن القنوات الرياضية المشفرة لم تعرف لها مكانا في القنوات التي نتابعها، فكان فيصل يحدثني بشكل دائم عن هذه المنتخبات وأسماء اللاعبين وأرقام ملابسهم الرياضية، وقبل أسابيع من بداية الحدث الأكبر (كأس العالم) أصر على شراء (مستقبل) القناة الرياضية العربية التي تنقل مباريات كأس العالم، وشراء ملابس الفرق التي سيشجعها (البرازيل، الأرجنتين) وتحديداً رقم عشرة من الفريقين وهي أرقام نيمار وميسي، كنت أستجيب لرغباته من باب عاطفة الأمومة .
بدأت بمتابعة تفاصيل هذه الحياة الرياضية التي سحبت العالم إليها صغارهم وكبارهم وجعلتهم يعيشون روح المنافسة الرياضية كنت أود اكتشاف الأسباب التي جعلت فيصل ذا السبع سنوات يتابع كل صغيرة وكبيرة وتعلق غير مبرر بالمنتخب الأرجنتيني وبالأخص ميسي حتى إنهار من البكاء في المباراة النهائية عندما خذلته الأرجنتين، لم تكن عائلتي الصغيرة من مشجعي الكرة ولا من متابعيها ولكن فيصل اختارها برغبته، اختار توجهه وقادني معه إلى هذا العالم لأشاركه في الحوار ولأقترب من اختياره، وبين صراع داخلي كان ينتابني بين فترة وأخرى وجدت بأنه خيار جيد مقارنة بالخيارات المتاحة في عالمنا المتناقض والتائهة فمن الأفضل الانجرار للرياضة وليس أشياء تدمر فلذات أكبادنا.
لأعيش الحدث بشكل واقعي أخترت تشجيع منتخبيّ هولندا وألمانيا واختياري لهذين المنتخبين فتح أبوابا أخرى على متابعة كرة القدم ومن أهم هذه الأبواب باب الدين هذا الباب الذي لم أفكر فيه عندما اخترت متابعة المباراة مع ابني كون الدين يسر وليس هناك نص يحرم مشاهدة المرأة للمباريات، إلا أن هناك من رأى بأنه لا يجوز مشاهدة المرأة للمباريات إستناداً إلى أسباب واهية لا يمكن أن يقبلها العقل البشري وهناك من حرمها دون الاستناد إلى نص ديني وبين الحرام والحلال وبعد البحث والسؤال جاءت الردود حسب أهواء المسئول فمن كان يتابع الكرة قال بأنه يجوز ومن كان متزناً في تفكيرة (وهو في الحقيقة ليس كذلك) قال بأنه يجوز بشرط أن لا يتم التركيز على مفاتن اللاعبين وأن يكون قصد المرأة الاستمتاع بطريقة اللعب وليس اللاعبين وألا يلهيها ذلك عن دينها، وهناك من لم يجز ذلك من دون أسباب ومن باب أنها سبب من أسباب تدهور فكر المرأة وخراب البيوت، وأما التحريم وذلك كون الجوائز التي يحصل عليها اللاعبون من غيرهم فهي حرام أما من بعضهم البعض فهي قمار إذن هم أشخاص فاسدون في الدنيا والدين، هل وصل عقل للمرأة من الضعف في التفكير بحيث يمكن أن تؤثر عليه كرة القدم وتكون سبباً في انحراف المرأة كما ذكر البعض، ولماذا يقتصر التأثير على عقل المرأة بينما عقل الرجل لا يتأثر؟!، إذا كانت المرأة تحمل عقلا من قماش يبتل بأي موجة تصل إليه فهذا لا يعني بأن متابعة الكرة هي سبب رئيسي لتأثرها فمثل هذه العقول يمكن أن تتأثر بأي شيء تواجهه في الحياة، المرأة قادرة على تميز الصالح من الطالح ويبقى خيارها هي، وإذا كانت مشاهدة كرة القدم حراما أو لا تجوز فهناك شعائر أساسية في الدين يشترك في أدائها الرجل والمرأة فما رأي من يرى من عدسة ضيقة ولا أقصد هنا المقارنة بين كرة القدم والشعائر الدينية ولكن من باب التوضيح ولفت الانتباه بأن الدين لا يمشي على الأهواء بل أن القرآن الكريم والسنة النبوية هما المرجع والقانون والحكم .
ومع هذا الانفتاح الذي نعيشه في العالم لم يعد الخوف من كرة القدم بقدر ما هو خوف من العقول الهشة والنفوس الضعيفة، أما أن نجعل الدين مبررا لتصرفات وردور أفعال فردية فإن العقل لم يعد يستوعب ولا يتقبل ذلك .
واخيراً يقول ابن رشد (أكبر عدوّ للإسلام جاهل يُكفّر الناس).

خولة الحوسنية