فيما رفضت موسكو مساعي الانضمام إلى (الأطلسي)
كييف ـ عواصم ـ وكالات: وعد الرئيس الاوكراني بترو بوروشنكو أمس بمزيد من الحكم الذاتي للشرق الانفصالي حيث تلتزم الاطراف بالهدنة عموما، فيما يطالب المتمردون باستقلالهم في عملية التسوية الشائكة لهذا النزاع الذي يتابع الغربيون تطوراته باهتمام كبير.
فبعد ايام عدة من المماطلة سيحسم الاتحاد الاوروبي قراره بشأن فرض عقوبات اقتصادية جديدة على روسيا تبعا للوضع الميداني ولمدى تقدم محادثات السلام منذ توقيع "بروتوكول" وقف اطلاق النار بين كييف والمتمردين الجمعة في مينسك.
وقال بورشنكو اثناء اجتماع لمجلس الوزراء ان الوضع في شرق اوكرانيا "تغير جذريا" منذ دخول الهدنة حيز التنفيذ.
واوضح "قبل الاعلان عن وقف اطلاق النار كانت اوكرانيا تخسر كل يوم عشرات الأرواح من ابطالها"، وذلك غداة اتصال هاتفي مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين اكد خلاله تصميمه على ايجاد حل سلمي للنزاع.
لكنه اكد في الوقت نفسه "ان اوكرانيا لم تقدم اي تنازل عن وحدة اراضيها" في تلميح الى وثيقة موقعة في مينسك من اثنتي عشرة نقطة تمنح خصوصا "وضعا خاصا" لمنطقتي دونيتسك ولوغانسك المعقلين الانفصاليين، لتشكيل "حكومة حكم ذاتي مؤقتة" واجراء انتخابات محلية مبكرة.
كما اكد ان القسم الاكبر من القوات الروسية الموجودة في اوكرانيا غادر الاراضي الوطنية بعد خمسة ايام من بدء تنفيذ اتفاق لوقف اطلاق النار بهدف وضع حد للنزاع في شرق أوكرانيا.
وقال في هذا الصدد اثناء جلسة مجلس الوزراء "بحسب آخر المعلومات التي تلقيتها من اجهزة مخابراتنا فإن 70% من القوات الروسية انسحبت" بحسب ما ذكر الموقع الالكتروني للرئاسة.
واعلن بوروشنكو انه سيطرح على البرلمان مشروع قانون يضمن مزيدا من الحكم الذاتي للمناطق الشرقية موضحا في الوقت ذاته انه سيغلق الباب امام اي نقاش "حول انشاء نظام فدرالي او اي نوع من الانفصال" للمناطق الشرقية.
وشدد على "ان القانون حول ادارة مؤقتة للحكم الذاتي لمنطقتي دونيتسك ولوغانسك تعطي وضعا يبقي هاتين المنطقتين ضمن اوكرانيا".
لكن الانفصاليين الموالين لروسيا يرغبون في استقلال منطقتهم وليس ابقاءها ضمن اوكرانيا مع صلاحيات معززة كما يريد الرئيس الاوكراني، على ما اكد مسؤول من المتمردين بعيد ذلك.
وقال اندري بورغين "نائب رئيس وزراء جمهورية دونيتسك الشعبية" المعلنة من جانب الانفصاليين "لا ننوي البقاء جزءا من اوكرانيا".
في موازاة ذلك تواصل روسيا التي يتهمها الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة باتخاذ مواقف متضاربة في هذا النزاع، الاخطر منذ انتهاء الحرب الباردة، ممارسة الضغوط على اوكرانيا محذرة اياها من مغبة الدخول الى حلف شمال الاطلسي.
واعلن سفير روسيا لدى الاتحاد الاوروبي فلاديمير شيزوف "لا نريد رؤية اوكرانيا في الحلف الاطلسي"، مضيفا "ان اوكرانيا في الحلف الاطلسي سيكون تحديا غير مسبوق للأمن الاوروبي، الأخطر منذ سقوط جدار برلين".
واعلنت الحكومة الاوكرانية اواخر اغسطس رغبتها في اعادة اطلاق عملية الانضمام الى الحلف الاطلسي التي اوقفها في 2010 نظام الرئيس فيكتور يانوكوفيتش الموالي لروسيا. وترك الحلف الاطلسي الباب مفتوحا شرط ان تجري كييف "الاصلاحات الضرورية" و"تتكيف مع معايير الحلف الاطلسي" و"تستوفي كل المعايير" المطلوبة.
وبعد ايام عدة من التوترات خاصة عند ضفاف مرفأ ماريوبول الاستراتيجي تطور الوضع نحو التهدئة.
واعلنت بلدية دونيتسك ان "الهدوء ساد خلال الليل" في هذا المعقل الانفصالي الذي عانى بقسوة من المعارك في الاشهر الاخيرة.
واشار المتحدث باسم العمليات العسكرية الاوكرانية اوليكسي دميتراشكيفسكي من جانبه الى ست عمليات اطلاق لنيران المدفعية من قبل المتمردين على نقاط تفتيش اوكرانية خلال الليل الفائت خصوصا قرب مطار دونيتسك. واكد "ان القوات المسلحة الاوكرانية تحترم وقف اطلاق النار".
واعتبرت الولايات المتحدة ان وقف اطلاق النار في اوكرانيا "محترم عموما" وانها قد تقرر فرض عقوبات اضافية على روسيا تبعا لما سيجري على الارض "في الايام المقبلة".
واعلن الاتحاد الاوروبي من ناحيته ان دوله الاعضاء "ستدرس مجددا المسألة لتقرر المراحل المقبلة" بحسب المتحدثة باسم الجهاز الدبلوماسي للاتحاد مايا كوسيانسيتش.
وسيبحث سفراء الدول ال28 في الاتحاد الاوروبي تقييما قدمه الجهاز الدبلوماسي حول تنفيذ وقف اطلاق النار. وقال مصدر اوروبي "ان الاجراء الطبيعي" يقضي بان يبدأوا بتطبيق عقوبات بعد تبنيها رسميا الاثنين.
لكن الدول الاعضاء التي يخشى عدد كبير منها من انعكاسات العقوبات على اقتصاداتها او يعتبرونها غير مناسبة بعد اتفاق وقف اطلاق النار، قد تعطي نفسها مزيدا من الوقت.
اما بخصوص تحطم الطائرة الماليزية فقد حمل وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أمس كييف "المسؤولية الكاملة" عن هذا الحادث الذي وقع على اراضيها. وقال خلال لقاء مع نظيره الماليزي هشام الدين حسين ان "الكارثة وقعت في المجال الجوي لاوكرانيا التي تتحمل المسؤولية الكاملة عما حصل".
واضاف "لو لم تقرر اوكرانيا حل مشاكلها الداخلية من خلال اللجوء الى القوات المسلحة والمدفعية الثقيلة بما في ذلك الصواريخ والطيران اني على ثقة بان هذه المأساة لما كانت وقعت".
وجاء تصريح المسؤول الروسي غداة صدور تقرير اولي في لاهاي حول حادث تحطم طائرة البوينغ الماليزية في 17 يوليو في المنطقة التي يسيطر عليها الانفصاليون فيما كانت تقوم برحلة بين امستردام وكوالالمبور وعلى متنها 298 شخصا.
وفي هذا التقرير وصل المحققون الى الاستنتاج بان "طائرة البوينغ 777-200 التابعة للخطوط الجوية الماليزية والتي كانت تقوم بالرحلة ام اتش 17 تفككت في الجو، نتيجة اضرار هيكلية على الارجح سببها عدد كبير من الاجسام الفائقة السرعة التي اخترقت الطائرة من الخارج".
ولا يتضمن هذا التقرير الاولي تفاصيل حول طبيعة "الاجسام" او مصدرها. لكن رئيس الوزراء الماليزي نجيب رزاق اعتبر ان الوصف التقني للاحداث يغذي "الشبهات القوية" بامكانية اطلاق صاروخ الامر الذي سبق واشار اليه الغربيون في يوليو.
ونفى مسؤول انفصالي اي ضلوع في تلك المأساة. وقال الكسندر زخارتشنكو "رئيس الوزراء" في "جمهورية دونيتسك الشعبية" المعلنة من جانب واحد "ليس بوسعي القول سوى امر واحد: اننا بكل بساطة لا نملك تجهيزات تقنية قادرة على اسقاط طائرة بوينغ".