في ظل التمادي بالإساءة للزي العماني أحد المكونات الأساسية للهوية الوطنية

المدير العام المساعد للمديرية العامة للتجارة:
ـ التجاوزات تتداول في نطاق ضيق والوزارة ماضية في مراقبة ومتابعة المخالفين بالتعاون مع جهات الاختصاص

مساعد مدير الدائرة القانونية للهيئة العامة لحماية المستهلك:
ـ للهيئة دور داعم ومتكامل مع بقية الجهات الحكومية وعلى الجهات المعنية منع لبس الأزياء المخلة برونق الزي العماني في بعض الجهات كالمدارس والجامعات

ـ المواطنون يطالبون بتشديد العقوبة ويؤكدون على مكانة الزي العماني في "الشكل" و"اللون"

تحقيق ـ الوليد العدوي:

مازالت ظاهرة تشويه الزي العماني تواجه أزمة (إساءة) رغم محاولات الجهات المختصة ممثلة بوزارة التجارة والصناعة للحد منها عن طريق سن القوانين والتشريعات والزام أصحاب محلات الخياطة الالتزام بالاشتراطات والمواصفات المعمول بها في هذا الجانب.
ورغم كل التحذيرات التي قامت بها الوزارة إلا أن استمرار التدخلات في الدشداشة والكمة العمانية وغيرها من الملابس العمانية الرجالية أو النسائية لم تجد حتى الآن آذانا مصغية من قبل العاملين بهذه المحلات أو القائمين عليها مما حدا بالكثيرين المطالبة بوقف هذا التدخل المرفوض على الزي العماني وتغليظ القوانين وتطبيقها بشكل ملزم واتخاذ الإجراءات القانونية ضد المخالفين.
وطالب عدد ممن التقاهم (الوطن الاقتصادي) وزارة التجارة والصناعة ووزارة البلديات الإقليمية وموارد المياه والهيئة العامة لحماية المستهلك والجهات الأخرى المعنية بالضرب بيد من حديد لكل ما من شأنه الإساءة للهوية التي تعتبر جزءا مهما وأساسيا من مكونات هذه الهوية العمانية مؤكدين في نفس الوقت على ضرورة أن يتعاون المجتمع التصدي لهذه الظاهرة والوقوف مع الجهات المعنية للإبلاغ عن أي تجاوزات، فهم كما يرون أنها مسئولية مجتمع قبل أن تكون مسئولية جهات.
وقالوا إن امتداد العبث بالزي العماني من قبل الأيدي العاملة الوافدة بغية التكسب المادي أمر غير مقبول وينبغي تدخل الجهات المسؤولة في هذا الشأن بغية المحافظة على هذا الموروث الحضاري عبر العصور مؤكدين على ضرورة التقيد بشكل ولون الأزياء العمانية حيث نجد أن هناك أللوانا يتم تداولها في محلات الخياطة تسيء للذوق العام.

التوقف بشكل نهائي
وقد حذرت وزارة التجارة والصناعة الأسبوع الماضي جميع أصحاب محلات الخياطة من استمرارهم في تجاوز الشروط والمواصفات المعروفة لدى الجميع، وقالت إنه تلاحظ لديها استمرار بعض المؤسسات والشركات التجارية في القيام بالتجاوزات التي تسيء للملابس والأزياء العمانية التقليدية ومن أمثلة ذلك الإساءة إلى الكمة والمصر والثوب الرجالي والعباءة النسائية من خلال خياطة أو رسم أو طباعة شعارات أو العلامات التجارية لأندية خارجية أو وضع رسومات مخالفة للذوق العام عليها أو من خلال الدمج بين تصاميم بين الكمة والمصر والعباءة بأشكال ونماذج تخل بمظهر هذه الأزياء العمانية التقليدية.
وطالبت الوزارة المؤسسات والشركات التجارية بالتوقف وبشكل نهائي عن مثل هذه التصرفات التي تسيء للملابس والأزياء العمانية التقليدية، وعدم بيع أو استيراد مثل هذه المنتجات، وأن الوزارة مستمرة وبالتعاون مع الجهات المعنية باتخاذ الإجراءات القانونية بشأنها.
وكانت وزارة التجارة والصناعة قد عمدت قبل بضع سنوات إلى تقنين بعض النوعيات والتطريزات للزي العماني والذي يعتبر شيئا مميزا من تراثنا التقليدي، وكان لهذه المتابعات صدى واسع في المجتمع، بحيث استبشر الجميع خيرا ولكن رغم ذلك مازالت عملية التلاعب بالزي العماني الأصيل مستمرة ومن قبل بعض ضعاف النفوس وناقصي الوعي من أبناء هذا الوطن بغية التقليد الأعمى وفرض أنماط دخيلة على مجتمعنا تنم عن تغريب ثقافي وهوة فكرية كبيرة، وأيضا من الأيدي العاملة الوافدة التي لا هم لها سوى التربح والمادي على حساب هويتنا وتراثنا.
(الوطن الاقتصادي) التقى محمود ابن عامر بن سالم الهطالي المدير العام المساعد للمديرية العامة للتجارة لاستيضاح تفاصيل المشكلة وما هي الخطوات التي ستقوم بها الوزارة خلال المرحلة القادمة خاصة بعد صدور إعلان التحذير الأخير رقم 10/2004 حيث قال: "إن الوزارة تسعى جاهدة من خلال إعلانها لمرات عديدة إلى مطالبة فيها كافة المؤسسات والشركات التجارية بالتوقف عن التجاوزات التي تسيء لبعض الملابس والأزياء العمانية التقليدية ومنها الكمة، المصر، الثوب الرجالي والعباءة النسائية، وذلك من خلال خياطة ورسم وطباعة شعارات الأندية العالمية عليها أو بوضع رسومات مخالفة للذوق العام، أو من خلال الدمج بين التصاميم والمتمثل بإدخال تصاميم (النقوش) الكمة على المصر أو على العباءة النسائية وغيرها من التصرفات التي تخل بمظهر هذ الزي العماني الأصيل".

تسويق غير قانوني
وأوضح الهطالي قائلا: "لله الحمد لم تصل هذه التجاوزات إلى مرحلة نسميها ظاهرة وهي تتداول في نطاق ضيق وليست بصورة علنية، حيث يتم تسويقها بصورة غير قانونية وبشكل فردي، وقد رصدت بعض هذه التجاوزات في بعض محلات الخياطة بولاية السيب وتم التعامل معها في ذات الوقت".
وفيما يتعلق بالعقوبات التي تتخذها الوزارة حيال ذلك أوضح محمود الهطالي في حالة ثبت لدينا أي تجاوزات في هذا الجانب فسنقوم في المرة الأولى بمصادرة المنتجات والسلع محل المخالفة وتحرير مخالفة للمحل وفي حالة تكراره لذات المخالفة تتخذ ضده الإجراءات القانونية لتمكين الوزارة من غلق المحل، وتقوم الوزارة كذلك بالتنسيق مع الجهات المعنية متى ما تطلب الأمر ذلك.
وأضاف أنه كما أسلفنا بأن الموضوع لم يصل إلى أن يكون ظاهرة وهو يحدث في أضيق الحدود وبشكل غير علني، ومن خلال إعلانات الوزارة المتكررة في هذا الجانب فهي ترسل من خلالها رسالة للجميع (المجتمع والمؤسسات الحكومية والخاصة) بأهمية التكاتف في منع هذه التجاوزات ونؤكد في هذا الجانب على دور الأسرة الكبير في حث ابنائهم على المحافظة على الزي العماني والتمسك بهويتنا الأصيلة التي تمثلنا أمام العالم، كما أن الوزارة على تواصل مستمر مع كافة الجهات المعنية متى ما اقتضت الضرورة لذلك.

ماضون في تكثيف برامج المراقبة
وأوضح المدير العام المساعد للمديرية العامة للتجارة هنالك بعض من المخالفات التي تم ملاحظتها في محلات الخياطة وقد تم معالجتها في حينه، والوزارة ماضية في مراقبة هذا الموضوع من خلال فريق التفتيش الموجود لديها، لكن يبقى الدور الأهم والأكبر على المجتمع عامة وأولياء الأمور والشباب خاصة في توعية ابنائهم بشأن أهمية المحافظة على الهوية العمانية في الملابس التي يرتدونها وعدم المساعدة في شراء أو تسويق مثل هذه المنتجات المخالفة. كما نؤكد على كافة المؤسسات والشركات التجارية التوقف وبشكل نهائي عن مثل هذه التصرفات التي تسيء للملابس والأزياء العمانية التقليدية وكذلك عدم بيعها أو استيرادها تلافيا لاتخاذ الإجراءات القانونية ضدها.

ظاهرة مسيئة
من جهته قال محمود بن راشد المطاعني مساعد مدير الدائرة القانونية للهيئة العامة لحماية المستهلك بأنه لوحظت لدينا هذه الظاهرة المسيئة للزي العماني والتي ينبغي على الجهات المختصة محاربتها بشكل فعال حيث حذرت وزارة التجارة والصناعة عدة مرات من التلاعب بالزي العماني كان آخرها الإعلان رقم 10/2014.
وأضاف أن دور الهيئة العامة لحماية المستهلك تم تحديده بموجب المرسوم السلطاني رقم 53/2011 والذي خلا من مثل هذه المسائل وإنما يكون دورها في السلع التي تعرض صحة وسلامة المستهلك للخطر, وكذلك فيما إذا كانت هناك ثـمة ممارسة مخلة كالغش والخداع والإعلانات المضللة وحمايته من تقلبات الأسعار, كما ينبغي التنويه إلى أن للهيئة دورا داعما ومتكاملا مع بقية الجهات الحكومية ومستعدة لأن توفر جميع إمكاناتها سواء على مستوى التعاون وإبلاغ الجهات المختصة بمثل هذه المخالفات أو عن طريق الوقوف معها لسن لوائح أو مواصفات خاصة باللبس العماني, وكذلك الحال فيما يخص توعية الوعي لدى جميع فئات المجتمع حول ضرورة الحفاظ على الزي العماني.

جزء من الهوية
وأشار مساعد مدير الدائرة القانونية للهيئة العامة لحماية المستهلك من أنه لابد أن ندرك جميعا بأن الزي لأي دولة يعتبر جزءا من الهوية والتراث, والمساس به يعتبر مساسا بهويتنا وتاريخنا, ومن هذا المنطلق نوجه دعوة إلى الشباب بأن يحافظوا على الزي العماني المميز والذي يتفرد بأناقته وجماليته الخاصة, وعدم الانصياع إلى مثل هذه الأفكار الدخيلة على مجتمعنا العماني المحافظ, حيث إن الحرية الشخصية في الملبس لها حدود معينة ينبغي على الشباب إدراكها وعدم تجاوزها, كما أن على الجهات الأخرى المعنية أن تمنع لبس الأزياء المخلة برونق الزي العماني في بعض الجهات كالمدارس والجامعات وغيرها من الجهات.
من جانبه أبدى عدد من المواطنين تحفظهم على ما يرونه من تشويه لهذا الزي والذي يعتبرونه استخفافا بالهوية الوطنية ورمز لعماني والذي يفتخر به، حيث قال طالب بن يحيى العبري إنه لا يقبل أبدا ما يراه من تشويه لهذا الزي والذي يعده استخفافا من خلال ظهور الرسومات والشعارات المسيئة للكمة، فيعمد بعض الشباب إلى طباعة شعارات الأندية الرياضية على الكمة ظنا منهم أنهم يشجعون فريقهم المحبب وهم مغيبون فكريا وغزت عقولهم أفكار دخيلة عن مجتمعنا.
وأضاف بأنه لا يقبل لأبنائه أن يلبسوا مثل هذه الأشكال من الكمة وحتى اللباس الضيق الذي يعمد الشباب للبسه، بحيث يقومون بتفصيل الدشداشة العمانية بطريقة تجعل منها وكـأنها لباس نسائي يفصل الجسم ويجعل من شكلها أضحوكة بين أفراد المجتمع، داعيا في الوقت ذاته إلى محاربة هذه الإساءة واتخاذ التدابير اللازمة حيالها.
فيما يؤكد سالم العوفي أنه لا يقبل إطلاقا ما يراه تشويها للهوية العمانية لكونها جزءا لا يتجزأ من الفخر والاعتزاز لدى العمانيين وهو واجب على الجميع حيث يجب أن تنطلق حملة من البيت ومن ثم المدرسة والمجتمع إلى أن تتكاتف الجهود ونصل لدرجة أن نقصي هذا التشويه ونبعده تماما عن تقاليدنا وموروثاتنا.
أحمد بن سالم الحضرمي أوضح أننا ومنذ نشأتنا الأولى تعودنا وتربينا على زينا التقليدي العماني هذا، فمجرد الإضافة على هذا الزي يصبح منقوصا من شكله الأنيق الذي تعودنا عليه ونرفض قطعا تغييرات تمس الدشداشة من خلال التوسعة أو التضييق الذي ربما يصبح معها الشكل كفستان الزفاف. وما نراه من تقليد لبعض أزياء بعض الدول يدل على غياب الوعي والثقافة لدى المجتمع والذي ينبغي أن يعلم ويدرك ضرورة الحفاظ على الهوية العمانية وغرس هذه القيم في أبنائه وأحفاده على مر العصور.

قرارات حبيسة الأدراج
عدد من المواطنين الذين أبدوا انزعاجهم من عدم تطبيق بعض القوانين التي تصدر من الجهات الحكومية ولا تجد الحيز لتنفيذها حيث يقول سالم العمري إن القرارات التي تصدر من قبل الجهات الحكومية تظل في كثير من الأحيان حبيسة الأدراج وأذكر بالأخص القرار الصادر منذ بضع سنوات والذي يمنع التلاعب في الزي العماني ولكن لم ير النور لتطبيقه، حيث لا توجد رقابة على المحلات التجارية العاملة في مجال تفصيل الدشداشة والكمة العمانية، وأقرب مثال على ذلك الألوان المستخدمة حاليا في تصميم وتطريز الكمة العمانية والتي تتعمد طباعة شعارات الأـندية والفرق الأجنبية، بالإضافة إلى الزي العماني (الدشداشة) المخصرة الضيقة والتي تشبه إلى حد كبير الملابس والأزياء النسائية، ولم نجد على أرض الواقع من يقوم أو يردع هذه المحلات من التشويه المستمر لزينا الأصيل.

غياب الثقافة
كما تضيف سعاد بنت سالم أن غياب الثقافة والوعي لدى المجتمع بأهمية هذه الأمور وترك الحرية لهم في تفصيل ملابسهم وهو ما يجعل الأبناء يتمادون بشكل كبير ويؤدي إلى غياب الهوية والثقافة الاجتماعية مما ينتج لنا جيلا بعيدا كل البعد عن ثقافته وعاداته وتقاليده والتي قطعا لا يمكن المساس بها.
أما سعيد السالمي فأوضح بأن بعض الألوان المستخدمة في الدشداشة العمانية تعتبر شاذة بحيث تشعرنا للوهلة الأولى بأنه زي نسائي ولا يرقى بأن يكون رجوليا مما يفتح المجال للتساؤل: من سمح لمحلات الخياطة والتطريز باستخدام هذه الألوان من الأقمشة وكذلك ما هو الوعي الموجود في المجتمع بحيث لا ينكر ارتداء ولبس مثل هذه الألوان الشاذة والمخالفة للذوق العام؟.
وبين هذه التصريحات والآراء نجد ما يجمع بينها بضرورة المحافظة على الزي العماني من (كمة، دشداشة، مصر، وملابس نسائية) ما يجعلها محل افتخار واعتزاز لدينا كعمانيين وبالتالي تنتقل هذه الثقافة والوعي لأبنائنا وأجيالنا المستقبلية.