على افتراض المواطن القاضي
لا أدري إن كان مصطلح المواطن القاضي يمكن أن يطلق على كل مستخدمي وسائل التواصل الإجتماعي وبالأخص تويتر والفيس بوك وهل يمكن أن يكون في نفس دفة مصطلح المواطن الصحفي ، هذا المصطلح الذي خرج مع ظهور وسائل التواصل الإجتماعي والتي جعلت كل مواطن صحفي في نقله للخبر بغض النظر إن كان صحيحا من عدمه وتبعات ذلك .
ولكن ما قصدته بنفس الدفة هو أن مصطلح المواطن الصحفي يمكن أن يُطلق على جميع من ينقل الأخبار ويحللها سواء كانت صحيحة من عدمها كما هو حال الصحافة بشكل عام فهناك بعض الأخبار قد تكون صحيحة وهناك أخبار غير صحيحة وتنشر لغرض ما وهناك من يؤكد وهناك من ينفي ويبقى الصحفي هو من يتحمل تبعات ذلك وتتشابه مهامه مع مهمة الصحفي الواقعي أو الذي يمتهن الصحافة إلى حد كبير، ولكن هل يمكن أن نطلق على مستخدمي وسائل التواصل الإجتماعي مصطلح المواطن القاضي أو بمعنى آخر هل كل مواطن صحفي هو مواطن قاضي ؟! ، وهل يمكن اعتبار هذه الوسائل محكمة الشعب الإفتراضية كما هي أيضاً صحيفة الشعب الإفتراضية ، ما هي القوانين التي تستند عليها هذه المحكمة ، وهل أحكامها تؤخذ بعين الإعتبار ، وهل تستمر هذه المحكمة للمحاكم النهائية أم أنها تتوقف بظهور موضوع آخر فتبقى مجرد تراشقات بين هذا وذاك... أسئلة كثيرة بدأت تنهال على رأسي ما أن فكرت الكتابة عن المواطن القاضي .
نعم يمكن أن يكون المواطن قاضيا في العالم الإفتراضي ولكن لا يمكن مساواته بالمواطن الصحفي لأن المواطن القاضي يختلف عن القاضي الحقيقي بينما صحفي العالم الإفتراضي هو كالصحفي الواقعي ، فالمواطن القاضي لا يمكن أن يصدر أحكاماً نهائية ، وفي أحيان كثيرة تكون القوانين هي المباديء والضمير وهذا ما لا يوجد في القوانين الوضعية الذي يستند عليها القاضي وأن كانت قد ذُكرت في القوانين الإلهية ، كما أنه في أحيان كثيرة تكون المحاكمة في وسائل التواصل مجرد تصفية حسابات شخصية فلا تكون لدية حجة قوية أو يستخدم مصطلحات تخرجه من عباءته والتي كان قد ارتداها من باب محاربة الفساد والوطنية.
وفي مواقع التواصل الإجتماعي الكثير من الأسماء المستعارة قد تكون صاحبة قضايا فساد ولكنها تخرج عندما تكون القضية ضد شخص آخر أو أنها توقف مع نفسها للدفاع عندما يكون الموضوع ضدها فيعتقد البعض أنها صاحبة مبدأ ومنطق وقد ينجر وراءها الكثيرون الذين لا يملكون مبادىء حقيقة ويؤثر بهم من لديهم القدرة على تسطير كلمات مؤثرة.
الكثير من القضاة في العالم الإفتراضي ومن يتواجدون بأسمائهم الحقيقة يختفون عندما تكون القضية ضدهم وما أن يبرد النقاش يظهرون مرة أخرى ليشاركوا كقضاة في قضية فساد ند (سحابة صيف) .
محكمة الشعب في العالم الإفتراضي نادراً ما تمشي مع القضية للآخر فالمتتبع لكثير من القضايا المحلية والتي كانت قد أثيرت في وقت سابق ، كانت كالغبار الذي أثارته ريح لبعض الوقت ولكن ما أن تظهر قضية أخرى يتلاشى الغبار في تلك البقعة الذي أثير حول قضية ما وينصب الإهتمام حول الموضوع الجديد دون الخروج بحل نهاية معينة حول القضية الأولى .
القضاء الإفتراضي بعيد عن المصداقية فهناك الكثير من الخطوط التي وضعها القاضي حتى يحمي نفسه مما قد يكون بعد هذا وذاك فتكون محكمة الشعب أقرب إلى الخسران منه إلى الإنتصار ما إذا لم تكسر تلك القيود ، والمتهم ليس هناك ما يجبره على الإجابة إلا إذا أراد هو بنفسه ذلك.
أرى أنه من الصعب أن نطلق على مصطلح (المواطن القاضي) في الوقت الراهن إلا إذا تفاءلنا وظهرت قوانين تكون لمصلحة القاضي الإفتراضي ، إذن المساواة غير عادلة بين المواطن الصحفي والمواطن القاضي وما نراه في عالم تويتر والفيس بوك مجرد قضايا يتم تسليط الضوء عليها يديرها فريقان مع وضد وتنتهي بنهاية مفتوحة.

خولة بنت سلطان الحوسنية @sahaf03