[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
تحاول الولايات المتحدة أن تغير من صفتها المعروفة كمحتل للعراق إلى "حبيب" له، كما تقدم نفسها كمخلص له من أكبر أزماته المعروفة اليوم بوجود "داعش" على أراضيه. مهما بدلت أميركا من جلودها سيظل لها اسمها القديم كاستعمار احتلالي.
تحشد أميركا في فرنسا لقيادة حرب غامضة حتى الآن .. أو ليس فيها من الوضوح سوى ذلك التهديد على لسان الرئيس أوباما من أن النار السورية إذا ما أطلقت على الطائرات الحربية الأميركية فلسوف تقوم أميركا بتدمير بطاريات الدفاعات الجوية السورية كلها. تهديد كهذا يعني أن الأميركي لديه قابلية اختراق المجال الجوي السوري دون إذن مسبق مما دفع المستشارة الإعلامية للرئيس الأسد بالقول صراحة إن بلادها ستتصدى للطائرات الأميركية التي تدحل الأجواء السورية بدون إذن مسبق.
هذا العالم الأميركي ومثيله عندما يقدم نفسه كمخلص فلا ينسى أبدا صفته التي رافقته كمحتل وكصاحب مشروع استعماري وكمساهم فعال في الحرب على سوريا، بل لعله الأنشط الذي يقدم للمسلحين السوريين الإرهابيين جل ما يحتاجونه إن عبرها مباشرة أو بغمزة العين لأي من الدول العربية أو غير العربية التي تدين بالولاء لها.
لا بد من التنبه إذن لهذا الحشد الباريسي الذي قرر كله مقاتلة "داعش" وهو لا يعرف كيف ومتى، سوى أن الأوراق التنفيذية ما زالت في جيب الأميركي، هذا إذا اقتنعنا بأن هذا الأميركي يملك السحر الذي سيجهز به على أكبر عدو احتاج لهذا التحالف الكبير والعريض، وهو سحر لا نعلم ما إذا كان يصلح للأرض أم للسماء وحدها. فرق كبير بين المفهومين .. تستطيع الطائرات أن تحصد بالجملة لكنها لا تنهي دولة أو تنظيما أو قوة ..
أما السؤال الذي يرافق هذا الحشد فهو: لماذا تصر الولايات المتحدة عليه وهي وحدها من يمكنها الفصل في المسألة طالما أن أوباما يهدد بتدمير الدفاعات الجوية السورية؟ من يملك هذا الرد ويتباهى به، يمكنه شطب أية قوة على الأرض مهما كانت قوتها ووضعها.
لكننا نخاف أن يكون التأخير في أي عمل عسكري ضد "داعش" مجرد إيعاز لهذا التنظيم كي يأخذ احتياطاته وأن يتأبى وجودا علنيا، مثلما كشفت المعلومات أن منطقة الرقة ودير الزور قد فرغت تقريبا من العناصر الداعشية التي لجأت إلى أماكن بعيدة تحمي به نفسها وربما الحال نفسه في مناطقه بالعراق. فلا يبقى سوى أن يقوم الطيران الأميركي بعمليات استعراضية لا هدف لها سوى الشكل فقط.
ثم نخاف أيضا أن يكون هذا التجمع هو غمزة في اتجاه آخر من "داعش"، اختراع حالة من أجل التصويب على حالة أخرى.
لا يثق العرب وخصوصا أهل العراق بالأميركيين بعدما جربوهم على مدى ثماني سنوات تقريبا. وكذلك الحال مع سوريا ومجمل أبناء المنطقة العربية. سيظل الأميركي على وضوحه، بعيدا كلما اقترب، ومهما حاول تقديم نفسه، تبقى أهدافه الخاصة مرسومة على كل لفتة منه أو كل إيماءة. رغم تجاربه، ما زال يعتقد أن العرب لا يقرأون، وبالتالي ليس لهم ذاكرة فهم ينسون ويمكن إعادتهم إلى الكنف ساعة نشاء.