هناك الكثير من الناس متفائلون ، وأنا من الذين يميلون إلى التفاؤل في حياتهم .. لذا نعتقد أن المرحلة القادمة ، والمؤشرات توحي بأن هناك تغييرا ورغبة صادقة على الأقل لمراجعة بعض السياسات ، ومعالجة الأخطاء التي أدت إلى تعثرها ، وتأخر بعض المشاريع والبنية الأساسية التي كان يجب أن تقام في وقتها ، وساهمت في حالة الارتباك التي نعيشها الآن لعدم وضوح الرؤية والتخطيط آنذاك.
والمأمول الآن هو أن نمضي في طريق التحديث الجذري بجدية وأمانة وأن نعجل باتخاذ مزيد من الخطوات العملية والإيجابية التي تقود إلى مزيد من العمل الناجح والمثمر سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، لأنه لا مصلحة لمواطن في أن يرى بلده تتأخر عن الركب بأي حال من الأحوال.
وكل ما نتمناه هو أن نلمس خطوات عملية في المشاريع الكبرى وبناء الأنفاق والجسور والموانئ والمدن الجديدة بعيدة عن العواصم ، وتوصيل المياه والكهرباء وربطها بشبكة طرق ونقل عام على أعلى المواصفات، كما علينا الإسراع في بناء مدن صحية وتعليمية وصناعية منتجة بمواصفات عالمية ، قبل أن نتضرر بما يدور ويجري حولنا مستقبلا.
فمحافظة ظفار ـ مثلا ـ في حاجة لمخطط شامل يرسم بطريقة حضارية خطوط وملامح مدنها وقراها ، فهي كنز لم يستغل حتى الآن ، ومخططاتها تحتاج لمراجعة وإعادة نظر في شوارعها ومرافقها العامة.
محافظة يمكن أن تسهم في دعم خزينة الدولة مثل النفط والغاز، ويمكن أن يفوق دخلها، السياحة..! من خلال بناء مدينة صحية متكاملة عالمية ، أي جعلها من مدن السياحة العلاجية لما تمتاز به من أجواء رائعة طول السنة ، وأيضا هي متنفس للسياحة العائلية من خلال الترويج السياحي والإعلامي ، وأيضا لا ننسى ميناء صلالة الذي يمكن أن يكون لإعادة التصدير والحاويات بشكل أكبر مما هو عليه الآن ،لموقعه الجغرافي الجذاب والقريب من القرن الأفريقي والقارة الهندية وآسيا ، وبناء مدينة صناعية لإعادة التصدير ، بالإضافة إلى إيجاد مصانع لمشتقات النارجيل واللحوم والأسماك والفواكه ، ولو بأطنان قليلة ..!
كما يمكننا بناء مدينة رياضية في احد الجبال ، لاستغلالها في جذب الفرق العربية والعالمية واقامة المعسكرات، وتطوير الزراعة من خلال زراعة انواع من الفواكه بدلا من استيرادها، والتي نجح مواطنون في زراعتها، وهناك أراض في البادية يمكن استغلالها وهناك أيضا قرى قديمة يمكن تطويرها للسياحة، وهناك شواطئ تحتاج لاكتشافها واستثمارها، مع بناء مدن جديدة بمواصفات حديثة، والحفاظ على الاحياء القديمة لربط الماضي بالحاضر، ولا نلغي احياء قائمة بملامحها الحضارية والتاريخية ، لاسباب معروفة او مجهولة ، فيكون ما ينفق بعد ذلك هدرا للمال العام.
وفي كلا الأحوال والواقع ، فإن التعصب والجهل هما اللذان يقودان إلى خروج البعض ويقول في السر أو العلن أن الكتاب لا يفقهون شيئا، عندما يكتبون أو يتحدثون ، فاخرج لنا أيها العالم بخفايا الأمور لنعرف الحقيقة والمخططات .!
نحن على يقين تام بأن الحكومة ، ستعير المحافظة جل اهتمامها في هذه المرحلة لإعادة تخطيطها وتنميتها بالشكل المرضى لتكون واحدة من أكبر المدن رقيا وجذبا على مستوى المنطقة وليس السلطنة فقط ، لتحقيق مكاسب اقتصادية ومالية من موقعها الاستراتيجي.
فخلال العقود الأربعة الماضية ، أنفقنا الكثير من الأموال، وأرسينا العديد من المشاريع التنموية، ومع ذلك ما زلنا في حاجة لمشاريع عملاقة تكون رافدا لدخل المواطن وخزينة الدولة ، ولكي تحقق الخطط النتائج المرجوة، فلابد أن تكون الأهداف موضوعة على أسس واقعية تمكننا من الاستفادة من الموارد المتاحة وإدارة العمل بشكل صحيح ، خاصة وأن السلطنة حباها الله بمقومات عديدة لنجاح أي مشروع.
باعتقادي أننا إذا أردنا أن تكون المحافظة مركزا رياضيا وسياحيا وعلاجيا وتصديريا ، فيجب أن تعاد صياغة تخطيطها ليتناسب مع المرحلة القادمة وكما قال العالم الأميركي "آلن كاي" أفضل الطرق لاستشراف المستقبل هي أن نخترعه بأنفسنا وهي دعوة واعية لأن يشارك الإنسان في صناعة مستقبله .. وآخر قطره من الحبر نقول "عندما تصدق النوايا .. فإن كل شيء يصبح ممكنا بعد ذلك".. ومع ذلك ما زلنا متفائلين.!

د . احمد بن سالم باتميرة
[email protected]