لندن ـ وكالات: وعد قادة الأحزاب البريطانية الثلاثة الكبرى أمس بمنح البرلمان الاسكتلندي مزيدا من السلطات في حال رفض الاستقلال قبل يومين على استفتاء تاريخي حول استقلال اسكتلندا.
ونشر هذا الوعد الذي يكرر التزامات قطعت سابقا في الصفحة الاولى للصحيفة الاسكتلندية اليومية ديلي ريكورد بعنوان "التعهد" بأحرف كبيرة.
وأكد النص "اننا متفقون على ان البرلمان الاسكتلندي دائم وعلى منحه سلطات جديدة موسعة". واضاف "الناس يريدون التغيير، والتصويت بالرفض سيجيز تغييرا أكثر سرعة وتأكيدا وأفضل من الانفصال".
وعرضت المقالة جدولا زمنيا لتطبيق اعلان السلطات في الاسبوع الفائت تقديم سلطات جديدة، بعد ان رجحت استطلاعات رأي تقدم مؤيدي الاستقلال.
وسرعان ما رد رئيس حكومة اسكتلندا ورئيس معسكر الاستقلال اليكس سالموند على النص معتبرا انه "عرض يائس فارغ في اللحظة الأخيرة".
وصرح عبر اذاعة بي بي سي اسكتلندا ان النص "لن يردع سكان اسكتلندا عن اغتنام الفرصة الضخمة لوضع مستقبل اسكتلندا في يديها الخميس المقبل".
كما رد متحدث باسم المعسكر الاستقلالي قائلا "من الجلي أن معسكر الترويع مستعد لقول أي شيء في الايام الاخيرة من الحملة في مسعى لوقف تقدم التأييد".
واضاف "في الحقيقة ان الطريقة الوحيدة لضمان حصول اسكتلندا على جميع السلطات التي تحتاجها هي بالتصويت تاييدا الخميس".
ونشر "التعهد" غداة الزيارة الاخيرة لرئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الى اسكتلندا للدفاع عن وحدة المملكة المتحدة.
ففي خطاب ألقاه في قصر المؤتمرات في مدينة ابردين، الميناء النفطي في شمال شرق اسكتلندا، قال كاميرون "ابقوا لو سمحتم" و"أرجوكم الا تفككوا هذه العائلة"، ووجه الى مستمعيه مزيجا من المديح والتهديدات المبطنة والوعود.
وامام 800 شخص من المؤيدين لبقاء المنطقة الشمالية من ضمن المملكة المتحدة، اشاد كاميرون بجميع الانجازات في 307 اعوام بعد اتفاقية الاتحاد، في مجالات العلوم والادب والرياضة وغيرها.
ثم وجه انذارا: "لن يكون هناك مجال للعودة" في حال صوت الاسكتلنديون لصالح الاستقلال، ولن تكون هناك لا عملة موحدة ولا نظام تقاعد موحد ولا جوازات سفر موحدة.
وقال، ادراكا منه للتصويت ضد المحافظين عموما في هذه المنطقة الراسخة يسارا، "ولو كنتم لا تحبونني، فأنا لن ابقى هنا الى الأبد".
ولم يلتق كاميرون الحشود في زيارته الى ابردين، وألقى خطابه في قاعة مركزية لم يعلن عن موقعها قبل العصر.
في لندن تظاهر الآلاف من مناصري بقاء اسكتلندا ضمن المملكة المتحدة، واتجهوا عصرا نحو ساحة ترافالجار. وارتدى بعضهم الكيلت (التنورة التقليدية الاسكتلندية) فيما رفع آخرون اعلام اسكتلندا والمملكة المتحدة، ولافتات كتب عليها "اسكتلندا، لا ترحلي، نحن نحبك".
كما ان معسكر رافضي الاستقلال يمكنه الاعتماد على دعم لاعب كرة القدم ديفيد بيكهام الذي دافع عن المملكة المتحدة وعن وحدة مناطق "يحسدنا عليها العالم بأسره".
وكتب كابتن المنتخب الوطني سابقا في رسالة مفتوحة نشرتها حملة "معا افضل"، "ما يجمعنا أكبر بكثير مما يفرقنا. فلنبق معا".
وقبله صرحت الملكة اليزابيث الثانية التي تمتنع عن التدخل رسميا في الحملة، بعد حضور قداس قرب مقرها الصيفي في بالمورال باسكتلندا "آمل ان يفكر الناس مليا في مستقبلهم".
ومع اقتراب موعد الاستفتاء الخميس، بات الفارق ضئيلا جدا بين المعسكرين، ولو ان الرافضين ما زالوا في الصدارة بنسبة متدنية في ثلاثة من استطلاعات الراي الاربعة التي جرت في نهاية الاسبوع.
وسعى سالموند الى اقناع المسؤولين الاقتصاديين في ادنبره بفواشد الاستقلال، امام التحذيرات التي اصدرتها الاوساط المالية.
واتهم الحكومة البريطانية بتنظيم حملة سلبية مكررا ان هدفه هو انشاء اسكتلندا "اكثر ازدهارا" و"اكثر عدلا" في ان. وتلقى سالموند دعم حامل جائزة نوبل للاقتصاد جوزيف ستيجليتز الذي اعتبر ان "حملة التهويل الجارية بلا اساسات كثيرة".
وفي ذات السياق اعربت الولايات المتحدة عن املها في ان تبقى حليفتها بريطانيا "موحدة" وذلك قبل الاستفتاء.
وقال المتحدث باسم البيت الابيض جوش ارنست ان واشنطن تحترم حق الاسكتلنديين في ان يقرروا مستقبلهم بأنفسهم في استفتاء الخميس لكنها تأمل في ان تبقى حليفتها بريطانيا "قوية وموحدة".
ويعكس هذا الموقف القلق الاميركي من ان يؤدي استقلال اسكتلندا المحتمل بعد 300 سنة من الاتحاد مع انجلترا الى اضعاف حليفة واشنطن الاساسية في حلف شمال الاطلسي وفي مجلس الامن الدولي.
واضاف ارنست "هذا القرار يتخذه شعب اسكتلندا".
واضاف "نحن نحترم بالتأكيد حق الاسكتلنديين في صنع قرارهم بموجب هذه الخطوط، لكن لدينا مصلحة في بقاء مملكة متحدة قوية وموحدة وشريكا فعالا".