حلقة العمل المتخصصة التي نظمتها وزارة السياحة أمس تحت عنوان "اكتشف عُمان" بحضور المسؤولين والمختصين بالوزارة وممثلي مؤسسات ومنشآت القطاع السياحي العماني بالإضافة إلى حوالي 75 مشاركًا من منظمي الرحلات السياحية ومشغلي شركات السفر والسياحة في الهند الذين تستضيفهم الوزارة، تعد من الأهمية بمكان، حيث إن مثل هذه الحلقات تمثل حالة صحية بين المعنيين بالقطاع السياحي من أجل تنسيق الجهود والسير بهذا القطاع قدمًا، ومناقشة كل ما يعتريه من معوقات بصورة تفصيلية وبأريحية وشفافية بهدف وضع خطوات ومراحل الانطلاق بالقطاع السياحي، وبناء سياحة وطنية جاذبة داخليًّا وخارجيًّا بما ينعكس إيجابًا على الاقتصاد الوطني.
والتوجه الذي اتبعته وزارة السياحة بالبحث في أسواق السياحة وآليات استقطابها للترويج والاستثمار يعتبر توجهًا جيدًا وجديدًا سوف تنعكس ـ بلا ريب ـ آثاره ونتائجه بصورة ملموسة على ازدهار القطاع السياحي وعلى اقتصادنا الوطني، حيث الاتجاه نحو استقطاب السوق الهندية التي تعد من أكبر الأسواق المصدرة للسياحة، لا سيما وأن هذه السوق ـ وحسب تأكيد سعادة وكيلة الوزارة ـ تكتسب أهمية كبرى لدى مؤسسات القطاع السياحي في السلطنة بما يعرف عن هذه السوق بأنها سوق سياحية صاعدة تسهم في حركة سفر وسياحة ضخمة وبمعدلات إنفاق عالٍ في الجانب السياحي وفي عدد من الجوانب الثقافية والحضارية الأخرى المرتبطة بها مثل تصوير الأفلام السينمائية في أكثر من بلد وإقامة حفلات الزواج في الخارج وغير ذلك.
ما من شك أن بلورة رؤية أو استراتيجية سياحية واضحة تخدم تطلعات السلطنة نحو صناعة سياحة عمانية ناجحة بكل المقاييس بما يحقق برامج التنمية الشاملة، ويحقق كذلك توجه السلطنة نحو تنويع مصادر الدخل، ولذلك فإن متابعة وزارة السياحة شركات ومؤسسات قطاع السياحة العماني ومنظمي الرحلات السياحية ومشغلي شركات السفر والسياحة، وتنسيق الجهود، والبحث في الوسائل والسبل التي تخص هذا القطاع والوقوف على معوقاته بالتذليل الناجح وعلى مقومات إثرائه، أمر ضروري ويأتي في إطار الصالح العام والعمل التكاملي البنَّاء، وبالتالي فإن مثل هذه المناقشات ستلعب دورها في استمرار إجراء الإضافات والتعديلات على الخطط الموضوعة في هذا الشأن لإحكام المسار حول الترويج والاستثمار السياحي وجذب السياح، والاستفادة من التقنيات الحديثة ووسائل الاتصال والتكنولوجيا في عمليات الترويج السياحي وجذب الاستثمارات، وتنشيط حركة السياحة بشكل عام.
ويبقى الدور الأكبر في عمليات التنشيط والجذب السياحييْنِ منوطًا بنشاط القطاع السياحي من خلال المؤسسات والشركات المختصة والذي ينال من الرعاية وجهود تذليل العقبات الكثير، حيث إن الطموحات المعلقة على هذا القطاع كبيرة بمضاعفة أعداد السياح والمستثمرين، وإعداد دراسات ومؤشرات ترصد المتغيرات والاحتياجات اللازمة لتطوير القطاع السياحي، فلا يزال لدى الحكومة الكثير من الحوافز لتشجيع الاستثمارات الخاصة المحلية والأجنبية وهي مستمرة في اتخاذ العديد من التدابير والإجراءات والتشريعات التي تهدف إلى تطوير الإطار التنظيمي والقانوني للقطاع السياحي وقوانين الاستثمار والضرائب وتطوير قطاع المال وتبسيط الإجراءات.
والسياق ذاته لا يقتصر على القطاعين العام والخاص، وإنما يتعدى ليشمل المواطن الذي تقع على عاتقه مسؤولية كبرى ودور لا يقل أهمية في إنجاح السياحة الداخلية، بأن يكون أحد العناوين إن لم يكن العنوان الرئيسي في إظهار والتأكيد على ما يمتلكه من تاريخ حضاري وعادات وتقاليد وإرث في احترام الآخر ومن كرم ووفادة وتقدير وتسامح، ورفض كل ما يعاكس ويضاد ذلك، فاكتشاف عُمان يبدأ من الداخل ومن الذات العمانية.