لا يكاد يخلو عدد من صحفنا الرسمية وغير الرسمية من إعلان لهروب أحد عمال أو عاملات المنازل من المواطن الكفيل فقد ازدادت هذه النوعية من الإعلانات في الآونة الأخيرة لدرجة يمكن اعتبارها ظاهرة طرأت على مجتمعنا العماني تستحق الدراسة والتحليل والبحث عن الأسباب والحلول.
بالتأكيد هذه الظاهرة ليست محلية فقط بل تعتبر عالمية ومتفشية كذلك في منطقة الخليج بأكملها ولها الكثير من الأسباب قد تكون بسبب العامل نفسه أو الأسرة التي تؤويه فهناك بعض الأسر تسيء معاملة العمال والعاملات لديها مما يضطرهم للهروب .. في المقابل نرى أن هناك بعض العمال يهربون بحثا عن المزيد من المال أو نتيجة غواية من أشخاص آخرين بل وقد يرتكبون جرائم في حق الكفيل كمعاملة الأطفال بصورة سيئة أو السرقة وقد يصل الأمر لحد القتل في بعض الأحيان.
لاشك أن العاملة في المنزل أصبحت في وقتنا الحالي ضرورة نتيجة خوض المرأة لمجال العمل ومشاركتها في تنمية المجتمع لذلك فإنها تجلب العاملة لتحل محلها في رعاية المنزل والأطفال بصورة مؤقتة في الفترة التي تكون فيها خارج المنزل ثم تعود لتربي أبناءها على القيم الأصيلة وتعويض النقص فيما يخص شئون البيت .. إلا أن هناك عاملات يخن هذه الثقة ويسئن استخدامها ويهملن شئون المنزل ويعاملن الأطفال معاملة سيئة قد تصل لحد الضرب والإهانة والترهيب وعند توبيخهن يتركن المنزل ويهربن .. والأدهى والأمر فإن الكفيل مطالب بعد أن أنفق ما يتجاوز ألف ريال لجلب تلك العاملة بالإعلان عن هروبها على نفقته الخاصة ثم تسفيرها إلى بلدها ودفع ثمن التذكرة لها ولا تعاقب هي على أي ذنب اقترفته ويتكبد الكفيل كافة النفقات ثم يبدأ رحلة البحث عن بديل وهكذا.
نحن لا ننكر أن هناك بعض المواطنين يسيئون معاملة الخدم وهو ما يدفع بالعامل أو العاملة لإرتكاب جرائم ردا على تلك المعاملة السيئة أو الهرب والأمثلة على ذلك كثيرة وتمتلئ بها المواقع الإلكترونية .. والسؤال الذي يفرض نفسه ما هو الحل لكي يحصل كل من الكفيل والعامل على حقوقه ؟.
إن الأمر هنا يحتاج إلى طرف ثالث محايد يحكم بينهما بالعدل .. ولقد صدر من قبل قرار وزاري بتشكيل لجنة لدراسة مطالب واحتياجات مكاتب استقدام القوى العاملة واقتراح الحلول المناسبة لها ثم رفع تقرير اجتماع اللجنة لمعالي وزير القوى العاملة لاتخاذ اللازم بشأنه ونرجو تفعيل دور هذه اللجنة .. كما نرجو من وزارة التنمية الاجتماعية أن تقوم بعمل الدراسات اللازمة للبحث عن حلول تقضي على هذه الظاهرة المؤرقة وتوعية المواطنين بخطورتها وحثهم على معاملة الوافدين معاملة طيبة حتى لا يتكبد الكفيل الكثير من الأموال دون فائدة.
إن بلادنا الحبيبة تفتح ذراعيها دائما لكل من يريد أن يساهم في نهضتها وينعم بخيراتها والشعب العماني يتميز بحسن الضيافة والكرم وحكومتنا الموقرة تصون حقوق الأجانب وتتعامل معهم بحكمة وكأنهم مواطنون طالما التزموا بالقانون والشرعية .. لذلك نتمنى أن تختفي ظاهرة هروب العمال والعاملات حتى ينعم مجتمعنا بالاستقرار والأمان.

* * *
الباحثون عن السراب
بين اليوم والآخر تطالعنا وسائل الإعلام المختلفة عن وقوع عشرات وأحيانا مئات من ضحايا حلم الهجرة غير الشرعية الذين غالبا ما يصطدمون بالواقع المرير فإما يتم القبض عليهم من قبل الحكومات التي هاجروا إليها أو يلقوا حتفهم غرقا .. وآخر هؤلاء الباحثين عن جنة الفردوس ما أعلنت عنهم المنظمة العالمية للهجرة بأن حوالي 500 مهاجر لقوا حتفهم بعد ارتطام قاربهم بقارب آخر بالقرب من مالطا وكانوا مهاجرين سوريين ومصريين وفلسطينيين وسودانيين من بينهم نساء وأطفال.
بالطبع هذه الحادثة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة بل وقعت كثيرا لدرجة أن الحكومة الإيطالية أعلنت أن إجمالي عدد المهاجرين إليها منذ بداية العام وصل لأكثر من 100 ألف مهاجر إلا أن الغريب في هذه الحادثة هو أنها تمت عن عمد ومع سبق الإصرار والترصد حيث قام المهربون بإغراق القارب الذي يقل المهاجرين وكأنهم أرادوا التخلص منهم بعد أن أخذوا منهم مبتغاهم وهو الأموال التي جنوها مقابل عملية التهريب.
إن الهجرة غير الشرعية زادت في السنوات الأخيرة إلى أوروبا خاصة تلك القادمة من دول شمال أفريقيا ويرجع ذلك لأكثر من سبب يأتي على رأسها البطالة التي يعاني منها الشباب الذين تنتابهم رغبة ملحة في الحصول على أي وظيفة حتى ولو كنس الشوارع في الدول الأوروبية ويعتقدون أنهم سوف يحققون منها حلمهم بالثراء السريع .. بالإضافة إلى ما تعاني منه المنطقة العربية والأفريقية من صراعات سياسية وحروب أهلية وأزمات اقتصادية شجعت أهلها على الفرار منها والبحث عن وطن بديل.
الغريب أن هؤلاء المهاجرين ينفقون أموالا طائلة مقابل عملية التهريب التي تتكلف كثيرا فنسمع عن قصص من اقترض أو من باع سيارته أو ذهب أمه أو أرضه أو منزله أو حتى أثاث بيته لكي يمنحها للوسيط حتى يسافر إلى بلاد الفرنجة .. فهل تستحق فعلا تلك الرحلة المخاطرة بالأرواح والأموال ؟.. وهل من نجح فيها حقق حلمه ؟.
لاشك أن المهاجرين عندما يستقلون قوارب الموت التي عادة لا تحمل وسائل إنقاذ لا يتوقعون الفشل بل يسيطر عليهم حلم الوصول لجنة الفردوس والراحة والثراء متناسين أن الإنسان إذا لم يجد الراحة في بلده فلن يجدها في أي بلد في العالم وأنه لو عمل بجد في وطنه مثلما سيعمل في الخارج حتى ولو في وظائف متواضعة فإنه سوف ينهض ببلده ويساهم في تنمية مجتمعه
إن الهجرة غير الشرعية لا تمثل خطرا على المجتمع الدولي بأكمله فالدول الغنية تتسبب الأعداد التي تفد إليها بطريقة غير شرعية في حدوث أزمات اقتصادية واجتماعية وأمنية والدول الفقيرة يتركها شبابها ويتخلون عن بنائها فتظل نائمة في الظل لأن الأوطان لا تبنى إلا بسواعد أبنائها وبالتالي فإن هروب السواعد الفتية يترك تلك الدول فريسة للجهل والتخلف.
نحن لا ننكر على الشباب الحلم بالنجاح والثراء والرفاهية والعيش الكريم ولكن يجب أن يحققوا ذلك في أوطانهم بالعمل والكد والتعب وإذا كان المردود الاقتصادي متواضعا بالنسبة لما يحلمون بتحقيقه في الخارج فإن الأمل في الغد كبير وبسواعدهم وإصرارهم على الارتقاء ببلدهم سيحقق لهم حلمهم في حياة أفضل .. أما اللجوء للهجرة غير الشرعية فإنهم سيكونون كمن يلهث وراء السراب الذي قد يدفعون حياتهم ثمنا للحصول عليه.
لاشك أنه لكي تحل مشكلة الهجرة غير الشرعية فلابد أن يتم استئصال السبب من المنبع فتعمل الدول النامية التي يهاجر منها شبابها على توفير فرص عمل ملائمة لهم وتحرص على تحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي والأمني وتجند وسائل إعلامها لتوعية الشباب بمخاطر الهجرة غير الشرعية وأهمية بقائهم في أوطانهم وحاجته لكل ساعد يعمل على تنميته وإعلاء شأنه.

* * *
حروف جريئة
* تنفس كل مواطن عماني الصعداء عندما انتهت قضية حكام كرة القدم فعيب على اتحاد الكرة أن يؤخر مستحقات الحكام ومن العيب كذلك الاستعانة بقضاة ملاعب من خارج السلطنة ليديروا الدوري العماني .. نتمنى ألا تتكرر المشكلة مرة أخرى ويحرص اتحاد الكرة أن يعطي الأجير حقه قبل أن يجف عرقه كما قال رسولنا الكريم.

* الحديقة الوطنية الإسرائيلية شكل جديد من أشكال تهويد مدينة القدس الشرقية المحتلة والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية دون وجه حق حيث ستصادر 700 دونم لإقامة تلك الحديقة .. فهل يفيق العرب والمجتمع الدولي ويوقفون بني صهيون عند حدهم ويمنعون نهب الأراضي الفلسطينية ؟.

* بعد أن كان يتنافس تنظيما القاعدة وداعش على زعامة الإرهاب لدرجة الاقتتال بينهما قرر القاعدة الوقوف بجانب داعش عدوه اللدود بعد أن أعلن التحالف الدولي بقيادة أميركا نيته القضاء عليه حيث دعا فرعا القاعدة في المغرب الإسلامي وجزيرة العرب تحت شعار الحفاظ على الإسلام والمسلمين ضد الكفار واليهود .. بالتأكيد القاعدة شعر بالخطر لأن الدور سيأتي عليه بعد داعش ولكن أي يهود وكفار وأي نصرة للمسلمين التي يدعيها الإرهابيون فماذا قدموا للمسلمين سوى القتل والإصابات والتشريد وتخريب البلاد المسلمة التي تواجدوا فيها ونهب ثرواتها وإضعاف جيوشها.

* * *
مسك الختام
قال تعالى "فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك".

ناصر اليحمدي