بين ساحل ضباب و فنس بقريات
ـ حوادث الدهس على الطرق واضمحلال الغطاء النباتي ورمي المخلفات من الزوار والسياح تشكل هاجسا وتحديا
مسقط - العمانية : تزخر محمية رأس الشجر الطبيعية والتي تقع في المنطقة الواقعة بين ساحل ضباب و فنس بجنوب شرق ولاية قريات بمحافظة مسقط بتوفر العديد من الموارد الطبيعية والحيوانية والنباتية والجيولوجية فهي موطن للغزال والوعل العربي وأنواع متنوعة من الطيور والثدييات الصغيرة والطيور المستوطنة والمهاجرة فموقع المحمية الجغرافي يؤهلها لكي تكون محطة استراحة وإعادة تخزين للدهون أثناء عبور هذه الطيور من المناطق من آسيا وشرقها باتجاه المناطق القارية الجنوبية في القرن الأفريقي والسواحل الشرقية منها.
يقول الدكتور صلاح بن سعيد المحذوري مدير دائرة الشؤون البيئية بمكتب حفظ البيئة التابع لديوان البلاط السلطاني : يعمل مكتب حفظ البيئة على الاهتمام بهذه المحمية تنفيذا لاستراتيجيته خلال الأعوام القادمة عبر صون المحميات الطبيعية وحفظ مكوناتها الحيوية وبناء قدرات الكفاءات الوطنية في مجال إدارة المحميات وإنماء الحياة البرية وتطويرها باعتبارها الواجهة الأولى للترويج عن السلطنة وبيان جهودها الحثيثة في حفظ التنوع البيولوجي النادر من نوعه بالإضافة لإيجاد شراكات فاعلة ونوعية مع القطاعين العام والخاص لتطوير السياحة البيئية إلى جانب تعظيم دور التوعية والتثقيف البيئي على جميع الأصعدة والمستويات التعليمية والإعلامية .
وأضاف بأن المكتب وقع عدة اتفاقيات ومذكرات تفاهم مع مؤسسات تعليمية أكاديمية لتعزيز البحوث والدراسات العلمية في مجال حفظ البيئة كما وسع برامجه لتكون مع مؤسسات أكاديمية وبحثية مرموقة على المستوى المحلي والعالمي من أجل تكثيف البحوث على الكائنات الحية المعرضة لخطر الانقراض وبالخصوص مشروع دراسة الوعل العربي في محميتي السرين ورأس الشجر الطبيعيتين ومشروع الوعل النوبي بمحمية الكائنات الحية والفطرية بمحافظة الوسطى (محمية المها العربية سابقاً )، ومشروع الدراسات البحثية للغزال العربي " موضحًا بأنه تم تمويل المشروع البحثي للوعل العربي من قبل البنك الوطني العماني على مدار فترته البحثية وقد توصل الفريق البحثي بالمكتب لحقائق وبيانات علمية تعمل على فهم أكثر لطبيعة سلوك وغذاء هذا الحيوان في بيئته الطبيعية.
وأكد المحذوري أن المكتب يسعى لتكوين قاعدة عريضة مع القطاع الخاص من خلال إنشاء مراكز إكثار وحفظ لبعض الأنواع النادرة منها مركز إكثار حيوانات المها العربية والغزال العربي والغزال الرملي والوعل النوبي والوعل العربي ( الطهر ) في كل محمية يشرف عليها إلى جانب تطوير مرافق ومراكز معلومات الزوار والسياح المحبين للطبيعة والحياة البرية.
وفيما يتصل بالتحديات التي تواجه التنوع البيولوجي أشار الدكتور صلاح بن سعيد المحذوري مدير دائرة الشؤون البيئية بمكتب حفظ البيئة إلى أن هناك تحديات تواجه التنوع البيولوجي الموجود في محمية رأس الشجر الطبيعية منها ارتفاع وتيرة حوادث الدهس على شبكة الطرق المحيطة بالمحمية، واضمحلال الغطاء النباتي، ورمي المخلفات في الأماكن المتاخمة للمحمية بالشواطئ التي أصبحت تشكل هاجس كبيرا لحماية المياه وذلك من قبل الزوار والسياح مؤكدًا أن المكتب يعمل على تكثيف حملاته التوعوية من أجل إيصال رسالته البيئية التي تحث على ضرورة حمايتها لما تمثله من ثروة وطنية يجب على الجميع رعايتها وادراك أهميتها للحفاظ على التوزان البيئي وصونها للأجيال القادمة علاوة على المحاولات المتكررة للصيد غير المشروع لتلك الكائنات بالمحمية والتي تعاقب عليها القوانين والتشريعات في السلطنة.
وتتميز محمية رأس الشجر بوجود الغطاء النباتي الفريد والأشجار المتنوعة أهمها السمر وهي تضم أعدادًا وفيرة من حيوان الغزال والوعل العربيين، وحيوان الوشق والقط البري والثعلب الأحمر والأرنب والقنفذ البري والذئاب، وغيرها من الحيوانات البرية وتتعمق المحمية إلى القرى الجبلية قرية تسمى عمق ويمكن الوصول إليها عبر الطريق السريع الذي يربط ولاية قريات بولاية صور وهي عبارة عن رأس جبلي ممتد من الجبال حتى شاطئ البحر ولهذا أطلق عليه رأس الشجر، وقد سميت كذلك لكثافة وجود أشجار السمر بالمحمية والنباتات الأخرى.
وتصل مساحة محمية رأس الشجر إلى 93.7 كيلومتر مربع ويشرف عليها مكتب حفظ البيئة بديوان البلاط السلطاني منذ العام 1985م وهي ذات تضاريس متباينة جمعت بين السهول المنبسطة والجبال الشاهقة والمنحدرات والجروف الصخرية والأودية العميقة والشعاب الفيضية والمسطحات الساحلية والشواطئ الرملية والحصوية والجبلية.
ويعيش " الغزال العربي" في الجزء الساحلي للمحمية فيما يعيش " الوعل العربي (الطهر ) " في المناطق الجبلية الوعرة في المحمية التي تعدُ ملاذا آمنًا لعدد من الطيور المهاجرة والمستوطنة كالهدهد والشقراق الهندي والجشنة والوروار والرخمة المصرية والدراج (الصفرد) والبوم والقطا والحمام البري والصقر والكروان العسلي والنورس.
ويعدّ الغزال العربي من أبرز الحيوانات التي تعيش في المحمية إذ يمكن مشاهدة قطعانه وهي تتنقل في السهل القريب من برج المراقبة الواقع بين قريتي " فنس" و" بمة".وأهم ما يميز هذا الحيوان لونه البني الداكن وخفته ورشاقته كما أن لدى الذكر منه قرونا سميكة ومقوسة تكون أقل سمكًا وأكثر استقامة لدى الأنثى وهو يتغذى على أشجار السمر والغاف.
أما بالنسبة لحيوانات " الوعل العربي " التي يقتصر وجودها في شبه الجزيرة العربية على هذه المحمية فإنها تنتشر في مناطق سلسلة جبال الحجر الشرقي والغربي والممتدة إلى مسندم شمالا، ويتميز ذكر الوعل العربي بأن قرونه منحنية وله خط أسود مائل في ظهره أما الأنثى فقرونها صغيرة، ويصبح شعر الوعل خلال الشتاء خشن الملمس ويشكل ما يشبه الأطواق على أرجله وهو يتغذى على ثمار الأشجار والحشائش الصغيرة ويعيش على ارتفاعات جبلية تصل إلى نحو 1800 متر فوق سطح البحر.
وتتكاثر في المحمية طيور نادرة كالحبارى والصفارد(السمان)والقطا والحمام الجبلي والحجل الرملي والصقور والنسور والعقبان والبيزان وغيرها من الطيور البحرية والبرية المستوطنة والمهاجرة إضافة إلى أنواع مختلفة من الزواحف والحشرات والمكونات الدقيقة.
وتعتبر ( محمية رأس الشجر الطبيعية ) مقصدًا للسياح يتمتعون فيها بجوها الرائع ومناظرها الخلابة ومكوناتها الفيزيائية ومواردها الحيوية المتنوعة وتنفرد المحمية بموقع سياحي وبيئي فريد يجمع بين الجرف البحرية والسهل والجبل وتوجد بالقرب منها منازل أثرية ما زالت باقية حتى الآن على حالها كما توجد بالقرب منها كذلك مناطق جذب سياحي ككهف "مجلس الجن و" وادي شاب " ومنتزه " هوية نجم" والعديد من الكهوف والمواقع الأثرية ككهف "محافر " و" مقابر كويكب".وتعد قرية "عمق الرباخ" من أشهر وأجمل قرى المحمية الواقعة في قاع محاط بالجبال الشاهقة وهي مأهولة بالسكان كما توجد بالمحمية بعض القرى الجبلية أخرى كقرية "منقص" " وتعب" " ومسجولة " حيث انتقل سكانها إلى المناطق الساحلية المنخفضة لسهولة التنقل فيها وتوفر الخدمات .