مازالت توجيهات صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ في الفترة الأخيرة حول ضرورة زيارة المسؤولين لمؤسساتهم الحكومية بين فترة وأخرى محفوظة في الذاكرة ، كفكر قائد ملهم من أجل الارتقاء بجودة الأداء بالمؤسسات الحكومية في إطار سياق العمل الموجه المنظم القائم على المشاركة والتعاون ونكران الذات وعدم التسلط في القرارات التي قد لا تتوافق مع معطيات تلك المؤسسات إضافة إلى احترام قدرات وطاقات الآخرين مراعاة مواهبهم واهتماماتهم وتوظيفها في المسار السليم خدمة للعمل في تلك المؤسسات من أجل تحقيق الأهداف المراد تحقيقها في زيادة الإنتاجية من العمل بالمؤسسات الحكومية ، ولن تتحقق الأهداف المراد تحقيقها إلا بالوصول إلى هؤلاء الكادحين من العاملين في هذه المؤسسات والاقتراب منهم والاستماع إليهم عن كثب وكذلك الاطلاع على سير العمل والوقوف على المسارات الصحيحة وتعزيزها ، أسوة بتصحيح المسارات غير المنهجية من أجل رسم الخطط والطرق والآليات بهدف الحد من تراكم هذه السلبيات التي قد تشكل عائقا نحو مزيد من التقدم في تلك المؤسسات ، وما يثلج الصدر ويوحي بالتفاؤل وتجدد الآمال وضعت توجيهات صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد ـ حفظه الله ورعاه ـ من قبل المسؤلين في تلك الفترة موضع التنفيذ وسرعة الاستجابة ، لكن بقي هناك هاجس مؤلم تبرمج تلقائيا على هذا السؤال هل زيارات المسؤولين للمؤسسات الحكومية تحقق الأهداف المنشودة ؟ أم أنها مجرد تنفيذ توجيهات لفترة محددة تلبية لتوجيهات صاحب الجلالة أمام الرأي العام وتكون زيارات خاطفة وصفية لا تتعدى اليوم الواحد وبعدها تحفظ كحق زيارة في الملف ، حيث وللأسف عند زيارة المسؤولين للمؤسسات الحكومية يتم دفن السلبيات والعوائق بوسائل متنوعة ، ويتم تلميع واقع تلك المؤسسات بصورة كمالية عكس الواقع الحقيقي والمعاناة التي تعانيها تلك المؤسسات مما ينعكس على صورة الأداء في العمل ، مما يحذونا الأمل كبير في المسؤلين أن تكون زياراتهم للمؤسسات الحكومية مع مستشارين فنيين مقننة هادفة متأنية تتابع عن كثب كي تعري الواقع وتكشف سلبياته وعيوبه بهدف وضع الحلول المناسبة له وإلا خرجت هذه الزيارات عن منهجيتها المرسومة من قبل، ونقترح عند الزيارات حتى تحقق أهدافها خدمة لأهداف المؤسسة تكمن في النقاط والمناشدات الآتية ألا تقل الزيارة للمؤسسة الحكومية المراد زيارتها عن يومين أو ثلاثة بهدف الالتقاء بكافة العاملين ولملمة الأفكار والتصورات والأطروحات المستقبلية التي تساهم في زيادة الإنتاجية وكشف السلبيات والوقوف عليها عن قرب .
وأن يكون هناك أهداف معلنة من الزيارات ترسل للمنطقة المراد زيارتها على هيئة نقاط محددة ستناقش في ضوئها الوسائل والطرق من أجل تحقيقها والاجتماع بكافة العاملين في المؤسسة خلال فترة مسائية للاستماع إلى مطالبهم ومقترحاتهم من أجل تبنيها ميدانيا وكذلك مشاركتهم آلامهم وكيفيفة التغلب عليها وليس كما هو حاصل خلال هذه الفترة الاكتفاء فقط بالاجتماع مع مديري الدوائر ورؤساء الأقسام وتجاهل أكثر من ثلاثة أرباع العاملين في تلك المؤسسات لكون هؤلاء يمثلون البقية لكن هؤلاء المدراء يدفنون السلبيات من أجل المحافظة على مناصبهم وتحسين صورتهم أمام من يعول عليهم بالكثير وهنا تتجه الزيارة إلى محك وبعد آخر، ولا يظهرون إلا الايجابيات ، وبالتالي هنا تفقد الزيارات قيمتها وفاعليتها لكون السلبيات ظلت كما هي وظهرت على السطح الإيجابيات لشرح الرؤى المستقبلية في النهج الذي ستتخذه الوزارة لكافة العاملين في المؤسسات حيث يجب أن يدرك كل من يعمل في هذه المؤسسات حجم التصورات المستقبلية ليشارك الجميع في رسم هذه السياسات حيث الواقع الكثير من يعملون في هذه المؤسسات لا يعرفون توجهات مؤسساتهم المستقبلية والتوعية من أجل تقنين الأهداف والمهام وعدم تداخلها بين الدوائر حتى تكون الثمار مجدية والتحفيز والتشجيع المستمر لكافة العاملين والتعامل معهم كأفراد لهم قيمتهم ومكانتهم في المؤسسة الذي ينتمون إليها وفي الختام كم هو رائعا أن يضع المسؤلون توجيهات صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد ـ حفظه الله ورعاه ـ موضع التنفيذ في زيارة المناطق لكن الأروع أن يلتقي هؤلاء المسؤلون بغالبية الكادحين في الدوائر الحكومية التابعة لهم كي يكونوا قريبين من آلامهم وأفراحهم وأحزانهم من أجل الرقي بهم في تحقيق أهداف مؤسساتهم بغية أن تطفو أيضا السلبيات بجانب الإيجابيات .

حمد بن سعيد الصواعي
[email protected]