ليس التعليم بحد ذاته واقعاً مشوباً بالقضايا لكنه واقع مليء بالتحديات التي ينبغي أن نعترف بها وأن نلامسها وأن يكون هناك حراك واقعي من خلاله نضع اليد على الجرح ، فالتعليم مُنطلق وأساس للتنمية الصحيحة التي تهتم بالإنسان وتكوينه معرفياً وذاتياً ليكون مواطناً صالحاً عبر تنشئة الأجيال من خلال سلسلة المعارف التي تتلقاها لسنوات يتم من خلالها تطبيق برامج ونظم متعددة لأجل تعليم تنموي يُدرك ماهية التنمية في عُمان ويلامس شغاف الحراك الوطني التنموي فيها ، فسوق العمل تحد آخر مرتبط ارتباطاً آخر بالتعليم كون هذه المخرجات هي من تدير حركة العمل مستقبلاً ، فالتعليم اليوم ليس كما هو بالأمس ، والواقع العملي بخلاف ما كان عليه سابقاً ، كلها متغيرات وتحديات تدعو لبحث واقع أفضل يتواءم مع الواقع العملي التي تُعايشه مؤسسات المجتمع المدني من تقدم وتحديث وتطوير وتنمية مستدامة .
أقول ذلك على غرار ما صاحب الندوة الوطنية ( التعليم لريادة الأعمال والابتكار ) والتي نظمتها وزارة التربية والتعليم ممثلة في المركز الوطني للتوجيه المهني من جلسات ونقاشات ، فأكثر طاقات الوطن التي ستصنع منجزه خلال الوقت القادم هي في المدارس وقاعات الدراسة والجامعات والكليات ، ولذا علينا اليوم أن ننتقل من واقع التفكير في التعليم التقليدي إلى واقع يبحث مجالات ريادة الأعمال والابتكار وصنع الإنسان المواطن المتعلم المبدع والمدرك لواقع التفكير والمبادرة وتعزيز قيمة الانتماء ، هؤلاء الطلبة وهؤلاء المعلمون يفرزون عصارة أفكارهم يومياً من خلال واقع عملي يصنع طاقات خلاقة قادرة على العطاء والتميز ، لذا فالتعليم اليوم هو التحدي الأبرز الذي علينا أن نضخ له موازنات هائلة وقيادات مثالية .
الندوة وغيرها من محاور الأنشطة التربوية التي تُعنى بواقع التعليم يجب أن تلامس واقعا رئيسيا وهو تنمية فكر الطالب نحو الواقع العملي ومجالات التنمية والآلية التي يستطيع من خلالها أن يكون مواطناً خلاقاً بالأفكار والمبادرات ، نعم نحتاج للتخصص الدراسي والعملي وأن تكون لدينا طاقات متخصصة ولكن هناك قدرات ومخزونا من الطاقات الإبداعية المكبوتة نحن بحاجة إلى إخراجها وتوظيفها التوظيف الأمثل ، ولأن قاعات الدراسة هي من تحتوي على الطاقات الأبرز في كل دول العالم علينا أن نعي وندرك قيمة هذه الطاقات ومدى قدرتها على الإسهام في مجالات التقدم والرقي والعطاء والتنمية ، هي ليست قاعات لتلقي كيفية القراءة والكتابة والمعرفة فحسب بل أوسع وأشمل من ذلك .
هناك تحديات هناك معوقات نعم لا اختلاف على كل ذلك ، لكن هناك حلولا هناك مستقبل مليء بالطموح هناك طاقات بيدها أن تغير الواقع وأن تضيف إليه لمواكبته علمياً وعملياً ، ريادة الأعمال والابتكار من المحاور المهمة للطلبة لاسيما المراحل النهائية للتعليم العام التي ستنتقل إلى الدراسات الجامعية أو لسوق العمل مباشرة .
نأمل أن تكون محاور الندوة على حيز التطبيق وأن تكون هناك أفكار خلاقة لرؤى أشمل عبر تبني ندوات وأنشطة هادفة تولد إصراراً على معايشة الواقع والتحفيز لتكون لدينا فئة من الطلبة تعشق مهارات متجددة كحب الاستطلاع والإصرار والانضباط بل وتصل إلى التفكير في المستقبل وملامسة شغاف ما يمكن أن نجده واقعاً أمامنا من تحديات .

سيف الناعبي
[email protected]