بيروت ـ من أحمد أسعد والوكالات:
ضرب الارهاب مجددا للمرة الخامسة خلال اشهر قليلة في الضاحية الجنوبية لبيروت مستهدفا المواطنين الأبرياء في بيوتهم ومحالهم التجارية وفي الطرقات، الارهاب الانتحاري استسهل لعبة الموت في هذه المنطقة المقتظة بالسكان، متجاوزا كل الاجراءات والتدابير الامنية المتخذة في هذه المنطقة المستهدفة من قبل المجموعات التكفيرية التي وجدت لها في لبنان ملجاءا آمنا تستطيع من خلاله تنفيذ احقادها الدفينة وممارسة شعوذتها باسم الدين. في حين يتملك الناس هناك هاجس الخوف والقلق على المستقبل بعد ان تبين ان هذا المسلسل الدموي مستمر وليس له من نهاية قريبة وليس هناك ما هو قادر على وقفه او على الاقل وضع حد له، كالعادة فان اصواتا كثيرة ستعتبر ان هذا التفجير هو رد من المتضررين على محاولات التقارب الحاصلة بين القوى السياسية لتشكيل حكومة جديدة وستدعو الى الرد عليه بالمزيد من التماسك والوحدة. فمنظر الدمار والخراب المجبول بدماء الأبرياء لم يعد باستطاعة احد تحمله والقبول به، خصوصا وان ضريبة الدم هذه لا تدفع في مواجهة العدو الاسرائيلي بل في اطار صراع عبثي بغيض لن ينتهي في ظل الاحتقان المذهبي الذي ازداد شراسة ودموية مع انخراط لبنان في الازمة السورية وبات يتحمل تبعياتها السلبية، والسؤال الذي يطرحه اللبنانيون الان ما هو تأثير هذا الانفجار على مساعي تشكيل الحكومة، وهل انه سيطيح بالاجواء التفاءولية التي اشيعت خلال الساعات الماضية، ام انه سيكون دافعا لتجاوز الخلافات على التفاصيل وتأليف الحكومة باسرع وقت ممكن، علها تتمكن من تخفيف حدة الاحتقان، ثم ماذا سيقول هؤلاء الذين يستخفون بالجماعات التكفيرية التي جاءت من كل اصقاع الدنيا الى سوريا ولبنان، ويعتبر الرئيس سعد الحريري من باريس انه من الممكن ببساطة فك رقبتها. وفي تفاصيل انفجار الضاحية الجنوبية وفي جولة ميدانية على مكان الانفجار.. رائحة موت وخوف وحالة غضب عارمة تفوح في حارة حريك وتحديدا في الشارع العريض حيث وقع الانفجار الانتحاري قبل ظهر امس، الفوضى عمت المكان لاكثر من ساعتين قبل ان يعود الهدوء الى المكان في حوال الساعة الواحدة بعد الظهر، هذا الشارع هو شارع سكني وفيه بعض المحلات التجارية ومن اصحاب المحلات وسكان البيوت من اصيب للمرة الثانية على التوالي بعد انفجار وقع ايضا في هذا المكان، وقد ضرب طوق امني في المكان ولكن الوقت كان طويلا حتى اجلاء كل ساحة الجريمة من كل المواطنين الذين اتوا اما مفتشين عن اقارب لهم قد اصيبوا او فقدوا الاتصال الهاتفي بهم واما لتفقد سيارات محلات الى اخره، طائرة هليكوبتر تابعة للجيش اللبناني حلقت بعد حوالي الساعة من وقوع الانفجار في المكان ووقع اكثر من أشكال بسبب الفوضى التي كانت وهي ناجمة عن الغضب بسبب هذا الانفجار. يذكر ان اشلاء الانتحاري تطايرت حتى ارتفاع اربع طبقات وقد شوهدت الدماء الذي طبع على جدران المبنى المقابل للانفجار، السيارة كانت مركونة في زاوية المبنى وليس على جانب الطريق وليس في منتصف الطريق، وهي اكثر مرة تكون فيها السيارة قريبة من المباني ولذلك شهدنا هذا الحريق الكبير في المبنى الذي فيه سنتر السباعي وايضا هناك اضرار في بناية الحلباوي وميني ماركت الحوراء للمرة الثانية على التوالي وفي حوالي الاربع مباني المحيطة، ولكن الاضرار ليست كبيرة جدا بسبب سعة هذا الشارع وعرضه، وقد علمنا ان هناك أربعة قتلى واكثر من ثلاثين جريحا وعلم من الشهداء في مستشفى بهمن ماريا الجوهري وهي فتاة في الثامنة عشرة من عمرها وأمها كانت في حالة انهيار عصبي شديد، وهناك ايضا احمد العبيدي وهو في الثامنة والخمسين من عمره وابنه مصاب جريح جراء هذا الانفجار، وبعدما عرف ان والده استشهد جراء هذا الانفجار اصيب بانهيار عصبي، في الرسول الاعظم ليس هناك جرحى وانما هناك شهيد يدعى علي ابراهيم بشير وفي مستشفى الساحل هناك خضر سرور الذي توفي جراء ذبحة قلبية نتيجة هذا الانفجار، في مستشفى بهمن هناك اربعة جرحى لا تزال بالعناية الفائقة بعدما خضعوا لعمليات جراحية، الاجهزة الامنية القضائية والعسكرية المعنية كلها حضرت الى المكان، فيما اجلي المكان من الصليب الاحمر بسبب انتهاء مهامه وهناك شرطة البلدية وعناصر من اتحاد بلديات الضاحية الجنوبية كلهم تواجدوا في المكان وعمليات المسح جارية. وافادت قيادة الجيش ان سيارة رباعية الدفع من نوع كيا رقم 429514 ج مفخخة بكمية من المتفجرات انفجرت في محلة حارة حريك الشارع العريض وهي مسروقة ومعممة اوصافها سابقا وتعود للسيد كلاسي يوسف الكلاسي وقد ادى الانفجار الى استشهاد عدد من المواطنين وإصابة عدد اخر بجروح مختلفة، اضافة الى حصول أضرار مادية جسيمة وعلى الاثر تدخلت قوى الجيش المنتشرة في المنطقة وفرضت طوقا امنيا، فيما حضرت وحدة من الشرطة العسكرية وعدد من الخبراء المختصين الذين باشروا الكشف على موقع الانفجار والاشلاء البشرية التي وجدت بالقرب من السيارة المستخدمة وذلك تمهيدا لتحديد طبيعة الانفجار وظروف حصوله. وزير الداخلية مروان شربل كشف ان السيارة التي انفجرت من نوع كيا سبورتج سرقت من صاحبها يوسف كلاسي من كفر حباب، واشار الى ان السيارة انفجرت والحزام الناسف الذي كان يرتديه الانتحاري لم ينفجر، وقد تبنت جبهة النصرة في لبنان عبر تويتر انفجار الضاحية الجنوبية. من جهته طالب رئيس الجمهورية ميشال سليمان خلال استقباله سفراء الدول الغربية بالعمل على تحييد لبنان عن الصراعات في المنطقة عملا باعلان بعبدا، ودان التفجير الارهابي في حارة حريك، مؤكدا ان لا حل سوى بالتضامن والتكافل وحماية العيش المشترك بين جميع اللبنانيين، واسف سليمان للتفجيرات التي تطال المناطق اللبنانية قائلا ان العنف يجر العنف وقال: بالاتحاد تخفف ارتدادات هذا الارهاب سليمان الذي تناول الوضع الداخلي والعربي والدولي والارتدادات على لبنان تحدث عن بوادر حكومة جديدة ازيلت منها فكرة الثلث المعطل في وقت ستحترم مبدأ المداورة، واشار الى ان اهم مهامها الامن، ودعم الجيش والتحضير للانتخابات الرئاسية الى جانب حث المجلس النيابي على العمل على قانون جديد. وفي المواقف المستنكرة ايضا الرئيس المكلف تشكيل الحكومة تمام سلام لفت الى ان اصرار القتلة على تكرار فعلتهم في المكان ذاته الذي وقع فيه التفجير الارهابي الاخير يجب ان يقابل باعلى درجات الوعي والحكمة وباصرار مقابل على تمتين الجبهة الداخلية وتحصينها سياسيا وامنيا، داعيا القوى الامنية الى عدم توفير اي جهد لتعقب المخططين والمنفذين وضبطتهم وسقوهم الى العدالة. رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط دان التفجير، متوقعا المزيد من التفجيرات في البلاد، ولفت الى ان لبنان دخل في حلقة جنونية وهناك عناصر تكفيرية بدأت تستفحل ارهابا، واشار جنبلاط الى ان التضامن الامني اهم من التضامن الحكومي، داعيا الى سد الثغرات الامنية والحدودية لان الحدود مفتوحة مع سوريا والعناصر التي تأتينا تأتي عبر هذه الحدود ومطالبا بمحاولة تحصين انفسنا بالحد الادنى. رئيس كتلة المستقبل النيابية النائب فؤاد السنيورة اعتبر ان التفجير بمثابة جريمة ضد الانسانية وأنه يستهدف سكانا مدنيين ابرياء، ودعا في بيانه الى الوقوف في وجه هذا الاجرام المتنقل والعمل على حماية لبنان وابعاده عن الشرور ومواجهة الارهاب. عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب علي عمار اشار الى ان هذا التفجير يأتي في سياق سلسلة تفجيرات اصبح من المعروف من يقوم بها نظرا الى التهديدات المباشرة من العصابات الاجرامية، وأكد أن هؤلاء الارهابيين لا يهمهم في هذه اللحظة الا المس بوحدة البلد وامنه والسلم الاهلي، وختم اذا كان يعتقد هؤلاء الارهابيون ان هذا الاسلوب سيضعف المقاومة فانهم واهمون، فالمقاومة ستبقى مقاومة ونحن نعلم انها ليست الرسالة الاولى ولن تكون الاخيرة. ومن امن الضاحية الى الامن الطرابلسي، حيث عاد التوتر ظهر امس الى محاور القتال بين جبل محسن وباب التبانة في حين يقوم الجيش اللبناني بتسيير دوريات مؤللة لضبط الاجواء يذكر ان هذه الجولة من القتال هي الرقم 19، وفي صباح اليوم الرابع من هذه الجولة تميز بالهدوء الحذر والنسبي ولكن بعد ليل عنيف شهدتها مختلف المحاور التقليدية بين باب التبانة وجبل محسن وتحديدا محوري البكار ومشروع الحريري حيث استخدم فيها الأسلحة الثقيلة والقذائف الصاروخية وقذائف الهاون وكان اللافت رد الجيش العنيف على مصادر النيران فسمعت مضضاته في مختلف انحاء المدينة، يذكر ان عدد القتلى بلغ حتى بعد ظهر امس سبعة قتلى مع وفاة الطفل عمر علوش في باب التبانة حيث أصيب برصاصة صباح امس، اما الجرحى فأرتفع عددهم الى حوالي الستين ومن بين الجرحى سبعة عسكريين اربعة منهم اصيبوا يوم امس خلال تعرض دوريتهم الى اطلاق قنبلة يدوية في شارع سوريا. حكوميا ابدى رئيس الحكومة المكلف تمام سلام ارتياحه الى الاتصالات الجارية لتأليف الحكومة سريعا، مشددا على أنها تتسع للجميع، ولاحظ سلام ان المناخات الاقليمية والدولية شجعت الافرقاء على ملاقاة هذه الفرصة، خصوصا ان هناك انفراجا دوليا على اكثر من خط وفي اكثر من منطقة، مشيرا الى ان هناك تحولات اساسية يجب أخذها بالاعتبار وانتهاز الفرصة وهو ما يبدو أن الافرقاء اللبنانيين جميعا تنبهوا اليه ما يلح علينا استعجال الخطى. في الجنوب اجتازت جرافة عسكرية اسرائيلية السياج التقني قبالة بلدة رميش الحدودية وبدأت في عملية تجريف في وادي اطمون.