بركاء ـ من محمد بن سالم المعولي:
أقيمت بقاعة قصر النعمان بولاية بركاء صباح أمس ندوة "ابن الذهبي" وذلك رعى فعاليات الندوة سعادة الدكتور حمود بن خلفان الحارثي وكيل وزارة التربية والتعليم للتعليم والمناهج بحضور عدد كبير من الباحثين والمهتمين بدراسة الشخصيات العمانية.
نظمت الندوة مدرسة أبو محمد الأزدي التابعة لتعليمية جنوب الباطنة واشتملت الندوة على أربع أوراق عمل سبقتها كلمة اللجنة المنظمة قدمها خلفان بن ثاني المخزومي رئيس اللجنة المنظمة الذي أشار إلى ما أسهمت به الحضارة الإسلامية في تقدم البشرية إسهاماً كبيراً وأثبت العلماء المسلمون ومنهم العمانيون أن لديهم السبق في الكثير من المعارف والعلوم في مختلف المجالات وخبرات بحثية في المجال التطبيقي والمنهج التجريبي وبنى العالم اليوم تطوره على الأسس المعرفية والمنهجية العلمية التي وضعتها الحضارة الإسلامية إلى جانب حضارات الأمم السابقة.
الأزدي وكتاب الماء
الدكتور ناصر بن علي الندابي خبير تربوي بوزارة التربية والتعليم قدم الورقة الأولى والمعنونة بـ " أبو محمد الأزدي وكتاب الماء"، حيث تناول الندابي أهم كتب التراجم القديمة التي تحدثت عنه وهو العلامة القاضي أبو القاسم صاعد بن أحمد الأندلسي، كما تناول نسب ومولد ونشأة ابن الذهبي وحب ابن الذهبي لموطنه عمان وشغفه بها هو ذكرها في أكثر من ثلاثين موضع في كتابه، وذكر الكثير من الأشجار والنباتات العمانية منها التمر (الفرض) واللبان والزنجبيل ورحلاته العلمية وأساتذته حيث تتلمذ على يد الطبيب المشهور الشيخ الرئيس الحسين بن عبدالله بن سينا ولازمه وحفظ عنه ونقل عنه في أكثر من 60 موضعا في كتابه وتتلمذ على يد العلامة الكبير أبي الريحان محمد بن أحمد البيروني الهندي وأبي منصور عبدالملك بن محمد بن إسماعيل الثعالبي وسمع من أبي الحسن ثابت بن إبراهيم الحراني، كما ذهب الندابي ليذكر تسمية معجم الذهبي الطبي بكتاب الماء لأن بابه الأول يبدأ بالماء سيرا على نهج شيخه الخليل بن أحمد الفراهيدي الذي سمى معجمه العين لأنه أول باب فيه، ضم الكتاب 28 فصلا على عدد حروف الهجاء، واحتوى أكثر من ثلاثة آلاف مادة لغوية من مفردات الطب ومتعلقاته، وحرص على تفسيرها طبا وشرعا مستدلا ببعض آيات الكتاب الحكيم وسنة نبيه الكريم وشيء من اشعار العرب، وعرج إلى الأطباء الذين نقل عنهم في كتابه الماء.
ابن الذهبي والارتحال
أما الدكتور محمد بن حمد الشعيلي فقد قدم ورقة عمل بعنوان "من صحار إلى البصرة إلى فالنسيا"، تناول فيها المدن التي ارتحل إليها أبو محمد الأزدي طلباً للعلم بدأها بمدينة صحار التي تعد أشهر المدن العمانية عبر التاريخ وأبرز ما كتب عنها ثم تطرق إلى العوامل التي أسهمت في تفوق صحار في جوانب عدة، بعدها تطرق إلى أزد عمان وعلاقتهم بالبصرة حيث كانت البصرة مدينة علمية ثقافية رائدة في العالم الإسلامي وشارك الأزد في الفتوحات الإسلامية مما أدى إلى استقرارهم فيها وأصبح لهم حي مستقل بهم وشارك الأزد في الحياة العلمية في مختلف العلوم وأصبح علماؤهم من المراجع والقامات العلمية الذين يعتد بهم، وتناول المحاضر أهم الشخصيات الأزدية وقام بإيجاز العوامل التي أدت إلى هجرة العلماء الأزديون إلى البصرة، وختم ورقته بمدينة الأندلس بعد أن فتح المسلمون أسبانيا بلغت الحضارة أوجها في القرن الرابع الهجري وقام بذكر الأسباب التي أدت إلى ازدهارها .
السبق الأدبي والطبي
أما الدكتور ناصر بن حماد بن هلال العزري فقد قدم ورقة عمل بعنوان "نماذج من السبق الأدبي والطبي في النتاج العلمي لأبي محمد الأزدي" استهلها بنبذة عن الوضع العلمي في الأندلس وفي البلاد الإسلامية حوالي القرن الخامس الهجري وخصائص الكتابة العلمية واللغوية في ذلك العصر ثم صور من تميز الأزدي في السبق في مجال التأليف العلمي، حيث جعل مواد المعجم مرتبة على حروف الأبجدية وجعل مواده تجمع بين الطب واللغة أحيانا، وأحيانا خالصة للطب وضَمَّنَ الجذور اللغوية معارف متعددة في الكيمياء والفلسفة والأساليب التجريبية والخبرة الشخصية والنقل عن أشياخه، والسبق في فن الصنعة وعرض مثال عليه التدليك الصدري في أمراض السكتة وتشريح القلب والبصريات، وختم ورقته بدروس وعبر مستفادة.
إلى العالمية
فيما قدم الدكتور حميد بن سيف النوفلي مدير قطاع الثقافة باللجنة الوطنية العمانية للتربية والثقافة والعلوم ورقة عمل بعنوان "الطبيب والفيزيائي أبو محمد الأزدي من المحلية إلى العالمية"، وأكد في مطلعها على أهمية توثيق وتسجيل رموز وعناصر هذا التراث على القوائم الدولية المختلفة باليونسكو، ثم قام بعرض ورقته في أربعة محاور تناول المحور الأول اهتمام السلطنة بتاريخها وتراثها وإبرازه إلى العالمية من خلال جهود السلطنة في صون تراثها الثقافي المادي وغير المادي وتسجيل الشخصيات العمانية على قائمة برنامج الشخصيات المؤثرة عالمياً وفي تسجيل تراثها الوثائقي على سجل ذاكرة العالم، وتناول في المحور الثاني نبذة حول رعاية اليونسكو للمبدعين في تاريخ البشرية، وفي المحور الثالث احتفاء السلطنة بالطبيب أبي محمد الأزدي محلياً وعالمياً وقام في المحور الرابع بالتعريف بالطبيب والفيزيائي ابن الذهبي ورحلاه العلمية إلى اليمن والحجاز والبصرة والأندلس وبلاد فارس وإلتقائه بعدد من العلماء في مجال الطب والفيزياء.