[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/kazemalmosawy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]كاظم الموسوي[/author]
وعند جهينة الخبر اليقين، قالها العرب، ومنه يمكن النظر إلى أقوال ـ اعترافات المجرمين الدواعش التي بدأت تنشر أو تسرب، والتي جاءت بعد نجاح السلطات وجهات مسلحة في العراق وسوريا خصوصا في القبض عليهم، أو على من هو بمنصب قيادي. وهذه الاعترافات لها أهمية كبيرة لأسباب عديدة، أمنية وسياسية واستراتيجية في الحرب على الإرهاب والقضاء على أسسه وقدراته في العمل وإعادة العمل لتنظيمه الإرهابي. إذ إن تجميع المعلومات ومعرفة الخطط والاتصالات والتوجهات أمور ضرورية جدا في الحرب على الإرهاب والإرهابيين والحاضنة التي توفر لهم كل ما يحتاجونه لعملياتهم الإرهابية والبيئة المحيطة أو المفرخة أو التي توفر فرص حياة التنظيم الإرهابي وانتشاره واستمراره. وكلما تزداد المعرفة بهذه الأخطار وتطوراتها تتوفر ظروف الوقاية والحماية منها، وتقل وسائل تمددها وتداعياتها. وفي الوقت نفسه تخزن قاعدة المعلومات عنهم وعن مخططاتهم ومشاريعهم وقياداتهم ويمكن تبادلها مع من لديه مثلها ويحرص فعلا على المشاركة في الحرب على الإرهاب والإرهابيين ومصادر تمويلهم وتجنيدهم وربما التخطيط معهم في ارتكاب جرائمهم.
مثلا كشف مجلس القضاء الأعلى العراقي، عن استلام أكثر من تسعمئة متهم من سوريا، من آخر موقع لهم فيها، عبر قوات سوريا الديمقراطية "قسد" ومصادرها، إضافة لما عند الأجهزة العراقية الاتحادية أو إقليم كردستان من معتقلين. ولعل ما نشر عن اعترافات "أبو الفضيل البلجيكي"، أحد الإرهابيين الأجانب الذي حكم عليه بالإعدام، بعد أن تمت إدانته من قبل القضاء العراقي بالانتماء لداعش، واشتراكه بالقتال ضد القوات العراقية في الموصل، مثالا. واسمه (بلال عبد العزيز المرشوحي)، بلجيكي الجنسية من أصول مغاربية، يبلغ من العمر‏25 عاما. ترك بلجيكا حيث كان يدرس الهندسة وسافر إلى سوريا، ملتحقا بجبهة النصرة أولا، ثم انتقل إلى صفوف تنظيم "داعش". وساهم أقاربه في تجنيده.
‏ولعل أخطر ما كشفه "أبو الفضيل البلجيكي" هو استخدام التنظيم للسلاح الكيمياوي وغاز الكلور. فقد أكد أن "التنظيم استخدم أسلحة (قنابل هاون) تحتوي على مواد كيميائية وغاز الكلور خلال معاركه في ريف الرقة في المخيمات، وأن من أمر باستخدامها هو المكنى خطاب العراقي، وهو يشغل منصب أمير ديوان الزكاة". كما كشف أن "إحدى الكتائب التابعة لجيش الخلافة وهي كتيبة طارق بن زياد كان يقودها ضابط سابق في الجيش الفرنسي وهو المكنى أبو سليمان الفرنسي، من أصول جزائرية".
في اعترافاته أمام محكمة التحقيق المركزية المختصة بقضايا الإرهاب في الرصافة، كشف عن هويته ودراسته وميوله، و"قمت بالاطلاع على بعض الكتب التي تحث على التشدد والأفكار المتطرفة". ووجد في ما حصل في سوريا فرصة للالتحاق والتنفيذ. كما لفت إلى أنه واجه في تلك الفترة بعض المشاكل مع عائلته، بسبب أفكاره المتطرفة، ما دفع عائلته إلى طرده من المنزل. وتابع قائلا: "تواصلت مع ابن عمتي المدعو (عز الدين) الذي كان قد ذهب إلى سوريا وشارك بالقتال ضد القوات السورية، وكذلك بعض الأصدقاء ممن أصبحوا يحثونني على الانتقال إلى سوريا والقتال هناك وقررت بعد ذلك الانتقال".‏
إلى ذلك، أوضح أبو الفضيل قائلا "غادرت بلجيكا إلى ألمانيا ومن ثم تركيا ومن بعدها إلى سوريا برفقة زوجتي الهولندية من أصول مغاربية التي كانت لديها رغبة أساسا بالذهاب لسوريا، وبعد أن دخلنا هناك بصورة غير مشروعة كانت مجموعة من المقاتلين بانتظارنا وأخذوني إلى حلب وانتميت هناك إلى جبهة النصرة". ‏وأشار إلى أنه أرسل بعد ذلك إلى أحد المعسكرات التابعة لجبهة النصرة، حيث جرى تدريبه على الأسلحة، بالإضافة إلى خضوعه لدورة شرعية ولياقة بدنية على يد مدربين بعضهم أجانب. كما بين الإرهابي البلجيكي أنه "تم فصله من جبهة النصرة نتيجة خلافات مع المكنى أبو البراء البلجيكي بعد أن قدم الأخير تقارير ضده اتهمه فيها بالتفرج على المواقع الإباحية، وبعد ذلك بدأت الصراعات بين الفصائل المسلحة في سوريا حتى برز تنظيم (داعش) آنذاك". ‏وذكر أنه مع تمدد "داعش"، أخذ عائلته وانتقل إلى المناطق التي يسيطر عليها التنظيم، وانخرط في صفوفه. وقال: "قابلت والي حلب أبو حفص الجزراوي وجرى تعييني بعد ذلك في الشرطة الإسلامية ضمن ولاية حلب". ‏كما كشف آلية عمل تلك الشرطة وأقسامها.
أما في ما يتعلق بدخوله الأراضي العراقية، فقال "انتقلت إلى العراق لمساندة المقاتلين هناك من أفراد التنظيم خلال المعارك التي شنها الجيش العراقي لاستعادة الموصل". وقال "خضنا معارك شديدة مع القوات العراقية في الموصل وعند بدء الجيش بالتقدم والسيطرة على معظم الأراضي، هربت باتجاه الأراضي السورية، إلا أنني لم أتمكن من الهرب وتم القبض علي داخل الأراضي العراقية".‏
كما كشف ما يسمى وزير نفط "داعش" المدعو أسامة عويد الصالح، أن التنظيم هرّب نحو 40 طنا من الذهب من الموصل إلى سوريا وأماكن أخرى. وقال هذا المدعو (وكالات 2019/4/10) المعتقل لدى (قسد) منذ 11 شهرا، إن تنظيم "داعش" تمكن من تهريب أطنان من الذهب وكميات كبيرة من المنقولات والمواد الثمينة التي استولى عليها خلال سيطرته على مناطق شمال العراق. وأصبحت جزءا من مصادر تمويل عملياته الإجرامية والمتاجرة بها.
اعترف وزير نفط "داعش" عن أماكن وجود زعيم "داعش" أبو بكر البغدادي، بأنه موجود بالمناطق السورية التي تسيطر عليها تركيا (إدلب وجوارها) أو المتاخمة لها، مؤكدا أن الصلات بين التنظيم الإرهابي والقوات المسيطرة في هذه المناطق خلقت علاقة معقدة قدمت تسهيلات كثيرة للتنظيم لبيع مسروقاته وتجديد ترسانته من الأسلحة. وأبرز ما اعترف به بعض الحقائق غير المعروفة عن التنظيم بما في ذلك كيفية إدارة العلاقات الاقتصادية مع الحكومات.(!)
اقترح العراق على دول التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة تولي محاكمة الأجانب المعتقلين في سوريا مقابل بدل مالي، إلا أن مصدرا حكوميا أكد أن العراق لم يستلم ردا، والمقترح يشمل نحو ألف أجنبي معتقل عند قسد. وهناك أخبار عن استلام العراق لأعداد منهم، وفي كل الأحوال هذا غيض من فيض وما خفي أعظم.