[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
انفجارات سريلانكا لها أكثر من تفسير، ربما لأن ذلك البلد الذي خرج من حرب أهلية منذ عشر سنوات أراد أن يصنع نفسه بنفسه، أن يتغلب على الفاقة التي خلفتها حربه الداخلية، فكان له أن ربح السياحة أولا، أدرج على هذا المعطى لأنه عائم على جمال طبيعي لا يضاهى، وكان المسلمون الأوائل اعتبروها من الجنات فسموها سرنديب.
النظام السريلانكي مصدوم، لا بد هنالك من تفسير في السياسة لأي وضع أمني مستجد .. تلك الانفجارات سوف تمر كغيرها لكنها تزيد من الكلام عن الإرهاب الذي تحول إلى لازمة تقف وراء كل عمل إجرامي له تفسير مبطن، أو يراد الغش فيه لتحويل الأنظار عن حقيقة الفاعل.
المهم أننا أمام عالم ستزيد الولايات المتحدة من قهره على طريقتها التي باتت مكشوفة .. ولأننا ولدنا في زمن شبيه بكل الأزمان وإن تغيرت أدواته، ومنطق القتل والصراع لن يختفي إطلاقا، فنحن كأنما ولدنا لنروي، مثلما قرأنا روايات أزمان سبقتنا عن طريق آخرين كانوا قد قرأوا أيضا زمانا سبقهم، ولسوف نمل الحديث عن الإرهاب، حتى يصير هو الآخر بلا مفعول .. وكلمة الإرهاب ستكون تغطية لعنوان لمجهول، مع أنه يقيم على سطح كرتنا الأرضية.
بقدر ما هو العالم صغير كما بات تحديده، إلا أنه كثير المشاكل والاعتبارات .. وخصوصا منطقتنا التي تعج بالقضايا والأزمات، فلا أحد يريد لها أن تتخلص، في الوقت الذي لا نملك فيه القدرة على الخلاص.. نحن عالم نسبة الولادات فيه من أعلى النسب، وحقائق الأمية لا نجهل حجمها، فإذا أضفنا الفقر والمرض والجهل (التجهيل) نصل إلى تفسير لظاهرتنا كأمة لها تاريخ من الاستمرار الصراعي.
نعيش إذن لنروي زمننا، لكل منا قاموسه في الرواية، حسب موقعه على الخريطة، وسخونة ما يعيشه أو برودته .. ولكل منا ثقافته الخاصة والعامة، ورؤيته الفكرية .. لكننا أيضا وسط عالم يدور حولنا ويشع علينا وجوده المختلف .. وفي عالمنا وهذا هو المهم، كيان مزروع في الخاصرة سبب لنا منذ قيامه تلك الحالة المضطربة، التي أصابت البعض مباشرة وتحملها البعض الآخر على مضض. من أصيب ظن أنه أفلت من حساب قادم آخر، ومن لامسته النار ظن أنه بعيد عنها .. الحقيقة أن الكل يحترق، هكذا نراه، ومع أن هنالك عنتريات لدى بعض العرب بأنهم ليسوا على لائحة الاضطراب، إلا أن المشروع الأكبر لأحوال عالمنا العربي يلحظ التدرج الاضطرابي لكنه لن يفلت أحدا.
سوف يسأل كثيرون عن أسباب انفجارات سريلانكا وتحديدا في كنائسها، ثم فنادقها .. تفجير الكنائس مفهوم بعده، فإذا عطفناه على الفنادق نكون أمام حالة تامة من القصد الذي فعله فاعل لا يحتاج للكثير من الذكاء، لكنه متخصص في صناعة هكذا مفاهيم.. فمن ذا الذي يسأل عن أعداد القتلى والجرحى والمعوقين في المستقبل .. كان الكاتب العربي العفيف الأخضر له قاموسه الخاص في تفسير الظواهر البشرية والإنسانية، فكان يعتبر أن من يخطط لمثل هذه الأعمال الإرهابية يعتبر القتلى والجرحى مجرد ذباب لا أكثر.
سنسمع الكثير عن عالمنا الكبير، لكننا نعيش عالمنا العربي بكل صنوف عذاباته ونحن شهود عليه، لن نخطئ يوما في تفسير واقع عيشنا كي نعيش لنروي.