[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/adelsaad.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]عادل سعد[/author]
لم أجد ما أجعله مدخلًا للكتابة عن الدورة التاسعة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة سوى استذكار العنوان الذي كتبت به عن هذه المنظمة قبل عدة سنوات على صفحات (الوطن) الغراء واصفًا الأمم المتحدة بأنها سيدة الهموم الكبيرة، ويبدو لي أن قائمة هذه الهموم قد زادت على ما كانت عليه بموضوعات الإرهاب والتغير المناخي ومرض إيبولا إلى جانب القائمة المعروفة المتكررة الخاصة بالفقر والقرصنة البحرية والمجاعات والبطالة والصراعات الحدودية والإخفاقات في حصول عدالة اقتصادية يمكن أن تقلص حجم الهوة بين الدول الغنية والدول النامية، فضلًا عن العنوان الذي أضيف قبل سنوات قليلة المتعلق بظهور مجموعة البريكس أي الدول الناشئة وما يعكس ذلك من احتمالات منافسة تعيد تشكيل المشهد الاقتصادي العالمي على أسس تضمن بعض الحقوق الضائعة في سوق تجارية لا حدود لها.
وأرى أن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لن يستطيع أن يحصل من أجواء الدورة التاسعة والستين لهيئة الأمم المتحدة أكثر من الوعود وهي وعود ما زال بعضها نائمًا على الرفوف، مثلما لم يستطع بان كي مون أن يعطي شيئًا لطيور البطريق عندما زار منطقة القطب الجنوبي وكان متدثرًا بكنزة جلدية على درجة من الرفاه والأناقة، إذ ما زالت طيور البطريق تكابد المتغير المناخي ولم تجد حتى الآن من يسعفها بضرورة إيقاف هذا المتغير البيئي الجديد، في حين أن الآلاف منها نفقت خلال السنوات القليلة الأخيرة.
على أي حال أن هموم الأمم المتحدة لا تتوفر لها الآن مجالات للتفكك إذا أخذنا بحالة التشخيص الذي يقول إن التوتر السياسي بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا على أشده، وأن الصين آخذة بالتقرب أكثر بأساطيلها العسكرية إلى المياه الدائفة، وهناك احتمال أن تزور قطعات منها موانئ دول في الشرق الأوسط بعد أن زارت أحد الموانئ الإيرانية، كما لم يستطع العالم أيضًا أن يجد مستقرًّا لأسعار الغذاء وكثرة الجائعين والتلف الشائع الآن في الموارد الزراعية، والموت المبكر لإحياء بعضها مجهري وبعضها ضخم في أخطر محنة إفلاس تمر بها الطبيعة، ولعل من اليقين الإضافة هنا أن بان كي مون سيظل مصابًا بالأرق طيلة مدة إقامته على رأس الأمم المتحدة بقدر ما يتعلق الأمر بالفساد الإداري والمالي الذي يستشري في المنظمة الدولية وما يرتكبه الجنود الدوليون أصحاب القبعات الزرقاء من جرائم في اعتداءات مفتوحة على نساء إفريقيات وفي عقد صفقات من تحت الطاولات.
ولي أن أضيف هنا أن واحدًا من أخطر هموم الأمم المتحدة هو أن أغلب دول العالم التي تنتمي لها بعددها (193) دولة لم تلتفت إلى من يعين المنظمة على مواجهة التحديات التي تضطلع بها، مع أن الجميع يعلق المسؤولية عليها في إنجاز هذه المهمات، ولكن حين تبدأ التشخيصات لا ينقطع الجميع في توجيه اللوم لها وفي الوقت نفسه يدعونها إلى تحمل مسؤوليتها لحل معضلات هذا العالم، بل إن بعض الدول الكبرى تركب سفينة الأمم المتحدة للإبحار في هذه القضية أو تلك وتفرض شروطها على المنظمة الدولية مما أدى ويؤدي في أكثر من حالة واحدة إلى إبعادها عن النزاهة التي ينبغي أن يكون التصرف بموجبها.
إن المنظمة الدولية بحاجة الآن إلى جرد موضوعي ينتصر فيها الأمين العام للأمم المتحدة في تبني مواقف شجاعة حقًّا لتشخيص الأمراض التي تعاني منها الأوضاع الدولية بعيدًا عن إرضاء هذا الطرف أو ذاك، بل وبعيدًا عن واجهات الإعلام التي تصدر فيها بان كي مون التظاهرات في مواجهة التغير المناخي.
وحسبي أن الأمم المتحدة ينبغي أن تردد على لسانها الآن المثل القائل (إن ما يؤلم الشجرة ليس الفأس، ما يؤلمها حقًّا أن يد الفأس من خشبها).