يا إلهي..
إن كنتَ قد وهبت عمانَ شطرا كبيرا من الجمال الكوني، وقدرا عجيبا من المحبة الإلهية، وألوانا بديعة من الحضارات المتعاقبة، المتداخلة، المتآزرة، فإن ألسنة َالشوق التي أسكتتني وألهبت روحي الظمآنة إلى أوطان الجمال، إلى عمان: التاريخ، والحضارة، الرقي والحب، هي الألسنة التي تكافلت الآن وقد عدت إلى الجزائر من أجل أن تفي تلك الجنان البعيدة حقها.. فلم تستطع.. مثلما لم أستطع مع الشوق إليها صبرا، فامنحني لسان صدق كي أنقل مقولاتها إلى مغارب الأرض.. إلى بلد المليون شهيد، إلى الجزائر الحبيبة، شقيقة عمان من الأزل.. إلى الأبد.
يا الله..
دعوتك مرات ومرات أن تريني بدائعَ خلقك، وسحرَ أكوانك، وفتنةَ طبيعتك، وألبابَ مخلوقاتك، وهدْأة َبني البشر، فوجدتني أراهم جميعا.. وفي الوقت نفسه، وفي أطهر بقاع الأرض والسماء " عمان ".
تراني كنت يومَها أتحمل صدمةَ الفرح؟
.. نزلنا عمان مع من نزل، كانت الأيادي البيضاء بمطار "مسقط " تصافحنا بحب عذري، وكانت الإقامة بجناح مهرّب من الفردوس إلينا برعاية عمانية بامتياز، كان الكتّابُ والأدباءُ يتنفسون عبقَ هذه الأُمّة الشريفة الطاهرة، كان العمانيون أهلَ علْم وأدب وخلق رفيع، كانوا متمسكين بتقاليدهم وعاداتهم حدّ الفخر والاعتزاز وهم أهل الحضارة الضاربة في صميم التاريخ ،والأممُ توقن ذلك، وكان العمانيون يعانقون التطورَ ويدفعون بكل ما ضمّت عمانُ إلى المعالي بثقة وعلم وفخر أيضا ، كانوا يحبون جلالة السلطان قابوس بصدق وفخر وأكثر.. لأنه أحبهم فعمل من أجلهم مستحيلات سبعة صارت حقيقة يعيشونها، وحقائق يعونها، وبلدا عظيما يعيشون فيه متآخين متحابين.
يا الله
حيث وليت وجهي بعُمان أراني بجنان مالها من آخر أبدا.. ثمة العلْم، بمرافقه المتطورة الراقية، ثمة الثقافة برجالاتها وأفكارها ومؤلفاتها وحواراتها الواعية البناءة الجميلة، ثمة السياحة القائمة على حسّ جمالي أخّاذ سحرَ ألبابَ الملايين من كل القارات، ثمة الجمال، الاخضرار، النظافة والمحبة بين كل الأشياء والمخلوقات
يا الله أنا ما نسيت
ما زلت أذكر مسقط القلب " مسقط "، بكل نضارتها وهيبتها وحنوّها على زائريها، ومساحاتها الخضراء بورود اختلفت ألوانها لتوحد الشعب العماني الجميل.. الفنان.. العطر
ما زلت أذكر " بهلا " شعبا، مناظرَ، عاداتٍ، تقاليدَ، وترحابا بالقلعة، فالمكتبة الولائية التي تضاهي كبرى مكتبات العالم ذخيرة وتنظيما وتسييرا.. شعب يقرأ، شعب لا يجوع ولا يستعبد، وشعب يهديك كتبا هو شعب مثقف وخيّر وفي جوفه نور زيتونة لا شرقية ولا غربية.. بل عمانية ربانية بامتياز.
مازلت أذكر حفاوة الاستقبال من سعادة سفير الجزائر بعمان وانشراح صدره وثقافته العالية جدا وما غرسه في قلوبنا من حب عُمان وأهلها الطيبين. وما قدمه الوزير الجزائري المفوض من خدمات جليلة للوفد الجزائري .
يا الله..
اعذرني إن نزعت الحجب عن ذاكرتي وقلبي، وإن خلعت نعلي إلى الأبد لأنني بعمان الطاهرة الزكية.. ولأنني آنست نار الشوق تتأجج داخلي وأنا فيها فكيف بي إن غادرتها هذا المساء؟ هبني الرجوع إليها مرة، وثانية وألفا إنها عظمة السلطنة شعبا وحضارة تحت رعاية جلالة السلطان عظيم لا يظلم عنده أحد.. ولا يشقى ببلاده إنس ولا مكان.. إنه قابوس وإنها عُمان.

علاوة كوسة
عضو وفد اتحاد الكتاب الجزائريين