علي بن سالم الرواحي:
.. ونتابع سرد أقوال العلماء في حكم الاستثناء، ولقد تكلمنا عن أربعة أقوال ونتابع الباقي ..
5ـ لبعض العلماء، وفيه تفصيل:
أ ـ يحمل الاستثناء على كل الجمل، إذا لم يقع تناف بينها ولا اضراب الثانية عن الأولى:
ـ اتحاد الجملتين أو أكثر نوعاً واسماً وغرضاً واختلافهما حكماً، نحو قولهم:(اكرم بني تميم سلم على بني تميم إلا طوال القامة) فيلاحظ ان نوع الجملتين المتعاطفتين جملة فعلية، وإن حكم الأولى (اكرم) مخالف للثاني (سلم) لكن الغرض منهما واحد وهو المحبة لبني تميم، والاسم في كلتيهما (بني تميم)، فهنا يحمل الاستثناء على كل الجمل، ومثاله: قوله تعالى:(خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ، إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا ..) (آل عمران 88 ـ 89)، فالاستثناء هو من الحكمين (لا يخفف) و(ينظرون).
ـ اتحاد الجملتين أو أكثر نوعاً لا حكماً واسم الأولى مضمر في الثانية والثالثة، عليه فالاستثناء يعود إلى الكل, مثاله قوله تعالى:(وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا، يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا، إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا ..) (الفرقان 68 ـ 70)، فالجمل الثلاث التي تحتها خط هي جمل فعلية نوعاً والضمير في الثانية والثالثة يعود على (مَن) المذكور في الجملة الأولى.
ـ اتحاد الجملتين أو أكثر نوعاً واختلافهما اسماً وحكم الثانية مضمر في الأولى, عليه يعود الاسثناء إلى الكل، نحو قوله تعالى:(وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات ـ 56)، فالجملتان هما: وما خلقت الجن وما خلقت الإنس، وهما فعليتان فالاسم في الأولى (الجن)، وفي الثانية (الإنس).
ـ اختلاف الجملتين أو أكثر نوعاً وحكماً مع اتحادهما في الغرض وقد تكون اسم الأولى مضمراً في الثانية، وعليه فإن الاستثناء يعود على الكل, مثاله قول الله تعالى:(فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً و لَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ، إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا ..) (النور 4 ـ 5)، فالجملة الأولى أمر، والثانية نهي، والثالثة خبر، والغرض في الجميع الانتقام، ولخروج الأولى عن الاستثناء بالإجماع لعدم إزالة التوبة لحدّ الجلد فإن الاستثناء يعود على الثانية والثالثة.