لا يختلف اثنان على أن المناطق الحدودية والمتاخمة مع حدود دول جارة تعد من الأماكن الحساسة على خارطة العمل الوطني على اعتبار انها الأكثر تأثرا أو تأثيرا بالمحيط الذي هي عليه وبالتالي فإن زيادة الاهتمام بها يعد مسؤولية وطنية ليس لتمييزها عن المحافظات والمناطق الأخرى وإنما مراعاة لتلك الخصوصية التي تمتاز بها كونها البوابات التي يجب أن تكون الواجهة للسائح والذي يختار السلطنة برا كوجهة سياحية مما يستلزم الأمر ان تسخر كافة الإمكانيات لتطويرها والنهوض بها في كافة المجالات التي تبرز التطور الحضاري والثقافي والعمراني للوطن الا ان ذلك بطبيعة الحال يجب ألا يكون على حساب العديد من القيم والمبادئ وفقدان الهوية الوطنية من خلال الاتكالية والاعتماد على الآخرين في إدارة شؤون الحياة اليومية اقتصادية كانت أم تجارية والنظرة الضيقة للعمل سواء كأجير أو في ادارة الأعمال الحرة، ففي معظم دول العالم دائماً المناطق الحدودية تدار غالبية أنشطتها التجارية والاقتصادية والحيوية من قبل أبناء البلد في تلك المناطق ربما لدواع امنية، وتنتعش فيها الصناعات والحرف التقليدية وتعتبر المصدر إلى الداخل للعديد من المنتجات التي تدخل في احتياجات المجتمع اليومية
وذلك في واقع الأمر لا يتأتى الا اذا خصصت لهذه المحافظات أو المناطق أو القرى برامج عمل وطنية ونقل التنمية إليها بكافة مفرداتها لتشجيع ابنائها على المشاركة والمساهمة الجادة في عملية البناء والتطوير بوتيرة اسرع مما هي عليه الآن، صحيح ان هناك بعض المحافظات بدأت فيها ملامح الاهتمام واضحة الا ان البعض محتاج الى تلك الوتيرة حتى لا يكون هناك إخلال بما يتبع من قوانين وأنظمة وإجراءات هدفها تنظيم العمل والحفاظ على مفرداته الوطنية لضمان مستقبل اكثر إشراقا للأجيال الحالية والقادمة، حيث ان من الملاحظ مع البطء في مد أذرع التنمية بشكلها المتكامل إلى مثل هذه المحافظات تتعالى بعض الأصوات التي تجد نفسها محقة للمطالبة بالخصوصية من خلال الاستثناء من بعض القوانين والإجراءات وآليات العمل التي تضعها الحكومة لتنظيم حياة الناس أو سوق العمل، ولعل ذلك نتيجة ردة فعل يبديها مواطنو تلك المحافظات طلبا للمساواة على الأقل في بعض الجوانب مع المناطق الحدودية للدول المجاورة خاصة تلك الدول التي تعطي أولوية واهتماما لمناطقها سواء من اجل الاستثمار السياحي أو التجاري والاقتصادي لمجتمعات مجاورة تصنف من المجتمعات المستهلكة، وبالتالي تضطر العديد من مؤسسات الخدمة إلى التراجع عن تطبيق بعض من الإجراءات تحت ما يسمى بند المناطق الحدودية لضمان الولاء ولتقليل الفجوة بين جاراتها من مناطق الدول المجاورة.
وهذا الاستثناء الذي تضطر الحكومة منحه على الرغم من معرفتها انه يؤثر سلبا على شمولية التطبيق يتمادى فيه البعض للأسف ويعتبره حقاً مكتسبا تحت مصطلح الحدودية بل يتعدى ذلك من خلال رؤيته لبعض القيم ومن العمل في القطاع الخاص بأنها عيب سواء كان ذلك بأجر او من خلال العمل لحساب الخاص، مما يدل ذلك على ان المواطن فيها وصل إلى درجة التراجع عن المشاركة في المسار التنموي ان لم تكن الوظيفة حكومية، وهذا الأمر لا شك يستلزم سرعة التحرك من خلال عدد من المسارات ابرزها مساران أساسيان أولهما تكثيف حملات التوعية من خلال تسخير كافة الوسائل الإعلامية لنشر الوعي بأهمية ان يكون للمواطن دور في التطوير فكريا وماديا مع التأكيد على زيادة غرس الحس الوطني وإدارة شؤون المناطق وعدم تركها في أيدي القوى العاملة الوافدة التي على مدى الأيام ستشكل هاجسا أمنيا سيدفع ثمنه الوطن في المستقبل، وثانيها ان تتجه التنمية وبقوة إلى هذه المحافظات من خلال إيجاد الآليات التي تساعد ابناءها على المساهمة في التطوير والتركيز على الانتاج المؤدي إلى انتعاش مناطقهم وتحسين أوضاعهم الاجتماعية والمعيشية التي تتوازى ان لم ترتفع عن تلك التي تمثل بالنسبة لهم مقارنة غير متكافئة، ويكون ذلك بعيدا عن كسر ما يتخذ من إجراءات قانونية يفترض ان تكون شاملة تطبق على الجميع وبعيدة عن الاستثناءات كونها محافظات حدودية، ودعم وتشجيع المبادرين من أبناء المحافظات وإعطائهم الأولوية في تنفيذ المشروعات الخدمية بمناطقهم.

طالب بن سيف الضباري
[email protected]