ألم يأن إيجاد حلول لها في عصر "التقنية"
أفكار ومقترحات لتخفيف حمل الحقيبة يطرحها أولياء الأمور وخبراء في التربية.. ولكن من يأخذ بها؟
طبيب: الطفل لا يمكن أن يحمل أكثر من عشر وزنه في المقاييس الصحية
تحقيق ـ محمد السعيدي:
مع كل يوم دراسي يذهب الطلبة إلى مدارسهم وهم يحملون على ظهورهم حقيبة تنوء بحملها أجسادهم.. ثقل تلك الحقيبة التي يضعونها على ظهورهم من البيت للحافلة ومن الحافلة إلى الفصل والعكس بعد نهاية يوم دراسي، وبعض المدارس تتكون من طابقين الأمر الذي يحتم على الطالب الصغير الضعيف أن يحمل تلك الحقيبة التي قد تصل على وزنه إلى الطابق الثاني لكن من يفكر فيه وهو متعب من حملها ومن يدرك الألم الشديد الذي يعانيه من ثقلها بشكل يومي.. ألم يحن الوقت ان يكون للجهات المختصة حلولا جذرية لهذه المشكلة القديمة الجديدة فكم من موضوعات ودراسات تم كتابتها والقيام بها لتوضيح مخاطر ومساوئ ثقل حقائب المدارس ولكن الحل ما زال مفقودا.. (الوطن) في هذا التحقيق تسلط الضوء مرة أخرى على هذه المعضلة بعد ان كانت قد ناقشتها سابقا ولم تجد اذانا مصغية من الجهات المختصة.
مع وجود التقنية الحديثة يظهر حلا جديدا لهذه المشكلة مع تطور الأجهزة اللوحية الجديدة تسهل على الطالب والمدرس أعباء كثيرة ويتخلص الطالب من الحقيبة المدرسية بوجود رف خاص لكل طالب في المدرسة يضع أدواته دون حمل الطالب كتبه إلى البيت وهنا نتساءل كيف سيذاكر هذا الطالب وهو مقسما كتبه بين المدرسة والبيت من دون أي وسيلة تتوفر له تغنيه عن تلك الكتب.
لقد بدأت بعض الدول العربية تطبيق النظام الحديث في التعليم مع وجود التقنية الحديثة في مجال الاجهزة اللوحية يسهل على الطالب الدراسة بطريقة محببة وهذا الجيل الحالي يرغب في استخدام كل ما هو حديث ومن ناحية ثانية نضع هذا الجيل في الطريق الصحيح في استخدام هذه الاجهزة اللوحية والاستفادة منها بشكل الصحيح بدلا من اهدار وقت الطالب أو التسلية.
الحقيبة المدرسية
يتفقون أولياء الأمور في ثقل الحقيبة المدرسية والبحث عن حل لهذه المشكلة بشكل جدي من قبل المسؤولين واتخاذ قرار المناسب لأن كثيرا من الدول قد تخلصت من هذه الحقيبة واصبحت تستخدم الاجهزة اللوحية السهلة في الاستخدام والحمل وايضا هذا الجيل مهوس في عالم التقنية الحديثة التي لا غنى عنها حتى في امورنا الحياتية وايضا نفكر ولو بالقليل في صحة جيل المستقبل فهل نحن ندرس هذا الجيل أم نثقل عليه الأمراض والمشاكل الصحية وفي الوقت الحالي يجب أن يكون هناك حلول سريعة احساسا بمعانات الطلبة من حمل هذه الحقيبة.
رأي أولياء الامور
محفوظ الحديدي يقول إن عمل جدولة للحصص بحيث تكون اربع حصص في اليوم يغني الطالب عن حمل تلك الحقيبة الثقيلة وعمل رفوف للطلبة لوضع الكتب في المدرسة وحمل بعض الكتب للمراجعة وحل الواجبات، وبالنسبة لي فأولادي يعانون من ثقل الحقيبة المدرسية وأيضا حتى تلك التي تجر باليد ليست مجدية.
وتقول مريم الفارسي بعد إن جاءت ابنتي إلى البيت وهي تشتكي من ثقل الحقيبة وانها تشعر بالألم في ظهرها تواصلت مع المعلمات في المدرسة حول هذا الموضوع وايجاد حل سريع لمعانات الاطفال من الحقيبة طرحت حل لماذا لا تبقى بعض الكتب في المدرسة تخفيفا على الاطفال من ثقلها ولقد تجاوبت المدرسة معها وهذا حل سريع وهي سعيد بهذا التجاوب.
ويقول محمد بن سعيد الراوحي إن ابنتي في الصف الخامس وهي دائما لما حين ترجع من المدرسة تشتكي من ثقل الحقيبة المدرسية وقمت بدوري بتغيير هذه الحقيبة مراعاة لحالتها الصحية وأتمنى ان يكون هناك مكان يحفظ الطالب كتبه وادواته المدرسية في كل صف وأن يحمل الكتب التي تحتاج للمراجعة وحل الواجبات بدلا من حملها إلى البيت.
أبو بكر الرواحي يقول تعبت ابنتي كثيرا منذ الصف الأول وهي الآن في الصف الثالث من ثقل هذه الحقيبة وهو يرى أن يكون الفصل الدراسي من كتابين بدلا من كتاب واحد وأن يكون الدفتر الذى يحتوي على اربعين صفحة بدلامن مائة صفحة تخفيفا علي هؤلاء الأطفال من ثقل الحقيبة المدرسية ويضيف ان تجمع الطلبة في موقف الحافلة يكون بعيدا لبعض الطلبة وهم يحملون أو يجرون هذة الحقيبة وايضا من الحافلة إلى الصف وخاصة بعض المدارس تتكون من طابقين.
آثار الحقيبة المدرسية صحيا
ويقول الدكتور رائد عبد الكريم طالب طبيب ممارس معالج أطفال التوحد والشلل الدماغي عن آثار الحقيبة المدرسية من الناحية الصحية إن للحقيبة المدرسية في المراحل العمرية الأولى من الصف الأول إلى الثالث من المعروف أن جسم الانسان يتحمل حدودا معينة من الوزن بأقصى طاقة ممكنة سلبية لاحد معين لعضو معين لا تتجاوز عشر في المئة من وزن ذلك الجسم واذا كان الطفل وزنه عشرين كيلو لا يمكن أن يحمل أكثر من كيلوين هذا في المقاييس الصحية أكثر من ذلك سوف تكون تبعات على جسد الطفل فإذا كانت الحقيبة محمولة على ظهر أو على الكتف هذا له تبعات على الجسم وتحديدا على العمود الفقري وشكل العمود الفقري ويعرض العمود الفقري لما يسمى صدمات حتى الحمل الزائد يسمى صدمة هذه الصدمة لها تأثير قد يكون بسيطا في اللحظة أو ليوم ولكن بمرور الأيام هذه الصدمات تترتب عليها تغييرات تؤثر على شكل الفقرات حتى ولو تشوه بسيط قد يغير شكل العمود الفقري صحيح مستقيم إذا نظرت له من الامام أو الخلف أما اذا نظرت له من الجنب فهو ليس مستقيما تجد فيه انحناءات تدخل في داخل الجسم وأخرى تكون إلى خارج الجسم انتهاء إلى الانحناء الذى يخرج خارج الجسم من الرقبة هذا الشكل قد يتغير ويتشوه مع مرور الايام إذا تعرض الجسم في حالة حمل اثقال تفوق العشرة بالمائة مع وزن الطفل ونحو أغلب الحقائب تفوق هذا الوزن ابتداء من نوع الحقيبة والملحقات التي بها وعلى ولي الأمر اختيار نوع الحقيبة ونوع الدفاتر لابنه ويجب اختيار الحقيبة بعد أن يرى الفصل الذي يكون ابنه فيه فلا ينبغي أن يكون الطفل في الصف الاول في الطابق الثاني وإنما يكون في الدور الارضي حتى يسهل له الوصول إلى الصف بسهولة ويسر وهو يحمل تلك الحقيبة فإذا كان في الدور الارضي يمكنه شراء تلك التي تجر باليد وإذا كان في الأدوار العلوية فلا يمكن شراؤها وانما يشتري تلك التي تحمل على الكتف اسهل له ويقول الدكتور إنه يفضل أن يرى ولي الأمر موقع الصف قبل شرائه الحقيبة وآليات الوصول لهذا الصف حرصا على صحة ابنه.
إن المشاكل الصحية التي يواجهها في المستقبل تعتمد على الآلية التي تحمل الحقيبة فإذا كانت الحقيبة تحمل على الكتف أو الظهر له تأثير مباشر على العمود الفقري من ناحية شكل الفقرات والشكل النهائي للعمود الفقري ومن ناحية احتداب العمود أو انقعاره الشكل الطبيعي للعمود الفقري محدب في مكان ومقعر في مكان آخر هذا التحدب قد يزيد أو يقل أو التقعر قد يزيد أو يقل حسب ما تعود عليه الجسم فالطفل الصغٍير عظامه لم تكن نشأت بشكل تام وجزء منها غضاريف سهل جدا تتأثر وتتضرر بتبعات حمل الحقيبة المدرسية لفترات طويلة وأيام متتالية وأوزان عالية هذا يحدث تغييرات وتكلسات في أماكن غير مناسبة وبالتالي تنتهي بشكل مختلف للفقرة عن الشكل الطبيعي وبالتالي تغير احتداب أو التقعر للعمود الفقري وبالتالي تشوه بشكل العمود الفقري واذا كان الطفل يحمل على كتف واحد يترتب في النهاية إلى التواء في الفقرة والتواء في العمود الفقري اذا تعود حمل الحقيبة على كتف واحد فإن الجسم لدية القدرة على التكيف مع الوضع الذي يوضع فيه وقد يكون مؤقتا ولا يترك أثر وقد يكون متكررا ويترك أثر منها التشوهات والشكل في النهاية طبعا كل عضو أو جزء له وظيفة معينة قد تنتهي بمأساة لا يستطيع تحريك رقبته إلى الأعلى بسبب محدودية الحركة في فقرات العنق مثلا وكذلك تبعات حمل الحقيبة لأيام متتالية ننصح أولياء الأمور التأكد من معرفة الصف المدرسي هل هي غرفة صفية صحية أو غير صحية والآليات الوصول إليها وبالتالي يحدد ما هو أنسب لابنه من ناحية الحقيبة ونوع الحقيبة يقترح للمسؤلين وجود بدائل في عصر تسود فيه التقنية وأصبح نقل المعلومة وتوصيلها سهل جدا بأساليب غير ورقية ممكن اللجوء إلى الأجهزة اللوحية أو اقراص المدمجة والاستغناء عن الورق قدر الإمكان ولا يمكن الاستغناء عن الأوراق ولكن نلجأ عند الضرورة ذلك.
بديل للحقيبة المدرسية
بدوره قال الخبير التربوي الشيخ عبدالله بن عامر العيسري حول البديل للحقيبة المدرسية بأن الحقيبة المدرسية تشكل الصورة الذهنية في عقل الطفل عن الكتاب والقراءة فإذا كانت الحقيبة الذهنية صورتها هي أنها ذلك الكابوس المرعب الذي يجب على الطفل أن يحمله على ظهره كل يوم فإن النتيجة هي كراهية للكتاب وكراهية للقراءة أما اذا كانت الحقيبة المدرسية صورتها هي أنها ذلك الشيء الجميل الذى يحمل فيه الطفل القصص الخفيفة الملونة والالعاب والطعام الصحي فإن النتيجة هنا تكون هي حبا للقراءة وحبا للكتاب التي تحتويه تلك الحقيبة.
وعند الحديث عن الحلول التي يراها يقول: يجب منع أخذ الحقيبة المدرسية إلى المنزل ويكون لكل طالب خزانة يحفظ فيها كتبه وأقلامه وأدواته المدرسية ولا يأخذ معه إلى البيت إلا ما يدعو الضرورة لأخذه والواجبات كلها تنجز داخل المدرسة وبهذا يكون قد حققنا عدة أمور الامر الاول أننا نتأكد أن كل طالب يحل واجباته بنفسه وأن أهله لا يلجأون إلى المكتبات وأماكن الطباعة لاستخراج شي من جوجل أو الشبكة العنكبوتية والأمر الثاني أنه يذهب الطالب إلى البيت وهو متفرغ من أمور الدراسة ينتج عن ذلك أن الطالب يستيقظ وقت الصباح الباكر وهو ليس في ذهنه ذلك البعبع الذي يسمى الحقيبة المدرسية ولا ذلك البعبع الاكبر الذي يسمى الواجبات المنزلية والنتيجة النهائية هي حب للمدرسة وأصبح هناك تنافس في التبكير للحضور إليها.
وعن إقناع الجهات المختصة ومدى الاستجابة لمثل هذه المقترحات يقول العيسري: الجهات الرسمية في الحقيقة لا تريد حلولا لهذه المشكلة ولو كانت حقا تريد الحلول لبحثت عنها فمنذ إنشاء التعليم الأساسي في السلطنة إلى يومنا هذا طرحت هذه القضية آلاف المرات عبر مختلف الوسائل ولكن النتائج التي نرجوها أن الجهات الرسمية تزيد في وزن الحقيبة وتزيد في المتطلبات يوما بعد يوم وعاما بعد عام ثم الحلول أصبحت يسيرة جدا فمثلا الاجهزة اللوحية التفاعلية فهذه الاجهزة أصبحت حلا سريعا قد يقول قائل بأن هذه الاجهزه تؤدي لارتباط الطالب بالعالم المفتوح وقد يؤدي ذلك لاشتغاله عن دراسته لكن من يقول ذلك يغفل بأن الاجهزة اللوحية يمكن لوزارة التربية والتعليم ان أرادت أن تنتج أجهزة لوحية خاصة بها لا تقبل ألا ما تريد الوزارة تضمينه في الجهاز الأمر الثاني وهو قضية توفير الخزانات في كل مدرسة على أقل تقدير في الحلقة الأولى أصبح أمرا متاحا اما الامر الثالث فهو منع الواجبات المنزلية منعا نهائيا لاغلاق الباب على من يريد التخفيف على الطلاب فهذه الحلول أصبحت مطبقة في كثير من دول العالم ولكن للأسف لم يتم تطبيق هذه الحلول في مدارسنا حتى الآن.
واضاف بأن الخزانة المدرسية حل مرحلي وجزئي لذا يجب البحث في انتاج أجهزة لوحية خاصة تكون تفاعلية بحيث تستطيع الوزارة التعديل بها كما تشاء وهناك حل أهم حتى من الأجهزة اللوحية وهو اعادة تعريف المناهج ووزارة التربية والتعليم ما زالت تتعامل مع المناهج على انها هي المقررات الدراسية أما في كثير من دول العالم فقد أعيد تعريف المنهج وأصبح تعريفه هو أنه كل ما يؤدي إلى تحقيق الأهداف المرجوة فلو ضربنا مثلا على ذلك وهو منهج الجغرافيا ومنهج العلوم فالجهات المعنية بالمناهج تحدد أهداف منهج الجغرافيا مثلا للصف الحادي عشر وبعد ذلك يعطي المعلمون والمعلمات السبل لتدريسه ويدربون على كيفية تدريس هذا المنهج علي الطالب أن يعود على شبكة الانترنت في المدرسة والى المواد المتوفرة في المدرسة وتكون النتيجة أننا لن نحتاج إلى مقرر دراسي يزيد عن مائتي صفحة اسمه كتاب الجغرافيا وعلى ذلك ستقتصر الكتب علي بعض المواد الأساسية التي لا بد من توفير الكتب مثل اللغات العربية والانجليزية وربما الرياضيات أما باقي المواد فإنها لن تحتاج اساسا إلى كتاب مدرسي وإنما تكون من خلال مواد متوفرة على الشبكة يعود إليها الطالب من خلال شبكة المدرسة وهذا ما نسعى إليه.