[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/uploads/2016/06/aa1.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]سالم الفليتي[/author]
أولا ـ تمهيد:
قد يتجاوزالضررالناشئ عن الأعمال والقرارت الصادرة من أعضاء مجلس الإدارة الشركة والمساهمين فيها، ويصيب أشخاصا غير مساهمين في الشركة يطلق عليهم "الغير" فهل تنهض مسؤوليتهم تجاه الغير؟ وهل تتأثر هذه المسؤولية بما يرد في نظام الشركة أو في قرارات الجمعية العامة من قيود علي اعتبار أنها تتعلق بأشخاص لاعلاقة لهم بالشركة ؟.
هذه الاسئلة وغيرها يجيب عليها مقالنا.
أـ المقصود بالغير:
يعرف الغير بأنهم جميع الأشخاص الذين يتعاملون مع الشركة من الخارج،أي غير المساهمين في الشركة، ومن ثم ينظر لهذا المصطلح بمفهوم واسع ليشمل الدائنين، وحملة سندات ديون الشركة وغيرهم من المقرضين، والمتعاملين مع الشركة سواء كانوا أشخاصا طبيعيين أم معنويين كالشركات الأخرى والبنوك.
وتقرر المادة (206) مسؤولية أعضاء مجلس الإدارة تجاه الغير، حيث تنص بالقول: "أعضاء مجلس الإدارة مسؤولون بالتضامن تجاه الشركة والمساهمين والغير عن الأضرار الناتجة عن أعمالهم المشتركة المخالفة للقانون أو التي يتجاوز حدود صلاحياتهم وعن أي غش أو تزوير أو خطأ يرتكبونه في أثناء مهامهم، وكذلك عن عدم تصرفهم تصرف الشخص الحريص في ظروف معينة".
وحيث إن الغير لا تربطهم بحسب الأصل أية علاقة عقدية مع أعضاء مجلس الإدارة فتكون عندها مسؤوليتهم مسؤولية تقصيرية هذا من جانب، ومن جانب آخر فإن مسؤولية أعضاء مجلس الادارة تجاه الغير يمكن ان تتحقق في أحد فرضين: أولهما: عندما يتصرف أعضاء المجلس بشكل مخالف لأحكام القوانين أوالنظام الداخلي للشركة. وثانيهما: يتحقق عندما يكون تصرف أعضاء مجلس الادارة مطابقا لأحكام القوانين واللوائح وفي حدود السلطات والإختصاصات المخولة لهم.
غير أن العمل يرتب ضررا للغير. بمعنى آخر اكثر توضيحا أن مجلس الإدارة قد يتصرف بالمخالفة للقوانين والأنظمة الداخلية للشركة، ويترتب عليها أضرار تصيب الغير ففي هذه الحاله يجوز للغير المضرور رفع دعوي التعويض على أعضاء مجلس الإدارة دون الرجوع على الشركة ذاتها لأن الشركة في هذه الحالة غير ملزمة بتصرفات أعضاء مجلس إدارتها طالما انها وقعت بالمخالفة لأحكام القانون أو الأنظمة الداخلية لها، أو كانت خارج نطاق اختصاصاتهم وصلاحياتهم وهناك أمثلة عديدة على هذا النوع من الشركات منها تقديم الأعضاء معلومات غير صحيحة في المركز المالي للشركة، فينخدع الغير بها مما يدفعه للتعاقد.
إلا أنه في المقابل قد يقوم أعضاء مجلس الإدارة بعمل أو تصرف مطابق لأحكام القوانين والنظام الداخلي للشركة، كما تقع تلك الأعمال في حدود سلطاتهم وإختصاصاتهم، ورغم ذلك يترتب عنها ضرر يصيب الغير. فهل تثور مسؤولية أعضاء المجلس والشركة عن هذا الضرر ؟.
أجابت المادة (116) من قانون الشركات التجارية الجديد على هذا التساؤل بالإيجاب بقولها: "يعد ملزما للشركة كل عمل أو تصرف يصدر من الجمعية العامة العادية وغير العادية، أو مجلس الإدارة أو إحدى لجانه، أو الإدارة التنفيذية في أثناء ممارستهم الأعمال المعتادة. وفي جميع الأحوال، لا يحول التزام الشركة بالأعمال والتصرفات المشار إليها دون مسؤولية من قام بها".
وجاءت المادة (162) لتؤكد إقرار المسؤولية بقولها: ".. لا يلزم الشخص عند تعامله مع الشركة بالوقوف علي اختصاصات من يتعامل معه أو بالتحرى عما إذا كان العمل أو التصرف مسموحا به وفقا للنظام طالما أنه يدخل في نطاق نشاطها الذي تقوم به".
والملاحظ من النص أن المشرع سهل الأمر على الغير عندما أقام قرينة لصالحه مفادها أن كل الأعمال التي تصدر من أعضاء المجلس تكون في حدود إختصاصاتهم طالما أن تلك الأعمال تدخل في نطاق نشاط الشركة، وبالتالي لا يلزم المشرع الغير ـ عند تعامله مع الشركة ـ الوقوف على إختصاصاتهم والتحري عنها.
أما فيما يتعلق بأنواع الدعاوى التي يمكن للغير رفعها في مواجهة أعضاء المجلس فلم يتصمن قانون الشركات الجديد وكذلك الحال في قانون الشركات الملغي نصا يحدد انواع تلك الدعاوى وإزاء هذا الوضع فليس أمامنا الإ الرجوع إلى الفقه، حيث حدد الفقه الدعاوى المتاحة للغير ضد أعضاء المجلس إذا توافرت حالات المسؤولية السابقة في الآتي:
1ـ الدعوى المباشرة: وهي دعوى مسؤولية تخضع للقواعد العامة يرفعها الغير بصورة مباشرة ضد أعضاء المجلس وهي دعوى مسؤولية تقصيرية تماثل دعوي المساهمين الفردية سبق الحديث عنها ـ في مقال سابق ـ ويشترط لقبولها توافر ركن الخطأ من جانب أعضاء المجلس، ووقوع ضرر من جراء هذا الخطأ وعلاقة سببية بين الخطأ والضرر.
2ـ دعوى مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعيه: وترفع هذه الدعوى من الغير ضد الشركة بوصفها متبوعا عن اعمال المجلس أو احد اعضائه بوصفهم تابعين للشركة.
3ـ الدعاوى المشتركة، وهذه الدعاوى يرفعها الغير على الشركة والمجلس معا. وذلك متى اثبت الغير تواطؤ الشركة مع المجلس بقصد الإضرار به.
لمزيد من التفاصل يمكن للقارئ الرجوع إلى قانون الشركات التجارية الجديد، ومؤلفنا حوكمة الشركات المساهمة العامة في سلطنة عمان.

* نائب العميد للشؤون الأكاديمية
كلية الزهراء للبنات
[email protected]