[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/kazemalmosawy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]كاظم الموسوي[/author]
”.. كشف ضابط الاستخبارات البريطانية في جهاز مكافحة الإرهاب، تشارلز شويبردج، تفاصيل خطيرة حول دوري واشنطن ولندن في صناعة الإرهاب، في مقابلة له مع فضائية روسيا اليوم. حيث اشار الى أن وكالة المخابرات الأميركية " سي اي ايه" والاستخبارات البريطانية دفعتا دولا خليجية لتمويل وتسليح تنظيمات مسلحة في مقدمها داعش.”
ــــــــــــــــــــ

اعترف نائب الرئيس الأميركي جو بايدن في خطاب له أمام طلاب في جامعة هارفارد يوم 2 تشرين اول/ أكتوبر بان حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، قدموا "مليارات الدولارات وعشرات الآلاف من أطنان السلاح" للمقاتلين "السنة"! الذين يحاولون الإطاحة بحكومة الرئيس السوري بشار الأسد. وقال بايدن إن "مشكلتنا الكبرى كانت حلفاءنا في المنطقة... كان همهم الوحيد إسقاط بشار الأسد، لذلك شنوا حربا بالوكالة بين السنة والشيعة، وقدموا مئات الملايين من الدولارات، وآلاف الأطنان من الأسلحة إلى كل الذين يقبلون بمقاتلة الأسد". ماذا يعني هذا الاعتراف؟. والى اين يريد الوصول او الاستهداف؟ ولماذا الآن، في هذه الظروف التي تعمل بلاده على صناعة احلاف لها من هذه الدول/ الحلفاء المراهنين والمرتبطين بها؟.
في السياسة يفسر بأن الولايات المتحدة تريد ان تتنصل عن دورها في ما اتهم به نائب رئيسها، وتحاول ان تلقي المسؤولية على غيرها. وكذلك تعني ان هؤلاء الذين حددهم نائب الرئيس هم المشاركون الفعليون في النتائج التي تحصل اليوم. وبتسميتهم وتحديد ادوارهم يتوضح ان الولايات المتحدة تعرف ما جرى ويحصل الان وإنها تريد ان تُدفع هؤلاء ثمن ما تعمل عليه الآن من خطط جديدة. وفي النهاية كل ما اعترف به نائب الرئيس الاميركي هو تحصيل حاصل، فهو ليس اكتشافا له، او سرا يسربه، وإنما هو معلوم لكل ذي بصر. وإذا كان ثمة سؤال للإعلام فسيكون عن التوقيت في توجيه الاتهام اولا وما هو المطلوب بعد ذلك ثانيا؟.
طبعا ليس مهما ما جاء بعده من مطالبات وغضب وحيرة وارتباك وقتي عند الحلفاء المتهمين بما اقترفت ايديهم سوية، وضرورة السؤال عن الجوانب القانونية والأخلاقية والسياسية، ليس امام العالم فقط، بل امام شعوبهم اساسا. ولكن المهم هنا هو ما يحدث فعلا والأثمان التي تدفع خلاله والشعوب التي تتحمل نصيبها فيه.
بعد الاعتراف الواضح والمسؤولية الكاملة جاء الاعتذار للتستر والتغطية المؤقتة ولف الأمور بعضها ببعض، وخلط الأوراق. بالتأكيد يعلم نائب الرئيس الاميركي ان كلامه هذا ونشره بأوسع صوره لا يمر بسهولة على حلفائه واتباعه، ولا على وسائل الاعلام، والجهات الأخرى المنتظرة لمثله، ومن جهة مسؤولة. وكذلك فإن مجرد الاعتراف سيعطي دليلا مثبتا ومن جهة رسمية اميركية بكل السيرة، والتي بالتأكيد ليست خاتمة المطاف!.
وضّح نائب الرئيس في اعترافه مسألتين رئيسيتين، الاولى هي: ان حلفاء بلاده وركائزها في سياساتها وخططها في المنطقة، شاركت في حرب دموية لإشاعة عدم الاستقرار وإثارة النزاعات والصراعات في المنطقة. وان المسألة الثانية: وهي الهدف من كل ما جرى هو تكريس الحروب بين الطوائف والمذاهب الدينية، وخاصة بين طائفتي السنة والشيعة بين المسلمين. وهو الهدف المركزي الذي خطط له، ووضع في مهمات الغزو والاحتلال والتوسع الامبريالي والهيمنة الاستعمارية، والتواطؤ معها والتخاذل في النهاية ازاء المصالح الوطنية والقومية وتدمير المنطقة وثرواتها وطاقاتها ومستقبل اجيالها.
رمى باعتذاره ايضا عدة احجار، فهو كما يعلم بأنه سيواجه مثل هذه التساؤلات وان ما قاله اوصل رسائل خطيرة لمن استهدف او مقابله، وانه لا بد ان يبرره حتى اذا لم يطلب منه ذلك، لضرورة الخطوات التي ترسمها المخططات الامبريالية لسياسات بلاده وغيرها في المنطقة، وصناعة الاحلاف الجديدة التي توارثها من اسلافه في العقود المنصرمة. متماشيا مع القول الشائع المتسلسل، اعتراف فاعتذار فتحالف فزواج وولادة منه اسمه داعش اعلاميا. سواء في صناعته او "شن الحرب" عليه، فكلاهما ضمن اطر الخطط الموضوعة لمراحل الغزوة الامبريالية وأهدافها.
قبول اعتذاره من قبل الاطراف المتهمة منه، والتي لم يذكرها بالاسم من تابعيه، ليس استجابة وحسب وإنما لوقف الفضيحة المشتركة والصمت عليها، فكل يعرف دوره وموقعه، وأي طرف يخرج عنه يعني ما يعنيه لهم. وهكذا غلف الاعتذار القضية واستمر التحالف بعده. لكن وقائع الحال لا تشي به فقط وإنما تؤكد ذلك وتكشفه وتثبته بالأدلة الدامغة وتصعق النظر به. ولعل ما يكشفه اصحابه ايضا يلقي بعض ضوء عليه ايضا ويردد ما اعترف به بايدن.
رد الباحث الاميركي وكبير مراسلي "ديلي بيست"، إيلي ليك، على سؤال لـCNN (6/10/2014) حول صحة ما ذُكر بأن القوات الخاصة الأميركية كان لديها معلومات كثيرة وقائمة أهداف يمكن ضربها لداعش لكنها لم تقدمها لأوباما: "أجل هذا صحيح، فقد كانت سياسة أوباما في ذلك الوقت ترفض تنفيذ ضربات في العراق، وقد كانت القوات الخاصة قد جمعت معلومات جيدة حول شبكات القاعدة وخططها وتعرفت كذلك على شبكة خراسان". وتابع ليك: "كان لدى المخابرات الأميركية قلق كبير من إمكانية استخدام نوع من المتفجرات غير المعدنية القادرة على تفجير طائرات فوق أوروبا خلال رحلات من الشرق الأوسط إلى أميركا، وقد جرى تحذير الشركات المعنية، وبعد ذلك التحذير شعرت المجموعة أن أميركا تتجسس على اتصالاتها فحدت منها واختفت عن الأضواء لفترة". ولدى سؤاله ما إذا كان الأمر يعني إخفاقا أمنيا أم أنه مجرد سوء تنسيق قال ليك: "هذا يعكس توجهات الرئيس أوباما التي عبر عنها في خطاب حال الاتحاد عام 2014، والتي دعا فيها إلى إنهاء حالة الحرب التي تعيشها أميركا، ولكننا اليوم عدنا إلى حالة الحرب من جديد"!.
كما كشف ضابط الاستخبارات البريطانية في جهاز مكافحة الإرهاب، تشارلز شويبردج، تفاصيل خطيرة حول دوري واشنطن ولندن في صناعة الإرهاب، في مقابلة له مع فضائية روسيا اليوم. حيث اشار الى أن وكالة المخابرات الأميركية " سي اي ايه" والاستخبارات البريطانية دفعتا دولا خليجية لتمويل وتسليح تنظيمات مسلحة في مقدمها داعش. وقال شوبريدج ان الاستخبارات البريطانية والأميركية تقفان وراء كل الأحداث الدراماتيكية التي تعصف بدول في الشرق الأوسط مثل سوريا والعراق وليبيا. وما كشفه رجل المخابرات السابق وما قاله الباحث الاميركي انفا غيض من فيض الاعترافات المتبادلة والاتهامات المتبادلة والتحالفات المتبادلة. وأخيرا الخاسر الأكبر فيها هو الشعوب في المنطقة وثرواتها ومستقبلها.