علي بن سالم الرواحي:
علم المعاني هو علم يُعرّف به أحوال اللفظ المطابقة لمقتضى الحال، وهو من علوم البلاغة، وفي علم المعاني ينقسم أسلوب الكلام العربي على حسب احتماله للتصديق والتكذيب ـ وفق الواقع أو حسب مطابقته مقتضى الحال ـ أو عدمه ينقسم إلى خبر وإنشاء، فالأول يحتملهما بخلاف الثاني، وسر ذلك أن مدلول الخبر كان موجوداً قبل التكلم به، بينما مدلول الإنشاء لا يتحقق وجوده إلا بالتلفظ به، فأنت ترى: مدلول (شرب زيد الماء) كان موجوداً قبل التلفظ به فاحتمل التكذيب والتصديق، بينما مدلول (اشرب الماء) لا وجود له قبل التلفظ به ولم يتصوّر في الذهن قبل ذلك حتى يُحكًم عليه بذلك.
وعلى أية حال، فإن الخبر لغة نقل الكلام كتابة أو تحدثاً أو العلم بالشيء ونقله، ويزاد في اصطلاحه أن يحتمل التصديق والتكذيب بذاته، وجميع أخبار القرآن والسنة الصحيحة المتفق عليها، والحقائق العلمية أخبار كصادقة لا يتطرق إليها الكذب والبطلان سواء أكانت غيبية أم مشهودة وهي لهداية الإنسان، أما أخبار الشياطين الكذبة فهي أخبار كاذبة ضالة جاءت لإغواء الإنسان، فهذا لا يحتمل التكذيب أبداً لأنه أتى من علام الغيوم الصادق في كلامه، المنفذ لأحكامه.
والإنشاء فلغة الإيجاد والابتكار، وينقسم إلى الانشاء الطلبي، والانشاء غير الطلبي، فالأول هو ما يستدعي مطلوباً غير حاصل وقت الطلب، فالأمر يكون فيما يُطلَب أن يقوم به المأمور مستقبلاً، أما الانشاء الغير طلبي هو ما لا يستدعي مطلوباً غير حاصل وقت الطلب غالبه عبارة عن أخبار نُقِلت إلى الإنشاء مثل الرجاء وهو ما يتوقع لشيء أن يحدث مستقبلاً من غير أن يحتاج إلى طلب له.
والجملة الاسنادية إما اسمية تبتدئ باسم أو فعلية تبتدئ بفعل، والأولى عموماً تفيد الثبات والاستمرار أما الجملة الفعلية فتفيد الحدوث والتجدد, فتجدد الماضي يكون بحدوثه، وتجدد المضارع يكون بتكراره، ويرى الدكتور النجيب فاضل السامرائي في دلالة الجملة أن لها وجهين:
1 ـ أنها تدل على القطع أن كانت ذات معنى واحد أو على الظن والاحتمال إن كثر معانيها.
2 ـ أن لها دلالتها إما ظاهرة تُستسقى من ظاهر اللفظ, أو باطنة تُستسقى من المجاز والكناية، والجملة الاسنادية هي المكونة للخبر والإنشاء, تتكون من مخبَر عنه ومخبَر به أو من محكوم عليه ومحكوم به, فالأول المسند إليه, والثاني المسند، وهما ركنان أساسان في الجملتين الفعلية والاسمية لا يتمان إلا بهما، ويتمثل المسند في الفعل والخبر, ويتمثل المسند إليه في الفاعل والمبتدأ، وما زاد عليهما فهو من القيود البلاغية، وتسمى أيضاً في الجملة الفعلية متعلقات الفعل، وقد يُحذَف المسند أو المسند إليه لأغراض بلاغية، والبحث عنه يطول.
أسلوب الخبر:
للخبر على ثلاثة أساليب: أسلوب الخبر الابتدائي وهو غير المؤكد، وأسلوب الخبر الطلبي حيث يطلب المخاطب من المتكلم الوصول إلى اليقين بحكم الخبر لتردده فيه, مما يؤكده له، المتكلم بأداة تؤكيد، وأسلوب الخبر الانكاري، وهو المؤكد بأكثر من أداة توكيدية، ويكون عندما يكون المخاطب ينكر مضمون الخبر.