أولت قيادتنا الحكيمة منذ فجر النهضة المباركة اهتماما خاصا بالصناعات الحرفية وحرصت بعدة طرق على تشجيع الحرفيين لبذل أقصى قدراتهم لتطوير تلك الصناعات والارتقاء بها بهدف الحفاظ على هذا النوع من التراث من الاندثار أو التشويه .. فقد أبدع أجدادنا وآباؤنا في إجادة المنتجات الحرفية حتى صارت معلما مميزا لهوية الإنسان العماني بل كانت موردا للدخل ليس على المستوى الفردي فقط بل الوطني أيضا.
وهاهي السلطنة تقطف ثمار اهتمامها بالصناعات الحرفية حيث فازت بجائزة الإجادة الحرفية لعام 2014 التي نظمها مجلس الحرف العالمي في إندونيسيا وأقيمت تحت رعاية منظمة اليونسكو الأممية وذلك على مستوى دول قارة آسيا والمحيط الهادي لتخفق رايتها عالية وترفع رأس كل عماني.
إن كل عماني يفخر بالهيئة العامة للصناعات الحرفية التي أجادت ونافست بقوة حتى تحقق لها الفوز خاصة أنها نافست بمنتجات أصيلة تعبر عن الهوية العمانية مثل الخنجر العماني في مجال المشغولات الفضية والعزاف أو ما يعرف بمنتج السفرة أو السماط السعفي في مجال السعفيات وهذه منتجات يعتز بها كل عماني ولا يكاد يخلو منها بيت.
لاشك أن مثل هذه المسابقات تساهم بشكل كبير في النهوض بالإنتاج الحرفي وتخرج مكامن الإبداع في نفوس المتسابقين الحرفيين لأنهم يسعون لتقديم أفضل ما لديهم .. كما أنها تربط إنسان العصر بتراثه التليد وتحافظ على الهوية المميزة للشعوب فالمنتجات الحرفية قيمة حضارية ووطنية يجب احتضانها ورعايتها .. لاسيما وأن عصرنا الحديث عصر التكنولوجيا والأجهزة الإلكترونية والآلات الكهربائية التي تقوم بكل الأنشطة البشرية يدفع الإنسان للاعتماد عليها وإهمال الصناعات الحرفية التي تحتاج لمجهود ومشقة وعناء .. إلا أنه مهما أبدعت تلك الآلات فإنها لن ترقى لمستوى الإبداع البشري الذي زرعه الله في نفس الإنسان وقلبه وعقله الذي يملك مهارة التطوير والقدرة على التفكير والتغيير وهي أشياء لا تستطيع آلة أن تفعلها من تلقاء نفسها.
إن المنتجات الحرفية تحكي قصة تاريخ عظيم لذلك فإن مشاركة السلطنة بمنتجاتها الحرفية في مثل هذه المسابقات العالمية يعتبر أفضل طريقة للترويج للتاريخ العماني الذي عاشه الأجداد على الصعيد الدولي.
للأسف اقتحم العمال الأجانب الحرف العمانية التقليدية العريقة وصار عدد العمانيين محدودا جدا لذلك فإن من يتجول في الأسواق يجد أن جودة المنتجات الحرفية لم تعد كالسابق وشابها التشويه والتغيير حيث إن كل وافد يضيف للمنتج ما يتوافق مع موروث بلاده الثقافي حيث نشأ وترعرع غاضا النظر عن الحفاظ على الهوية العمانية الأصيلة .. وهو ما يجعلنا نتساءل أين الشباب العماني من حرفة الأجداد ؟.
لاشك أن هويتنا لن يصونها غيرنا وإذا لم نحرص على رعايتها والاهتمام بها وتخلينا عنها فإنها ستتوه في زحمة العولمة .. فالكثير من صناعتنا التقليدية مهددة بالانقراض والموجود منها لا يراعي الحرفي فيها الدقة والمهارة اللازمة لإظهار الوجه الحضاري للمنتج .. لذلك نناشد كل عماني لديه قدر من إجادة حرفة تقليدية ما فليحافظ عليها وليعمل على تطويرها وإيصالها لأولاده وأحفاده حتى تظل شاهدا على حضارة عمان الأصيلة.
سلمت كل يد تساهم في إبداع المنتجات الحرفية التراثية .. ومبارك للفائزين بالمسابقة الدولية ونتمنى لهم التوفيق والنجاح دائما ولوطننا الغالي المزيد من التقدم والتطور والازدهار.

* * *
السلطنة .. دعم ثابت للقضية الفلسطينية
موقف السلطنة من القضية الفلسطينية معروف وثابت لا يتغير .. فهي تدعم نضال الشعب الفلسطيني وتقر بحقه في استرداد أرضه وتنادي بحق عودة اللاجئين وتدعو لوقف الانتهاكات الصهيونية كذلك دعت في أكثر من مناسبة الفصائل الفلسطينية للوقوف جميعا في وجه العدو المشترك ووقف الاستيطان الجائر .. كما أنها كانت ومازالت تؤكد على أهمية السلام للطرفين الفلسطيني والإسرائيلي لأنه الحل الوحيد لكي تعيش إسرائيل في أمان وتقوى دولة فلسطين الوليدة.
ومنذ أن بدأ الحصار يخنق أهالي قطاع غزة لم تتوان السلطنة عن مساعدة الأشقاء فظلت طوال سنوات الحصار تمدهم بالمساعدات الغذائية والطبية وغيرها وقامت ببناء المدارس والمستشفيات والمراكز الصحية المتكاملة إلى جانب تنفيذ مشاريع تتعلق بالبنية التحتية الأساسية في الكهرباء والمياه والصرف الصحي وغيرها من الإسهامات البناءة في أعمال الإغاثة وإعادة الإعمار لقطاع غزة.
وهاهي السلطنة أكدت مرة أخرى موقفها من إعمار غزة فساهمت في المؤتمر الذي عقد مؤخرا بالقاهرة وتعهدت على لسان معالي يوسف بن علوي بن عبد الله الوزير المسئول عن الشئون الخارجية بالاستمرار في تقديم العون المالي والسياسي لأهالي القطاع وبناء المدارس والمستوصفات والمباني كلما أتيحت لها الفرصة حيث إن مواد البناء غير متوافرة دائما نتيجة التعقيدات والحصار الذي يفرضه العدو الإسرائيلي.
كما أكد معاليه أن السلطنة ستقف بجوار الحكومة الائتلافية التوافقية الجديدة في مسعاها لإخراج غزة من الوضع المأساوي الذي تعاني منه جراء العدوان الإسرائيلي .. ففي كل مرة تنقض الدولة العبرية على القطاع وتعيث فيه تدميرا وخرابا وتتركه كومة من الركام تحتاج إلى المليارات كي يتم إعمارها مرة أخرى .. والعدوان الأخير أدى إلى تدمير أكثر من 18 ألف منزل ومنشأة .. وبالرغم من أن من أفسد شيئا عليه إصلاحه إلا أن الدولة الصهيونية لا تتحمل نتيجة عدوانها ويتولى المجتمع الدولي إعادة الإعمار وفي كل مرة يتم عقد المؤتمر تلو الآخر واستجداء الدول لتحمل نصيبها من الإعمار.
الوضع الآن في منتهى الصعوبة حيث إن القطاع في حاجة إلى أكثر من 4 مليارات دولار لإعادة الإعمار وما تمكن المؤتمر من جمعه قارب 3 مليارات فقط وبالتالي فإن المشوار مازال طويلا ويحتاج لتكاتف المجتمع الدولي لتوفير العيش الكريم للفلسطينيين في القطاع فالبنية التحتية منهارة ومحطات تحلية المياه تم تدميرها والأراضي الزراعية والمنشآت التعليمية والصحية والطرق وغيرها تم قصفها.
نتمنى ألا تبقى تعهدات مؤتمر القاهرة حبيسة الأدراج وتظل مجرد حبر على ورق وأن تفي الدول بعهودها ويتم تمويل الحكومة التوافقية بالمبالغ المطلوبة حتى يتم إعادة ما تم هدمه .. كما نرجو أن يضغط المجتمع الدولي على الدولة العبرية كي تفك الحصار عن الفلسطينيين المنكوبين وتتيح استيراد مواد البناء والغذاء والدواء حتى يتم تنفيذ مشاريع تطويرية تنهض بالقطاع بل بكامل الأراضي الفلسطينية .. وندعو الله أن ينعم الشعب الفلسطيني عن قريب بدولة مستقلة ذات حدود وسيادة وينال الاستقرار والأمن والسلام المنشود وتعود الأرض لأصحابها الحقيقيين .. إنه نعم المولى ونعم النصير.

* * *
حروف جريئة
مشروع محطة طاقة الرياح لتوليد الكهرباء الجديد الذي سيتم إنشاؤه بمحافظة ظفار نقلة نوعية كبيرة في مجال إنتاج الطاقة النظيفة ودليل على حرص قيادتنا الحكيمة على تلبية احتياجات المواطنين وفي نفس الوقت الحفاظ على البيئة.

تصويت مجلس العموم البريطاني "البرلمان" بأغلبية كاسحة لصالح الاعتراف بفلسطين دولة مستقلة رغم أنه إجراء غير ملزم للحكومة إلا أنه يعبر عن الإرادة الشعبية البريطانية لأن أعضاء البرلمان يمثلون الشعب الذي يرفض الانتهاكات الصهيونية .. نتمنى أن تخضع الحكومة لإرادة الشعب وتكف عن السير في ذيل أميركا والدفاع عن إسرائيل ظالمة أو مظلومة فهي من زرعتها في المنطقة وعليها أن تعيد الحق لأصحابه.

خالد محفوظ بحاح رئيس الوزراء اليمني الجديد نتمنى أن يجلب الاستقرار للبلد الشقيق خاصة أنه نال قبول كافة الأطراف وأن يعود اليمن سعيدا على يديه.

وزير الخارجية الأميركي جون كيري صرح مؤخرا بأن العراقيين هم من عليهم التصدي لتنظيم داعش .. وهنا نسأل كيري هل يعتبر هذا اعترافا ضمنيا بفشل التحالف الدولي في القضاء على التنظيم الإرهابي ؟.. وإذا كان الأمر بيد العراقيين فلماذا تدخلت بلاده منذ البداية ؟.

منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "فاو" أعلنت أن نصف سكان العالم يعانون من سوء التغذية والجوع .. هذا الإعلان وصمة عار على جبين البشرية حيث تشبع مجموعة من البشر بينما يموت البعض الآخر جوعا.

* * *
مسك الختام
قال تعالى : "وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون".

ناصر اليحمدي