[author image="http://alwatan.com/styles/images/opinion/abdalahabdelrazak.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]د. عبدالله عبدالرزاق باحجاج [/author]
سيظل مشروع تطوير منطقة الحافة لغزا محيرا وربما نحتاج لعقد من الزمن حتى تنكشف لنا أسراره، فالكل يلزم الصمت بدلا من الإفصاح عن أسباب عرقلة هذا المشروع طوال أكثر من عشر سنوات رغم أن المؤتمن عليه يقبع الآن في السجن بسبب قضايا أخرى، وعقبها اسند هذا المشروع للجنة وطنية يغلب عليها الطابع المحلي وعلى مستوى رفيع جدا، وكفى بهذا التطور سببا موضوعيا ومنطقيا في الانفتاح على ملاحظات المواطنين ممن انتزعت ملكياتهم لصالح هذا المشروع، خاصة أولئك الذين رفضوا المساواة في التعويض المالي والعيني معا ونعني بهم تحديدا أصحاب البساتين والبيوت التي في الواجهة البحرية، رغم أن الكل ينبغي أن يستفيد من التطورات الجديدة، فهل درست اللجنة الجديدة أسباب رفض أصحاب البساتين والبيوت الواقعة على الواجهة البحرية التعويضات دون غيرهم؟
للأسف ملف الرافضين وهم أصحاب الواجهات البحرية له أكثر من ثلاث سنوات معلق، لم يبت فيه سلبا ولا إيجابا، لماذا؟ وكيف سيتم تنفيذ المشروع دون تسوية هذا الملف؟ هل هو شائك لهذا الحد؟ إذا كان هناك من تعقيدات فيه، فهي سترجع إلى البداية، والبداية لم تكن منصفة ولا عادلة تماما سواء من حيث تقدير قيمة الأرض في مكان استراتيجي يطل على المحيط الهندي، ويراد له تطويره سياحيا دون أن تكون هناك رؤية مسبقة، فغابت الرؤية، وبغيابها، ضاعت تقديرات أراضي المواطنين، بحيث وضع التعويض المالي والعيني لكل الأراضي في سلة واحدة، مهما كان موقعها، بدليل، احتساب (180) ريالا للمتر المربع والأرض مقابل الأرض، وبعد مطالبات رفع مبلغ التعويض إلى (250) ريالا للمتر المربع، وظلت كل الأراضي في سلة تعويضية واحدة، بمعنى أنه لم يراع خصوصية بعض الأراضي دون الأخرى، فهل قيمة الأرض المقابلة للواجهة البحرية مثل قيمة الأخرى التي تحتل مواقع خلفية؟ وهل مبدأ الأرض في الحافة مقابل الأرض في جرزيز عادل؟ كما لم يتم التفرقة ماليا بين نوعية الأراضي واستخداماتها سواء كانت سكنية أو تجارية أو زراعية أو سياحية، المتر مربع (250) ريالا والنخلة (300) ريال، الكل قد وضع في سلة تعويض واحدة تقريبا، فهل نتوقع هنا أن يقبل من تقع أراضيه في الواجهة البحرية مثلا بمبدأ التعويض المؤحد؟ من هنا يرفض أصحاب الواجهات البحرية حتى الآن آلية التعويض الحالية، ويطالبون منذ أكثر من ثلاث سنوات بوضع آلية تعويضية عادلة لقيمة أراضيهم التي لا تقدر بثمن، وسوف يندبون حظهم كثيرا، بل سوف لن ترحمهم أجيالهم المقبلة عندما يشاهدون أراضي أجدادهم قد أصبحت تكسب للمالكين الجدد ذهبا من العيار الثقيل بينما لم ينعكس ذلك على مالكيها الأصليين، ولهذا وجدنا البعض من المالكين يحمل هذا الوعي بقوة صامدة عبر رفضهم المساواة في التعويض، وإصرارهم على تعويض المتر المربع (500) ريال والمتر مقابل المتر، وهم طبعا أصحاب الواجهات البحرية الذين يمتلكون بساتين تقدر ببضعة الآلاف من الأمتار المربع، وقد تواصلوا معنا لفتح هذه القضية انطلاقا من قناعتهم أنه لن يضيع حقا وراءه مطالب، وهذا حق نعتد به كثيرا، ونتعاطف معهم بصورة كبيرة، وذلك لمنطقيته، فالتقدير منذ البداية كانت تنقصه العدالة سواء من خلال التعويض المالي أو العيني أو المساواة في التعويض المالي، فيبدو أن المؤتمنين على هذا المشروع لم ينزلوا إلى مصلحة المالكين بقدر ما كان هاجسهم سحب الأراضي منهم، كما أنه لم يكن لديهم رؤية للأرض بعد السحب لأن كل هاجسهم السحب أولا وبمبلغ ينبغي أن يحمل الكل على قبوله، بدليل، عدم وجود آلية منذ البداية وحتى الآن لتعويض الأراضي المتميزة، فلا يعقل مساواة الأراضي الواقعة أمام البحر ببقية الأراضي الأخرى، هذه من الأمور البديهية المجمع عليها، فما هي الغاية من هذا التعويم الذي لا يعتد بالحقوق وميزاتها؟ ومن ثم فهل ينبغي من المتضررين أن يقبلوا هذا الظلم؟
من هنا، ينبغي أن نفهم ونتفهم في الوقت نفسه، اعتراض مجموعة كبيرة منهم على آلية التعويض، والأهم، أن هذا المشروع المحلي/ الوطني، قد استلمته الآن لجنة وطنية يغلب عليها الطابع المحلي، فهل ستبت في تظلمات المواطنين؟ وهي أدرى بقيمة منطقة الحافة التاريخية والسياحية والاقتصادية عموما، بل والسياسية كونها مجاورة لمرفق سيادي غال على كل العمانيين، وهناك مجموعة تساؤلات نوجهها لها، أبرزها، هل قيمة الأراضي المنتزع ملكيتها في الحافة حتى الآن تساوي (60) مليون ريال فقط أم أضعافا مضاعفة؟ ومن ثم هل هناك من إعادة نظر في قيمة التعويض رغم موافقة الغالبية واستلامهم مبالغ التعويض؟ إذا نظرنا لمبلغ (60) مليونا من جهة وقيمة الأرض المستقبلية من جهة ثانية والاعتبارات التاريخية والنفسية من جهة ثالثة، فسوف لن يكون هناك وجه للمقارنة، فلماذا هذا البخس في قيمة أراضي المواطنين؟ وهذا كله لكي نصل للاستدلال بحجة الرفض التي يرفعها أصحاب البساتين والبيوت التي تقع أراضيهم في الواجهات البحرية خاصة الآن بعد أن أصبحت هناك رؤية واضحة لتطوير منطقة الحافة، فهي ستكون سياحية تاريخية معا، أي لن تكون المعاصرة على حساب الأصالة، أو العكس، وإنما ستكونان متلازمتين ومتعايشتين في إطار منطقة واحدة في تناغم وانسجام بين القديم والجديد، وندعو اللجنة الوطنية /المحلية التي استلمت مشروع تطوير منطقة الحافة إلى التحرر من آليات العمل الموروثة، والانفتاح الايجابي لتصحيح الأخطاء الماضية بعد أن أصبح المؤتمن على هذا المشروع يقبع الآن في السجن بتهم فساد، إذن، هل ما رسمه وخطط له يلزم المواطنين إذا كان فيه ضررا كبيرا؟ وكيف لا نعمل لصالح المواطنين وهم أساس الدولة؟ والعمل لصالحهم هنا لبس منة ولا اكرامية وإنما ينبغي النظر له من منظورين، حقهم في التعويض العادل، وحق الوطن في العمل بصورة دورية التقليل من حجم الطبقة الفقيرة وتوسيع من نطاق الطبقة المتوسطة التي هي بمثابة صمام الأمان لديمومة الاستقرار في البلاد، ولا يبدو أن هناك وعيا بهذه الخلفيات الوطنية المهمة، كما لا يبدو أن هناك استفادة من تجارب الماضي بدليل ما يتعامل الآن مع المنتزعين الجدد في نفس المنطقة بعد أن توسعت الرؤية التطويرية لمنطقة الحافة، كيف؟ للموضوع تتمة مهمة جدا في مقال بعد غد الأربعاء بمشيئة الله .