يمثل دخول الجيش العربي السوري العديد من المناطق في شمال سوريا تطورًا مهمًّا على صعيد المعركة الوطنية التي يخوضها من أجل تخليص سوريا وشعبها من الإرهاب العابر للحدود، ومن التدخلات الخارجية في الشأن الداخلي السوري، ومن أجل صون سيادتها واستقلالها ووحدة ترابها. فالجيش في كل بلد هو درعها لما يحمله على عاتقه من مسؤوليات جسام ومهمة وطنية كبرى يتوقف عليها مصير البلد وشعبه ووحدته واستقلاله وسيادته.
التطورات المتلاحقة والمترافقة مع العدوان التركي على سوريا تعطي صورتين صادقتين تعكسان حقيقة المخطط المحاك ضد الدولة السورية، الأولى تتمثل في الصراع المحموم المرتكز على الدوافع الاستعمارية، حيث عبَّرت عن ذلك طبيعة التدخلات المتأبطة للتنظيمات الإرهابية وجلب الإرهابيين التكفيريين والمرتزقة وأصحاب السوابق من أصقاع العالم، وتوجيهها لتتولى مهمة التدمير والاستيلاء والاستعمار بالوكالة، وهذا ما بدا واضحًا من خلال التدمير الممنهج والجرائم الإرهابية والعنف والغلو، والتطهير العرقي وتهجير أبناء الشعب السوري من مدنهم وقراهم، وما يدلل على ذلك أيضًا العلاقة العضوية وعلاقة الأبوة والأمومة بين الأطراف المتدخلة والطامعة في سوريا والتنظيمات الإرهابية، عبر الدعم المتدفق من الأموال والسلاح والعتاد، ومحاولة إضفاء الشرعية على هذه التنظيمات عبر مسميات وأوصاف لا تمت إلى حقيقتها بصلة، كوصف "المعارضة السورية" أو وصف "المعارضة السورية المعتدلة"، واللافت تجاه ذلك أن الأطراف المتحالفة مع هذه التنظيمات الإرهابية تحاول التلطي وراء شعار خادع وكاذب وهو "محاربة الإرهاب"؛ فأي إرهاب هذا الذي يحاربونه في الوقت الذي يدعمون تنظيماته ويحرضونها ضد الشعب السوري والبنية الأساسية السورية؟
أما الصورة الثانية التي تعكسها تطورات الأحداث فتتمل في الاستماتة في كسر عقيدة الجيش العربي السوري، وتفكيكه وإضعافه، وإيكال مهمة تدمير البنية الأساسية العسكرية إلى التنظيمات الإرهابية، وتحريض أفراده على الانشقاق والتمرد؛ أي معاداة الجيش العربي السوري، وما يعضد هذه الحقيقة هو حملات التشويه والتضليل والتحريض ضد الجيش العربي السوري، وعرقلة تقدمه في حروبه ضد فلول التنظيمات الإرهابية، وفبركة الاتهامات، والإيعاز إلى التنظيمات الإرهابية من قبل منتجيها ومشغِّليها لارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين السوريين ومحاولة إلصاقها بالجيش العربي السوري، ولعل استخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين من قبل التنظيمات الإرهابية، وما يترافق معها من مسرحيات هزلية أبرز برهان على ذلك، وما يعضد هذه الحقيقة أيضًا، ما نراه اليوم من محاولة منع الجيش العربي السوري من الوصول إلى حدود بلاده، واستهدافه من قبل الطيران الحربي التابع للتحالف الستيني الذي تقوده الولايات المتحدة بزعم محاربة تنظيم "داعش".
اليوم الأطراف المتدخلة في الشأن الداخلي لسوريا والمتآمرة عليها أن تثبت مصداقية ما ترفعه من شعارات أنها حريصة على أمن المدنيين السوريين، وأن هدفها هو مساعدة الشعب السوري حتى تحقيق تطلعاته، وذلك بأن ترفع يدها عن سوريا وشعبها، وأن تغادر القوات الأجنبية التي جاءت بدون إذن من الحكومة الشرعية السورية أراضي سوريا، وأن لا تستهدف الجيش العربي السوري وتمنعه من القيام بواجبه الوطني، فهو القوة الوحيدة التي تحارب الإرهاب، وهو القوة الوحيدة القادرة على تحقيق الأمن والاطمئنان والاستقرار للشعب السوري، وصور الترحيب والاستقبال للجيش العربي السوري من قبل أبناء الشعب السوري في المدن والقرى التي دخلها كمدينة منبج والرقة وغيرهما هي خير دليل وشاهد على حقيقة الجيش العربي ومكانته لدى الشعب السوري، وتعكس في المقابل ما سامته الأطراف المتآمرة وأدواتها الإرهابية من ألوان النكال والعذاب بأبناء الشعب السوري.