يتساءل أحد المعالجين بالطب البديل قائلا: لماذا يصاب بعض الناس بنزلات البرد، والبعض يصابون بمرض بينما لا يصاب البعض الآخر؟ لماذا يتعافى بعض المرضى من أمراض خطيرة؛ بينما تتفاقم حالة البعض الآخر؟ ما العلاقة بين التفكير وبين متانة الجهاز المناعي للإنسان؟ ما زلت أتذكر يوم كنت طفلا في جبال ظفار، كيف كنا متحررين ونحن أطفال من الخوف الوهمي من الإصابة بالأمراض. كانت المياه التي كنا نشربها ملوثة جدا، وغالبا ما تكون الأطعمة البسيطة التي كنا نسد بها الرمق بائته، وكنا نأكلها دون أن نصاب بأذى، بينما يتسمم كثير من الناس عندما يتناولون الأكل البائت. تفسر الدكتورة كافيتا فيدهارا من وحدة البحوث والخدمات الصحية بجامعة بريستول البريطانية، أن هناك آليتين محتملتين لكيفية تأثير العوامل الفسيولوجية في الجسم على جهاز المناعة، أولاهما أن للتوتر والقلق النفسي تأثيرا مباشرا على مستوى الهرمونات في الجسم، مثل هرمون الكورتيزول الذي يعرف تأثيره على المناعة، كذلك فإن التوتر يسبب تغيرات سلوكية تجعل الإنسان يستهلك كميات كبيرة من الطعام غير الصحي؛ مما ينعكس ذلك على كفاءة جهازه المناعي.
وقد سبق أن أكد الدكتور « لويس باستير» رائد نظرية تخثر الجراثيم قبل وفاته بأن البكتريا لا تسبب الأمراض إلا إذا كان جسم الإنسان مستعدا لاستقبال المرض.
كما تؤكد أبحاث علمية عديدة أن الهرم والشيخوخة ومن ثم الموت خاضعة لتأثير العقل على أوضاع الجسد وتغيير مساره من خلال قيام العقل ببرمجة خلاياه وتوجيهها كما يريد.إن تفكيرنا يؤثر على جميع التغيرات التي تحدث في أجسادنا. فخلايا أجسادنا متصلة تمام الاتصال بأفكارنا ولا تنفك تسترق السمع إليها؛ لتتغير حسب ما تمليه هذه الأفكار سلبيا أو إيجابيا.
إن أجسادنا والعالم من حولنا هي انعكاس لما تعيه عقولنا في هذا الكون. إن الذكاء الكوني يجمع أجسادنا في عقل كوني مطلق هو الخلود. وهذا يتفق مع ما ذهبت إليه نظرية (الكوانتوم) التي تعتبر الكائنات والكون مكونة من حالة طاقة كهرومغناطيسية تتألف من جزئيات غير منظورة تسير بسرعة الضوء وليس لها حجم.
من هنا فإن جسم الإنسان يتجدد كل ثانية ككل الأشياء في الكون. كل خلية من خلايانا هي قطب صغير جدا يتصل بكمبيوتر الكون غير المحدود ويستطيع الإنسان بتفكيره ويقينه وإصراره أن يحول العمليات الجسدية التي تجري داخل جسده دون وعي منه إلى عمليات واعية تستنهض طاقاته النفسية والادراكية؛ لتحفز جهازه المناعي لمقاومة المرض والشيخوخة. لذا كان لنظريات التشافي الذاتي دور كبير في تنشيط تطبيقات العلاج الذي يعتمد على تنشيط القوة الشافية في عقل الإنسان؛ من ذلك ما قام به الدكتور سيمونتون في جامعة تكساس عام 1971 من مساعدة أحد مرضاه على الشفاء التام من مرض السرطان عن طريق تدريب أحد مرضاه على ممارسة التخيّل الذهني المركّز. وحسب تقريره، فقد استوحى هذه التقنية من مبادئ التأمل التجاوزي والتنويم المغناطيسي، إضافة إلى بعض نظريات علم النفس التطبيقي التي يؤمن بها، حيث كان يدرب مرضاه على اتقان رياضة التنفس والاسترخاء ، ثم ممارسة التخيل الموجه الذي يتمثل في رسم صورة ذهنية خيالية عن مكان الورم وربطها بدماغه عبر ممرّ عصبي من صنع خياله. ثم يدربهم على تخيل دماغه وهو يرسل ومضات كهرومغناطيسية إلى مكان الورم للتغلب على الخلايا السرطانية ودحرها. إن عقل الإنسان مأوى للصحة والمرض والسعادة والحزن والمناعة والضعف، كل ما على الإنسان أن يدير أفكاره بطريقة إيجابية حتى يحقق الصحة والسعادة والرفاه في الحياة.

د. أحمد بن علي المعشني
رئيس مركز النجاح للتنمية البشرية