الساعة الواحدة عند منتصف الليل ، كان ينتظر بشغف نتائج البعثات الخارجية مع أن أبناءه ما زالوا في مراحلهم الأولى من الدراسة الإبتدائية ، ولكن معرفة التخصصات التي سيرسل إليها الطلاب في بعثات محور إهتمامه ، وبعد معرفة النتائج أصيب بشيء من الإحباط مردداً (كنت متأمل أن يتغير الوضع هذا العام ولكن ظلت الأمور مثل ما هي!! ) .
كان يتحدث دائماً عن اللانظام المتبع في إرسال الطلبة للبعثات الدراسية الخارجية ، فالحكمة ليس في العدد كما هو حاصل الآن بل أختيار البلدان المعروفة بقوتها وتميزها في تخصص ومجال معين ، هل زيادة أعداد المبتعثين سنوياً إبرة مخدرة تصب في مصلحة الجهة المعنية وهذا ما يستشف من قبول النسب المتدنية مقارنة بالسنوات الفائتة حيث كانت البعثات للمتميزين دراسياً وكانت بمثابة تكريم لهم ، ولكن الزيادة الحاصلة في أعداد المبتعثين وتركيز الابتعاث إلى بلدان معينة وفي عدة تخصصات في بلد واحد مقارنة ببلدان يرسل إليها أعداد قليلة في تخصصات هي ضعيفه بها يثير بعض التساؤلات ، فالدراسة فى الخارج ليست قالباً واحداً فى المستوى والمنهجية والمقررات الدراسية والنظام التعليمي ولذلك لابد من العناية في أختيار الدول التي يدرس بها تخصص ما.فهل هناك إلتزام مع منظمات تُسهّل عملية القبول في بلدان معينة بغض النظر عن قوة التخصص؟ بل هي معايير أقرب إلى العلاقات التجارية بين مؤسسات الوساطة التعليمية وبين الدول المبتعث إليها الطالب؟ يكون ضحيتها الطالب من جهة والدولة من جهة أخرى ، الطالب من حيث عدم الاستفادة من الدراسة في البلد التي أرسل إليها كما هو مخطط له (هنالك الكثير من الحالات) ، فقد يكون الدراسة في بلده أكثر فائدة من الإبتعاث لبلد تطرح التخصص لتغطية إحتياجات سوق العمل لديها فقط وليس لقوة ذلك التخصص هذا من جهة الطالب ، أما الدول فتكون من حيث هدر الأموال في المرحلة الدراسية وإستقبال مخرجات بشرية غير قادرة على العطاء في المجال الذي أرسلت إليه كما هو مأمول .
فعلى سبيل المثال لماذا لا يتم إبتعاث الطلبة إلى ألمانيا لدراسة الطب والهندسة والمجالات ذات العلاقة بالجانب التقني لكون ألمانيا متميزة وناجحة بكل المقاييس في هذه التخصصات ، أو إبتعاث طلبة القانون إلى فرنسا أو هولندا أو دول لها باع طويل في المجال ويستفيد منها الطالب ، لماذا يتم الإبتعاث لدراسة تخصصات يمكن أن تدرس في بلد آخر لقوة التخصص في ذلك البلد .
من جانب أخرى أعداد كبيرة من الطلبة تم إيتعاثهم في تخصصات متاحة محلياً في مؤسسات حكومية وخاصة وتعتبر رائدة في تدريس تلك التخصصات بينما أرسل مجموعة من الطلبة لدرسة تلك التخصصات خارج البلد ، ومثال في ذلك تخصص الإعلام فهو يُدرس في جامعة السلطان قابوس والكلية التطبيقية بنزوى وكلية البيان وجامعة ظفار وجامعة نزوى وغيرها من المؤسسات، إلا أن هناك بعثات في هذا التخصص سواء كانت تخصصصات فرعية أو عامة في الإعلام ، ألم يكن من الأولى أن تخصص تلك البعثات للتخصصات النادرة وسوق العمل بحاجة إليها ، كالتخصصات الدقيقة في الطب أو الهندسة أو الذرة وغيرها ، أو التخصصات التي تلبي حاجة المشاريع التنموية الجاري العمل بها بحيث يكون هناك جيل مؤهل وقادر على العمل بها وإدارتها بكفاءة عالية . بعد سنوات لابد من تقييم تجربة الابتعاث وقياس نسبة الأعداد المبتعثة بنسبة الأعداد التي عادت بالشهادات ، وقياس نسبة الأداء في سوق العمل للتخصصات التي أرسل الطلبة لدراستها.
الهدف ليس في الإبتعاث وهذا يتفق عليه الجميع بقدر ما هو الإستفادة وخدمة هذا الوطن .

خولة بنت سلطان الحوسنية
@sahaf03