طرابلس ـ القاهرة ـ وكالات: أكد كبار شيوخ وزعماء القبائل الليبية على أهمية لم الشمل وتجاوز الأزمة الراهنة التي تعصف بليبيا شعبا ودولة وتهدد أمنها واستقرارها وذلك من خلال حوار ليبي خالص تستضيفه القاهرة على أساس من الثوابت الوطنية الليبية وعلى رأسها وحدة التراب الوطني الليبي ودعم مؤسسات الدولة الشرعية وعلى رأسها مجلس النواب، ونبذ العنف ومرتكبيه. وشددوا في الوقت ذاته على أهمية الدور المصري الملتزم والداعم للثوابت الوطنية الليبية. جاء ذلك في بيان أصدرته وزارة الخارجية المصرية امس الثلاثاء ، بشأن فعاليات الملتقى الأول لزعماء القبائل الليبية، والذي اختتم أعماله امس بمركز القاهرة لتسوية النزاعات وحفظ السلم في أفريقيا. وأوضح البيان أنه يشارك في هذا الاجتماع الأول من نوعه كبار شيوخ وزعماء القبائل من أنحاء ليبيا كافة وذلك في محاولة من قبل القبائل الليبية للم الشمل وتجاوز الأزمة الراهنة التي تعصف بليبيا شعبا ودولة. وثمن الحضور العلاقات الأخوية بين الشعبين المصري والليبي والتقاء المصالح والتحديات، كما أعرب الحضور عن تقديرهم لاستضافة مركز القاهرة للتدريب على تسوية المنازعات وحفظ السلام في أفريقيا لهذا الاجتماع الهام اعترافا وتقديرا بالدور المصري الملتزم والداعم للثوابت الوطنية الليبية ، فضًلا عن الاستفادة من خبرات مركز القاهرة في مجالات المصالحة الوطنية ودعم العملية الانتقالية وبناء السلم. يذكر أن هذا الملتقى يمثل حلقة جديدة من سلسلة التعاون بين مركز القاهرة ولجنة المصالحة الوطنية الليبية في دعم جهود الشعب الليبي لتحقيق المصالحة الوطنية بين جميع الليبيين ونبذ العنف ومرتكبيه بعيدا عن الشطط وهو التعاون الذى يتوقع أن يشمل في المستقبل تلبية طلبات الجانب الليبي ، سواء في مجال صياغة الدستور، أو مجال التبادل البرلماني، وغير ذلك من جهود إعادة بناء مؤسسات الدولة، وذلك كله في إطار جهود المركز لبناء قدرات الكوادر المحلية في شمال أفريقيا وإقليم الساحل والصحراء والبحيرات العظمى لتعزيز الأمن والاستقرار في أفريقيا. تجدر الإشارة إلى أن مركز القاهرة لتسوية النزاعات وحفظ السلم في أفريقيا هو مركز تدريبي تابع لوزارة الخارجية، أنشئ عام 1994، وتم اختياره من الاتحاد الأفريقي كأحد مراكز التميز للتدريب على مهارات حفظ وبناء السلم، حيث يقدم المركز دوراته التدريبية على المستويين الوطني والأفريقي باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية، وذلك في مجالات حفظ السلم، وتسوية النزاعات وإدارة الأزمات، وأساليب وفن التفاوض، وغيرها من المجالات التدريبية المرتبطة بالنزاعات وعمليات حفظ وبناء السلم. من جهته اكد ناصر القدوة مبعوث جامعة الدول العربية الى ليبيا ضرورة إنهاء أية انقسامات أو تباينات عربية في التعامل مع ملف هذه الأزمة مشددا على اهمية أن يكون هناك موقف جماعي مشترك يسهم في سرعة التوصل إلى حل لها. وقال في تصريحات له امس بالقاهرة اننا لا نستطيع القول بوجود انغماس عربي بالأزمة الليبية لكن ربما كان تدخل بعض هذه الدول من منطلق نوايا طيبة وحسنة للمساعدة في الحل مشيرا الى خطورة أن يكون هذا التدخل بغرض دعم فصيل أو فئة علي حساب آخرين مما يسهم في تأجيج النزاع وإطالته. واكد ان الوضع في ليبيا يحتاج إلى حوار بين مختلف الأطراف من أجل التوصل إلى حل ينهي الصراع الدائر هناك. كما بحث القدوة امس الثلاثاء مع وزير الخارجية المصري سامح شكري الأوضاع المتدهور في ليبيا. وقال القدوة ، عقب اللقاء ، إن الأمور واضحة المعالم بما في ذلك المعارك المشتعلة في بنغازي وطرابلس وكلها أمور تلقي بظلالها علي التحرك السياسي والزيارات التي كنت أنوي القيام بها إلى ليبيا والوضع يتدهور وهو ما يتطلب مزيدا من الجهد العربي ودول الجوار والجهد الدولي لوقف هذا التدهور. ورأى أن الحل السياسي ما زال ممكنا في ليبيا وأنه "في حال الانتظار سيكون من الصعب الوصول إلى حل ولابد من الاستعجال والشعور بخطورة الوضع". وقال القدوة :"لا يبدو أن الملف الليبي موجود ضمن الأولويات الدولية
وهو أمر مقلق في ضوء التدهور الذي يمكن أن يؤدي إلى واقع يصعب علاجه وهو ما يدعو إلى ضرورة تحرك عربي أكثر فاعلية ، من ناحية مصر فلها وضع خاص بالنسبة لليبيا للوضع الجغرافي". وأشار إلى أنه من الواضح أن مصر تلعب دورا كبيرا بما في ذلك الدعم الذي تقدمه بشكل مستمر للشرعية الليبية مثل البرلمان الليبي والحكومة برئاسة عبدالله الثني وهو دور مقدر ومطلوب تعزيزه عربيا ، معتبرا اجتماع شيوخ القبائل عاملا مهما مع الواقع الليبي ويجب أن يستمر. وحول مبادرة الجزائر لجمع الشركاء الليبيين قال القدوة إن أي تحرك لإيجاد حل سياسي مرحب به. وبشأن مساندة بعض الدول العربية للجماعات المسلحة قال القدوة :"لقد قمت بزيارة بعض الدول العربية بتكليف من (الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل) العربي ولا أستطيع أن أنفي انغماس بعض الدول العربية بأشكال مختلفة في الشأن الليبي قد يكون بحسن نية لمساعدة الليبيين ولكن تحول الأمر لمساعدة أطراف معينة ضد أطراف أخرى يصبح مشكلة ويحتاج إلى حل مما يتطلب ضرورة التعامل عربيا مع هذا الإشكال جماعيا والتعامل معه وبصراحة كبيرة محملا المسؤولية في المقام الأول والأخير علي عاتق الليبيين". ونفى القدوة ما نشرته إحدى الصحف العربية من خروج السودان من مجموعة دول الجوار ، وقال إن هذا الكلام غير دقيق وهناك اجتماع لوزراء دول الجوار قريبا في العاصمة السودانية الخرطوم. وحول موعد اجتماعه مع القيادات المسلحة في ليبيا، قال "نحن على استعداد للقاء بكل الأطراف الليبية واتبعنا سياسة الأبواب المفتوحة وحاولنا التواصل وحاولنا الاجتماع مع أي طرف في أي مكان ولا يوجد أي مانع من زيارة طبرق". وبشأن اجتماعه مع القبائل الليبية الموجودة في القاهرة حاليا قال القدوة :"لقد اجتمعت مع شيوخ القبائل الموجودين في القاهرة وتبادلنا المواقف فيما يتعلق بالحلول السياسية"، مشيرا إلى أهمية اجتماع القبائل بالقاهرة وتواصلها باعتبارها حقيقة اجتماعية. من جانبه قال المتحدث باسم وزارة الخارجية إن شكري عرض بشكل مفصل خلال اللقاء الاتصالات والجهود التي تقوم بها مصر لتحقيق الأمن والاستقرار في ليبيا بالتعاون مع الحكومة الليبية الشرعية، منوها بالزيارة الهامة التي قام بها رئيس وزراء ليبيا مؤخراً للقاهرة ودعم توجهاتها في بناء مؤسسات الدولة وبناء قدراتها تحقيقاً لتطلعات الشعب الليبي. كما تناول شكري مضمون ما دار في لقائه الأخير مع مجموعة من شيوخ وعقلاء القبائل الليبية حول سبل تحقيق الأمن والاستقرار في ليبيا. وأشار المتحدث إلى أنه تم الاتفاق خلال اللقاء على مواصلة الاتصالات والمشاورات القائمة حول الشأن الليبي. كما أكدت وزارة الخارجية المصرية امس الثلاثاء أن ممارسات الميليشيات المتطرفة ضد المؤسسات الشرعية للدولة في مناطق ليبية ومحاولات تقويض تلك المؤسسات، فضلاً عن عدم التصدي بشكل فعال لعملية تمويل الإرهاب، قد أدت إلى تفاقم الوضع العسكري والأمني على النحو الذى بات يفرض تعاملاً حاسماً وعاجلاً مع الوضع على الساحة الليبية عبر تفعيل قرار مجلس الأمن 2174 الذي يفرض عقوبات على تلك الأطراف التي تسعى لضرب فرص الاستقرار في ليبيا. وذكر بيان للخارجية المصرية تلقت وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) نسخة منه امس الثلاثاء أن ذلك يأتي على ضوء تطورات الأوضاع التي تشهدها الساحة الليبية في الوقت الحالي وحرص مصر على وحدة وسلامة الأراضي الليبية وعودة الاستقرار إليها فى أسرع وقت ممكن. وطالبت الخارجية المصرية بإخلاء جميع الميليشيات المسلحة لمقار مؤسسات الدولة الليبية بهدف عودة السلطات الشرعية التابعة لحكومة عبد الله الثني إليها، وبحيث تعود العاصمة الليبية طرابلس عاصمة لكل الليبيين وعاصمة للشرعية، بعد أن تتوقف التهديدات والعمليات العسكرية والتدمير الممنهج الذي يمارسه المسلحون هناك منذ فترة بعيدة كانت تستدعي الانتباه من المجتمع الدولي تفادياً للوصول إلى الوضع الحالي. وشددت الخارجية على أهمية تخلي الأطراف الليبية كافة عن الخيار العسكري، وأن يبدأ حوار سياسي بالتوازي مع بدء عملية تسليم سلاح الميليشيات تدريجياً إلى السلطات الليبية الرسمية وفقاً لما جاء بالمبادرة التي أطلقتها دول الجوار الليبي في القاهرة في 25 أغسطس الماضي. واستقبل سامح شكري وزير الخارجية امس ناصر القدوة مبعوث الأمين العام لجامعة الدول العربية إلى ليبيا وطرح الموقف المصري من التطورات على الساحة الليبية، ودار النقاش حول كيفية تفعيل الموقف العربي الجماعي بحثاً عن حل للأزمة المتفاقمة هناك.