طرابلس ـ وكالات: طالب رئيس الوزراء الليبي عبد الله الثني بـ"دعم لوجيستي " للتغلب على النزاع الدائر في بلاده. جاء ذلك في مؤتمر صحفي مشترك للثني مع نظيره المالطي جوزيف موسكات عقب اجتماعهما في العاصمة المالطية فاليتا امس الأول الثلاثاء، ناقشا خلاله عددا من القضايا الثنائية بما في ذلك الطاقة والتعليم والمعلومات، بحسب موقع مالطا توداي. وقال موسكات " دعوتنا المتكررة للامن في ليبيا تنبع من الحقيقة التي مفادها ان انعدام الامن في منطقة البحر المتوسط يعني انعدام الامن في الاتحاد الاوروبي والعالم اجمع.. ومن ثم فان من الاهمية بمكان استعادة
الامن". واكد موسكات مجدد ان الحوار السياسي هو الوسيلة الوحيدة للمضي قدما إلى الامام بالنسبة لليبيا، مضيفا " انه يتعين ان تكون حكومة الثني منفتحة على الحوار مع كل القوى". واكد رئيسا الوزراء انه سوف يتم احترام اتفاق لشراء النفط من ليبيا باسعار تفضيلية كان قد تم التوقيع عليه خلال ولاية رئيس الوزراء الليبي السابق على زيدان. واكد الثني ان حكومته مستعدة للاتحاد مع اي طرف لقتال المنظمات الارهابية . وهذه الزيارة هى الثانية الرسمية للثني بعد زيارة مصر. على صعيد اخر استقبل عمر الحاسي رئيس الحكومة المدعومة من الاسلاميين في ليبيا غير المعترف بها دوليا امس الثلاثاء مبعوثا خاصا للرئيس التركي رجب طيب اردوغان في اول لقاء معلن مع ممثل لدولة اجنبية حسب الموقع الالكتروني لحكومته. وكان الحاسي كلف رئاسة حكومة موازية بدفع من ميليشيات "فجر ليبيا" التي سيطرت في نهاية اغسطس على العاصمة بعد اسابيع من المعارك مع القوات الحكومية. ومنذ ذلك الحين اضطرت حكومة عبد الله الثني المعترف بها دوليا الى اللجوء الى شرق ليبيا شأنها شأن البرلمان المنبثق عن انتخابات 25 يونيو. ونشر موقع حكومة الحاسي صورة للقاء مع المبعوث التركي الخاص امر الله ايسلر في مقر الحكومة في طرابلس دون اعطاء اي تفاصيل عن مضمون اللقاء. وقبل طرابلس توجه المبعوث التركي الى طبرق شرق ليبيا حيث يوجد البرلمان، والى مصراتة التي تسيطر عليها الميليشيات. على صعيد اخر وصل إلى القاهرة امس الأربعاء وفد من حلف شمال الأطلسي /ناتو/ برئاسة " تراسفولوس تيرى ستاماتابولوس "مساعد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي للشؤون السياسية والسياسات الأمنية قادما من الجزائر في زيارة لمصر تستغرق يومين . وقالت مصادر مطلعة إن زيارة وفد الأطلسي تأتي في نهاية جولة بالمنطقة لبحث التطورات الأخيرة في ليبيا . وأضافت المصادر إن الوفد سيلتقي خلال زيارته لمصر مع كبار المسؤولين لتبادل وجهات النظر بشأن التطورات الأخيرة في ليبيا والمنطقة ودعم التعاون في مواجهة التهديدات الإرهابية التي تعترض حالة الاستقرار في المنطقة . على الصعيد الامني تتشهد ليبيا مزيدا من الفلتان الأمني والفوضى. لذلك لم يتم الإعلان حتى الآن عن أي برنامج احتفالات رسمي لإحياء هذه ذكرى الثورة. وخلت العاصمة طرابلس وبنغازي من أي مظاهر احتفالية بل لا يسمع في بنغازي سوى أزيز الرصاص ودوي الانفجارات في مواجهات يومية دامية بين القوات الموالية للحكومة والمليشيات المتنافسة. وقال الخبير العسكري سليمان البرعصي "نتيجة لهذا الفلتان الذي عقب انتفاضة 17 فبراير 2011 قتل عدد من الليبيين يكاد يماثل عددهم للذين قتلوا من أجل التخلص من حكم القذافي الدكتاتوري الذي دام أكثر من 42 عاما". ووفقا لهذا الضابط السابق فإن "ما غذى هذا العنف في البلد هو إمكانية إفلات المجرمين من العقاب أمام السلطات الهشة اصلا". وتعتبر بنغازي الأكثر اضطرابا بينما تبدو السلطات من جهتها عاجزة حتى الآن أمام تنامي قوة الجماعات وخاصة في شرق ليبيا الذي كان يشكل مسرحا لاغتيالات عناصر أمنية واعتداءات على مصالح وممثليات دبلوماسية غربية ومحلية. وسقطت هذه المدينة التي هجرتها البعثات الدبلوماسية منذ مدة، في يوليو بايدي ميليشيات بينها متشددون في جماعة أنصار الشريعة بعد أن نجحوا في طرد القوات الموالية للحكومة منها. وقتل نحو مئة شخص على مدى أيام الأسبوع الماضي في الحملة التي بدأها الأربعاء الماضي اللواء المتقاعد المثير للجدل خليفة حفتر في محاولة جديدة لاستعادة المدينة. وأمام ضعف الحكومة الانتقالية، شن اللواء حفتر الذي شارك في الثورة على القذافي، هجوما في مايو على الميليشيات متهما إياها ب"الإرهاب"، واتهمته السلطات الانتقالية حينها بمحاولة "انقلاب" لكنها غيرت موقفها لا سيما بعد أن نال تأييد عدة وحدات من الجيش ومواطنون. وبموازاة ذلك، تفرض مجموعة من المليشيات منها المنحدرة أغلبها من مدينة مصراتة سيطرتها على العاصمة منذ أغسطس الماضي، وفي السياق ذاته يعتبر الجنوب الليبي مسرحا لاشتباكات قبلية تدور بانتظام، كجزء من الصراع على السلطة والحرب من أجل السيطرة على التهريب في الصحراء، إضافة إلى تصفية حسابات قديمة. وتبددت آمال الازدهار الاقتصادي والتحول الديموقراطي السلمي في هذا البلد الغني بالنفط، حيث يتم تدمير ما تبقى من مؤسسات هشة وبنى تحية متهالكة أصلا بسبب القتال. وقال المواطن محمود الكرغلي (39 عاما) أحد المشاركين في الإطاحة بالقذافي "عندما سقط النظام السابق كنا نحلم بأن تصبح بلادنا دبي جديدة بفضل عائدات النفط، لكننا بتنا اليوم نخشى أننا أمام سيناريو الصومال أو العراق". من جهته رأى الأستاذ الجامعي محمد الكواش أن "المجتمع الدولي وبشكل خاص الدول التي شاركت في الحملة الجوية التي قادها حلف شمال الأطلسي للإطاحة بالقذافي في 2011 خذلوا ليبيا وأخفقوا كذلك في الوفاء بالوعود المتكررة لمساعدة الليبيين في إعادة بناء بلادهم". واضاف "على مجلس الأمن ، والأمم المتحدة مسؤولية ودور خاص لا بد لهما من القيام به لحماية المدنيين لوقف الجرائم الخطيرة الجارية، بما في ذلك الجرائم ضد الإنسانية والقتل الجماعي والفردي غير المشروع وفقا لقرارات مجلس الأمن حيال ليبيا". وقال "بدلا من الاكتفاء بإصدار البيانات الداعية لوقف العنف من قبل أشخاص لايأ بهون بالقانون والديموقراطية، لابد لهذه البلدان المعنية من تكوين رؤية عن البلد أوسع مما هو عليه الحال حتى الآن، لتقدم مساعدة فعلية لليبيين للنهوض". ورأى ان ذلك "لا يتم عبر الربت على كتف سلطات ضعيفة أصلا". لكن الطبيب الليبي صلاح العقوري مضى إلى ما هو أبعد من ذلك. وقال إن "الفوضى أنهكت الليبيين والصراعات الجهوية والإيديولوجية والقبلية باتت أدهى من القبضة الأمنية والحكم الدكتاتوري السابق"، مشيرا إلى أن "عددا من الليبيين باتوا يترحمون على ذلك النظام السابق على الرغم من كرههم له". واضاف انه "على الرغم من كرهه للقذافي (...) يتمنى أن يعود بعض الوقت لإعادة بعض النظام" معتبرا أن "هذا الحنين ليس فريدا من نوعه وبات ينتاب عددا لا بأس به من الليبيين".