[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/samyhamed.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]سامي حامد[/author]
تواجه قناة السويس الجديدة المزمع افتتاحها أوائل أغسطس العام القادم 2015 تحديات ضخمة، ولعل هذا هو ما جعل السلطات المصرية تسابق الزمن من أجل الانتهاء من هذا المشروع القومي الضخم في أقرب وقت ممكن .. وقد ظهر ذلك جليا حينما قام الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بتدشين مشروع تنمية محور قناة السويس يوم الـ5 من أغسطس الماضي حيث شدد على ضرورة الانتهاء من إنجاز القناة الجديدة في عام واحد فقط وليس في ثلاثة أعوام كما كان مخططا لهذا المشروع .. فالتحديات كبيرة والمنافسة على أشدها وسرعة الإنجاز كفيلة بإغلاق الباب أمام أي مشروع يحاول منافسة قناة السويس هذا المجرى الملاحي الذي يمر به حوالي 10% من حجم التجارة العالمية بكفاءة عالية!!
لقد جاء مشروع حفر قناة مصرية جديدة ليرد على كل المحاولات والمناورات الخارجية لمنافسة قناة السويس وعلى كل الخطط التي قد تهدد مصالح مصر أو قد تمس أمنها القومي .. فقناة السويس ومنذ افتتاحها أمام حركة الملاحة الدولية في الـ17 من نوفمبر العام 1869 وهي تواجه تحديات عديدة إقليمية وعالمية ولكنها استطاعت الصمود والتحدي وأثبتت قدرتها على تبوؤ مكانة متميزة بما تقدمه من خدمة حيوية في مجال النقل البحري والتجارة الدولية .. إلا أنه مع تنامي حركة التجارة العالمية وظهور لاعبين جدد يحاولون سحب البساط من تحت أقدام القناة المصرية كان لا بد من التصدي لكل تلك المحاولات من خلال تطوير وتوسعة قناة السويس التي غابت عنها خطط التطوير والتنمية منذ أن أعاد الرئيس المصري الراحل أنور السادات افتتاحها يوم الـ5 من يونيو العام 1975 بعد انتهاء حرب أكتوبر العام 1973 واستعادة مصر لأراضيها المحتلة في سيناء!!
أول المنافسين لقناة السويس إسرائيل وهو حلم قديم ظل يراود الإسرائيليين منذ عهد ديفيد بن جوريون أول رئيس وزراء إسرائيلي حيث طرح في أوائل النصف الثاني من القرن العشرين فكرة نقل الركاب والبضائع بين إيلات "أم الرشراش" على البحر الأحمر وديمونة في صحراء النقب وظلت إسرائيل تسعى لإحياء تلك الفكرة دون جدوى بسبب تكاليف المشروع وصعوبة تنفيذه إلى أن صوتت الحكومة الإسرائيلية في الـ5 من فبراير العام 2012 لصالح إقامة خط سكة حديد يربط البحر المتوسط بالبحر الأحمر، وأعلن بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي بأن هذا القرار قرار استراتيجي وقدرت السلطات الإسرائيلية تكلفة ذلك المشروع بملياري دولار على أن يتم الانتهاء منه في غضون خمس سنوات تنتهي العام 2017!!
إسرائيل ترى أن مشروعها سيكون الجسر البري الذي يربط بين آسيا وأوروبا، وبالتالي سيكون البديل المنافس لقناة السويس حيث يعتمد على حركة ناقلات البضائع عبر المحيط الهندي حتى بلوغها ميناء إيلات على البحر الأحمر ثم تفريغ حمولتها ونقلها بالقطارات إلى تل أبيب على البحر المتوسط، وقد قدرت إسرائيل أن يدر مشروع خط سكة حديد البحر الأحمر – البحر المتوسط عائدا سنويا يبلغ 240 مليون دولار، ما يعني اقتطاع 5% من عائدات قناة السويس التي تبلغ خمسة مليارات دولار سنويا، ولكن افتتاح القناة المصرية الجديدة في أغسطس العام 2015 أمام الملاحة الدولية يقضي على حلم إسرائيل بمزاحمة أو إقصاء قناة السويس!!
ولعل هذا المشروع الإسرائيلي لا يعد الأول في سلسلة المحاولات الإسرائيلية لمنافسة قناة السويس حيث أكدت مصر يقظتها لسعي إسرائيل إحياء فكرة إنشاء قناة موازية لقناة السويس لربط البحر الأحمر بالبحر الميت تحت زعم تنمية البحر الميت وإنقاذه من احتمالات الجفاف وهو المشروع الذي طرح منذ 20 عاما بدعوى استخدام تلك القناة الإسرائيلية لتوليد الطاقة الكهربائية وللصناعات البتروكيماوية فقط، إلا أن هذا المشروع بالغ التعقيد وعالي التكلفة، فضلا عن أنه لاقى معارضة من بعض الدول والمنظمات البيئية وهو ما قوبل باعتراض دولي عند قيام إسرائيل بطرحة العام 1981 في ضوء ما أثار من تحفظات سياسية واقتصادية وقانونية وبيئية على تنفيذه!!
الغريب أن قناة السويس لا تواجه منافسة من قبل إسرائيل فحسب، وإنما من ناحية الصين أيضا التي أعلنت في منتدى التعاون العربي الصيني الذي عقد في بكين مايو الماضي أنها تترقب العام 2015 ليكون أفضل أعوامها في إشارة إلى إحياء طريق الحرير البري والبحري التاريخي الذي يعد أقدم الطرق التجارية في العالم والذي كان يربط الصين بأوروبا عبر عدة دول يمر بها في آسيا والشرق الأوسط، وذلك بهدف المساهمة في تنمية النشاط التجاري الصيني وزيادة التواصل والتكامل الاقتصادي والثقافي مع معظم دول وسط وغرب آسيا ودول شمال ووسط وغرب أوروبا مرورا بالقارة الإفريقية من خلال مسار بري وبحري يبدأ من وسط الصين وينتهي في فينيسيا بإيطاليا ويتفرع إلى الشرق والشمال الإفريقي، إلا أن تدشين مشروع تنمية محور قناة السويس والإصرار على افتتاح قناة السويس الجديدة في أغسطس المقبل سيكون تداركا للاحتمالات والتداعيات السلبية التي قد تترتب على المشروع الصيني المستهدف بلوغه العام القادم.
في نفس الوقت يرى خبراء النقل البحري أن مشروع إنشاء قناة السويس الجديدة يعد ضربة استباقية وخطوة موازية لمشروع تطوير وتوسيع قناة بنما البالغ طولها 80 كيلومترا والتي تعد الرابط المائي الوحيد بين المحيط الأطلنطي والمحيط الهادي حيث تشكل حركة العبور بين الصين وشرق الولايات المتحدة نحو 39% من نشاط تلك القناة التي تجتذب حاليا 5% من حجم التجارة الدولية ويتردد بأنه تم إنجاز نحو 70% من مشروع توسيع قناة بنما التي من المتوقع الانتهاء منه في ديسمبر العام 2015 بعدما يكون قد تم افتتاح قناة السويس الجديدة أمام الملاحة الدولية في أغسطس المقبل بقدرات استيعابية مضافة ومضاعفة ما يضفي امتيازات جديدة للقناة المصرية تجعلها قادرة على مواجهة أي منافسة ليبقى هناك تهديدا جديدا يتمثل في سيطرة الحوثيين في اليمن على مضيق باب المندب ماقد يؤثر سلبا على حركة الملاحة في القناة وهذا موضوع آخر!