هذا ما يؤكده السوريون على مختلف انتماءاتهم ومناصبهم في الشعب والجيش والقيادة، حيث تتكامل صور التأكيد على أرض الواقع من خلال ذلك المشهد البانورامي الرائع الذي يرسمونه على أرض سوريا؛ أرض الطهر والنقاء والمحبة والتآلف، مبرزًا صورة فسيفسائية مجتمعية جميلة قلَّ نظيرها، ورغم حالة التكالب والتآمر لتفكيك هذه الصورة الجميلة وبعثرة المجتمع السوري إلى طوائف ومذاهب شتى تتناحر فيما بينها، إلا أن الوعي السوري شكل حالة استثنائية ولا يزال يلعب دورًا كبيرًا على خطوط الدفاع عن سوريا، سواء على المستوى الشعبي أو المستوى العسكري والأمني أو المستوى السياسي، في ظل مؤامرة إرهابية لا تستهدف السوريين وحدهم، وإنما تستهدف جميع الشعوب العربية وذلك باستنساخ سيناريوهات التمزيق والاقتتال التي شهدتها ولا تزال دول عربية كانت في بداية مرمى المؤامرة.
لقد تعددت أشكال التآمر على الشعب السوري بتعدد أطرافه من جرائم الإرهاب التي تستهدفهم والتي تقف وراءها قوى مأفونة تتأبط الشر والإرهاب والكراهيات والأحقاد سلاحًا لتفتيت الدول وتمزيق شعوبها، قوى تسعى إلى احتكار الحياة والاستقرار والأمن والمصالح لها وحرمان الآخرين من هذه الحقوق، فجندت عصابات الإرهاب والتكفير والظلام، ودربتها وسلحتها ومولتها، ووجهتها وتوجهها أينما أرادت، وأسندت إليها مهمات التخريب والتدمير والإبادة والفتك، فكانت المجازر الجماعية والأسلحة الكيماوية وإلصاق تهمة ارتكابها بالجيش العربي السوري، والفبركات والتشويه والتحريض، وتدمير البنية التحتية والعلاقة العضوية مع كيان الاحتلال الإسرائيلي علامة مسجلة وحصرية وحقوقها محفوظة لدى حلف التآمر والعدوان على سوريا.
اليوم وفي إطار المؤامرة الإرهابية يحاول معشر المتآمرين على سوريا إضفاء شيء من الفعالية على الإرهاب الذي أنتجوه ودعموه ومولوه بالتنويع في الوسائل والمعدات والأساليب والمسميات بتدريب جيوش إرهابية ومرتزقة وتكفيرية بمسمى "المعارضة المعتدلة"، وهو مسمى يدحضه الواقع قبل أن ترفضه فانتازيا الممولين ذاتهم أو في قرارة أنفسهم، وتدريب تلك الجيوش على استخدام الطيران الحربي لأهداف معروفة وواضحة لا تحتاج إلى عناء تفكير لمعرفتها ألا وهي محاولة إقامة منطقة حظر جوي عجزوا عن إقامتها في السابق، وكذلك للدفع بأدواتهم الإجرامية والإرهابية لاستهداف مواقع الجيش العربي السوري والمواقع السورية الرسمية، ولكن مثلما استطاعت سوريا بوحدة شعبها وصمود جيشها وبسالته وحكمة قيادتها ومصداقية حلفائها إفشال مخططات الغدر والإرهاب والتدمير، قادرة على إفشالها مجددًا وهو ما أكده وزير الإعلام السوري عمران الزعبي أن سوريا أفشلت ذريعة امتلاك الإرهابيين طيرانًا حربيًّا لإقامة منطقة حظر جوي بتدمير طائرتين من ثلاث طائرات منسقة قديمة استولوا عليها في مطار الجراح العسكري بحلب، والبحث جارٍ عن الثالثة. وكما أكد الزعبي أن "أعداء سوريا يريدون إنهاك الجبهة الداخلية والمواطنين في حياتهم اليومية وأمنهم وتآلفهم ووحدتهم الوطنية وإنهاك الجيش والاقتصاد"، فإن ما يجري في مدينة عين العرب السورية هو حلقة من حلقات استهداف الجبهة الداخلية والاصطياد في المياه العكرة بادعاء الأعداء مساندتهم قوات الدفاع الشعبي الكردية ضد "داعش" بإلقاء أسلحة وأدوية وأغذية، فضحتها الصور و"داعش" ذاته بأن الأسلحة ألقيت في الأماكن التي يسيطر عليها "داعش" وباتت بأيدي عناصره، وهو ادعاء يهدف الأعداء منه تشويه صورة الحكومة السورية وإظهارها بأنها متخلية عن الدفاع عن المدينة وعن دعم أحد مكونات المجتمع السوري، إلا أن دمشق أكدت أن عين العرب هي منطقة سورية وكل أهلها وشعبها سوريون بامتياز والدولة لم ولن تتوانى عن ممارسة دورها العسكري والسياسي والاجتماعي والاقتصادي والإنساني تجاه جميع المناطق من أصغر قرية في سوريا إلى أكبر مدينة فيها، وأن الدولة بقواتها المسلحة بشكل مباشر أو بطيرانها قامت بتقديم الدعم العسكري واللوجستي والذخائر والسلاح للمدينة وفعلت ذلك ولا أحد ينكر، وستبقى تفعل ذلك بأعلى وأقصى طاقة ممكنة لأن هذه قضية وجودية مصيرية.
إذًا، سوريا تقدم أدلة أخرى على قدرتها على كسر حلقات التآمر وإفشالها والتي لا يريد الأعداء أن تنتهي.