من ابرز المعوقات التي كانت تواجه الشباب الباحث عن عمل في القطاع الخاص وعينه على الوظيفة الحكومية وحرمانه من هذه الفرصة بمجرد تسجيله في هذا القطاع، وبالتالي فإنه لا يتردد ان يبقى شهورا وسنوات بعد تخرجه الجامعي منتظرا فرصته الحكومية، أو يعمل في منشأة ما ولكنه يرفض ان يقيد في سجلات الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية، فأصبحت لديه ثقافة بان العمل في الحكومة هو الافضل على الرغم من كل الجهود التي بذلتها الجهات المعنية لتقليل الفارق في الامتيازات بين القطاعين العام والخاص من حيث الاجازات وتحديد الحد الادنى للاجور لمن لا يحمل اية قدرات او مؤهلات، ووضع الضوابط الكفيلة لاجور اصحاب المؤهلات التي تتساوى او بفارق بسيط مع تلك التي تمنح لنفس المستوى من المؤهلات في القطاع العام بالاضافة الى نظام التأمينات الاجتماعية وبعض الامتيازات الاخرى.
إعلان معالي الشيخ وزير القوى العاملة مؤخرا قرار الحكومة اعطاء الفرصة للعاملين العمانيين في القطاع الخاص للتنافس على الوظائف التي تعلن عنها الحكومة في وحدات الجهاز الاداري للدولة او الاجهزة الاخرى، مثّل منعطفا ايجابيا على طريق السعي لتصحيح الكثير من المسارات التي تتطلبها عملية تنظيم سوق العمل ومن بينها ارتفاع مؤشر حركة التشغيل والقضاء على تلك المعوقات والمخاوف التي كانت تسيطر على شريحة كبيرة من الباحثين عن عمل، في ظل وجود شرط كان يمنعهم من فرصة التنافس للحصول على الافضل في مجال العمل كما يرونه واقعا فارضا نفسه على سوق العمل، وبالتالي فإن هذا الاعلان الحكومي يعد نقلة نوعية لمعالجة مشكلة كادت ان تصبح ظاهره لدى الشباب الباحث عن العمل على الرغم من كل الجهود التي كانت تبذل في مجال التشغيل، وهذا بطبيعة الحال يتطلب منا جميعا سواء الشباب انفسهم او افراد المجتمع بصفة عامة الدفع بابنائنا منتظري الوظيفة الحكومية، الاستفادة اولا من فرص العمل المتاحة في القطاع الخاص وبناء قدراتهم ومهاراتهم وكسب المزيد من الخبرة وثانيا الاستفادة من فرص التوظيف الحكومي، دون المساس بمزاياهم التأمينية التي سجلت لهم اثناء عملهم في القطاع الخاص.
ان من المؤسف حقا ان يكون هناك الآلاف من الشباب العماني يعملون في القطاع الخاص بعضهم لسنوات، دون الحرص على الاستفادة من تلك الفترة الزمنية التي يفترض ان تسجل لهم سنوات خبره تساعدهم على اولوية الحصول على الفرصة التي تتاح في الجهاز الحكومي، حيث ان اعتماد الخبرة لا يتحقق الا بالاشتراك في نظام التأمينات الاجتماعية، فهي اي الخبرة المكتسبة لا ترجح المقدرة والكفاءة والجدارة اثناء تأدية اختبارات التقدم للوظيفة الحكومية فحسب، وانما يمكن لسنوات الخبرة ان يكون لها اثر ايجابي في الحصول على الدرجة الوظيفية المستحقة، مما يعني ذلك ان الفرص كلها مهيأة للباحث عن عمل للعمل في القطاع الخاص وعدم تعارض ذلك مع بحثه عن الافضل.
ان المشكلة الحقيقية ليس في عدم توفر فرصة العمل للباحثين عنه من الشباب فهناك الآلاف من هذه الفرص متاحة في القطاع الخاص لكل المستويات المهنية فضلا عن الاعمال الحرة او مشاريع التشغيل الذاتي، وانما في سيطرة الفكر والنظرة المادية الأنية على السواد الاعظم من الشباب وافراد المجتمع على حد سواء، دون ان يكون لهذا التوجه نظرة بعدية يراعي من خلالها كل شاب وبمساعدة اسرته مساره التدريجي والاستفادة من النماذج التي سبقته في الحياة العملية ربما احدها يتواجد بين افراد الاسرة، حول كيف يفترض ان تكون البداية كسبا للخبرة ومن ثم الانتقال الى عملية البحث عن الافضل لتحقيق المكسب المادي والترقي الوظيفي، فالطريق الى الوظيفة الحكومية من وجهة نظري ليس على كرسي الانتظار في المنزل وانما عبر فرص العمل في القطاع.

طالب بن سيف الضباري
[email protected]