لا تسير الأيام على وتيرة واحدة .. فكما تأتي على الإنسان والدول أيام جميلة فإنها تتعرض كذلك لمحن هي بمثابة المنح التي تثبت صبر تلك الأمة وقدرتها على مواجهة التحديات التي تجابهها .. ومن تلك المحن ما تتعرض له البلاد من حالات مرض "حمى القرم – الكونغو النزفية" والذي أصيب به أكثر من 14 شخصا خاصة أيام عيد الأضحى المبارك وتوفي من جرائه أحد المواطنين وهو ما أصابنا جميعا بالحزن والقلق.
إن العدوى بهذا المرض الفيروسي تنتقل من الحيوان إلى الإنسان فتسبب له أعراضا مرضية شديدة قد تنتهي بالوفاة إذا لم يتم اكتشاف الإصابة بسرعة وتشخيصها وإسعاف المريض وعلاجه بالمصل المناسب .. فما تسببه من أعراض مبدئية كالقئ والغثيان والمغص والتهاب الحلق ثم ارتفاع درجة الحرارة قد تتشابه مع أمراض أخرى أقل خطورة كالبرد أو تناول أكل ملوث وهو ما يستهتر به البعض حتى يكتشف في النهاية أن ما أصيب به هو هذا المرض الخطير مع تدهور الحالة وظهور بقية الأعراض.
وتعتبر حشرة القراد هي الناقل للفيروس المسبب للمرض فهي تنقله إلى الحيوان سواء كان بقرة أو جملا أو ماعزا أو غنما والذي بدوره ينقله إلى الإنسان والذي ينقله أيضا لغيره من بني البشر .. فالحيوانات أو الإنسان قد يصابون بالمرض عن طريق لدغة حشرة القراد الحاملة للمرض أو قد يصاب الإنسان عن طريق الاختلاط بدم الحيوان المصاب أو أنسجته عند ذبحه .. من هنا فإن على أصحاب المسالخ أو المزارع أن يحتاطوا للأمر واتخاذ كافة التدابير الوقائية اللازمة لتجنب الإصابة قبل أن تصبح وباء.
إن مرض "حمى القرم النزفية" ليس جديدا على السلطنة بل موجود منذ أكثر من عقدين من الزمن كما صرح بذلك معالي الدكتور وزير الزراعة والثروة السمكية ولكن انتقاله من القراد إلى الحيوانات ومن ثم إلى الإنسان لا تحدث إلا في حالة الإهمال وعدم اتخاذ الاحتياطات اللازمة لتجنبه.. لذلك يجب التعايش معه والسيطرة عليه عن طريق اتخاذ التدابير اللازمة لذلك.
لاشك أن القضاء على هذا المرض ليست مسئولية الحكومة وحدها بل يستلزم تعاون كافة شرائح المجتمع . فوزارة الزراعة والثروة السمكية مشكورة تقوم بتوفير المبيدات اللازمة لمكافحة حشرة القراد وفرق العمل الميدانية تجاوز عددها 25 فريقا تقوم بحملات تفتيشية وعمليات رش للحظائر .. لكن كما يقول المثل "الوقاية خير من العلاج" وأساليب الوقاية كثيرة وينبغي على المواطنين أن يتبعوها حتى نتجنب انتشار العدوى ويجب على حكومتنا الرشيدة توعية المواطنين بهذه الأساليب مثل الحرص على نظافة الحظائر ومتابعة الحيوانات أولا بأول وارتداء قفازات وملابس واقية ذات أكمام طويلة وسراويل طويلة على أن تكون فاتحة اللون حتى يسهل رؤية القرادات وفحص الملابس والجلد بانتظام وغسلهما جيدا باستمرار واستعمال مبيدات كيميائية لقتلها خاصة في المواسم التي يكثر فيها نشاطها ويفضل تجنب المناطق التي ينتشر بها هذا النوع من الحشرات وفي حالة الرغبة في ذبح حيوان معين فليتم رشه بالمبيدات قبل أسبوعين من الذبح حتى نضمن عدم وجود الحشرات عليه وخلوه من المرض.
للأسف لم يتم حتى الآن اكتشاف علاج ناجع وفعال لهذا المرض اللعين لذلك يجب أن يتوخى المواطنون الحذر قدر الإمكان فجميعنا لا يسعنا إلا فعل ذلك للحد من انتشار العدوى.
حفظ الله الوطن والمواطنين من كل شر .. وشفى كل مريض بحمى القرم النزفية .. إنه نعم المولى ونعم النصير.

* * *
توصيات مؤتمر المياه بين الواقع والمأمول
تعاني معظم دول منطقة الخليج من الفقر المائي ويطاردها شبح الجفاف فمعظم تلك الدول صحراوية قاحلة لا تمتلك سوى الأمطار النادرة والمياه الجوفية القليلة .. لذلك فإن حل مشكلة ندرة المياه من الأولويات التي يجب أن تنظر لها الدول الخليجية بعين الاعتبار وأصبح من الضروري والملح البحث عن بدائل مناسبة تعوض نقص المياه لاسيما وأن أعداد السكان في تزايد مستمر بالإضافة إلى تنامي الأنشطة العمرانية والتنموية المختلفة التي تستهلك كمية وفيرة من المياه.
لاشك أن كل مواطن خليجي يثمن ما أوصى به مؤتمر الخليج الحادي عشر للمياه الذي اختتم مؤخرا بفندق قصر البستان لأنه يدل على ما تسعى إليه حكوماتنا من جهود لتوفير المياه الكافية لشعوبها .. فقد كان أهم توصياته إنشاء مركز خليجي مشترك متخصص في أبحاث تحلية وتنقية ومعالجة المياه بما في ذلك المياه المصاحبة للنفط وهي خطوة تساهم في تعزيز العمل الخليجي المشترك في هذا المجال خاصة أنه تم الإقرار بنقل وتوطين وامتلاك تقنيات تحلية المياه وصناعة قطع غيار التحلية بين دول المجلس .. بالإضافة إلى زيادة الاستثمارات وتحفيز القطاع الخاص للنهوض بهذا القطاع وغير ذلك من التوصيات المهمة والتي نتمنى أن نراها منفذة على أرض الواقع في أقرب وقت ممكن.
للأسف معظم دولنا العربية وليست الخليجية فقط تقع تحت خط الفقر المائي حيث يقل نصيب الفرد من الموارد المائية عن الكم الذي حددته الأمم المتحدة .. وبالرغم من ذلك فإن التحديات التي تواجهها أمتنا بسبب المياه كثيرة وتنذر بوقوع صراع وحروب على المياه في المستقبل القريب خاصة أن ظاهرة الاحتباس الحراري التي تزداد عاما بعد عام ترفع درجة حرارة الأرض وبالتالي تزيد من نسبة الجفاف والتصحر.
إن مصادر المياه الحالية ليست قادرة على تلبية احتياجات الشعوب المتزايدة من المياه لذلك لابد من استحداث وسائل جديدة لتوفير مصادر للمياه على أن تكون مستدامة ومتجددة .. مع توعية المواطنين بترشيد المياه سواء في الاستهلاك اليومي أو الزراعي الذي يستنزف كمية كبيرة من المياه فيعتمدون على وسائل الري الحديثة التي تقلل الفاقد من المياه.
إن المياه هي سر الحياة ولا يشعر بأهميتها إلا من حرم منها والعالم أجمع مقبل على شح مائي .. لذلك نتمنى أن يقدر كل مواطن النعمة التي يتمتع بها ويحافظ عليها ويسعى إلى تنميتها لا هدرها .. وندعو الله أن يديم عليه هذه النعمة.
وفق حكومات دول المجلس لما فيه خير شعوبهم وأمتهم وسدد على طريق الخير خطاهم.

* * *
هزات الإرهاب تتوالى على مصر
تتعرض الشقيقة مصر لهزات إرهابية متتابعة .. فبين اليوم والآخر نقرأ ونسمع عن هجوم على مواقع عسكرية أو في الشوارع أو في وسائل المواصلات العامة أو حتى المدارس والجامعات ويسفر عنه العشرات من القتلى والمصابين .. ولعل ما يعد أعنف هجوم تعرضت له في الآونة الأخيرة ما شهدته نقطة عسكرية بمدينة العريش في محافظة شمال سيناء من هجوم سيارة ملغومة محملة بقذائف هاون وأدى إلى مقتل أكثر من 26 شخصا وإصابة أكثر من 28 آخرين وتدمير مدرعتين للجيش بالكامل.
لقد سبق هذا الهجوم الإرهابي تفجيرات في محيط جامعة القاهرة ومنطقة وسط البلد وبعض الحوادث في مناطق متفرقة بالمحافظات وهو ما يدل على أن مصر معرضة لمخطط منظم من ميليشيات مسلحة وليست بؤرا إرهابية يهدف إلى ترويع الآمنين والإيحاء بعدم الاستقرار في البلاد أمام المجتمع الدولي والشعب المصري وبالتالي إسقاط الحكومة.
إن الخطوات الاقتصادية والتنموية الأخيرة التي انتهجتها الحكومة المصرية بعثت الأمل في نفوس المصريين بتحسن الاقتصاد والخروج من حالة الكساد والفقر التي يعاني منها الشعب .. وحدوث مثل هذه الاعتداءات الإرهابية يعكر صفو المناخ الآمن الذي ينشده المصريون.
إن مصر تتعرض لهجمات ضد الجيش والشرطة منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي العام الماضي والجماعات المتشددة وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين.. وبالرغم من الجهود الحثيثة التي تبذلها الحكومة للقضاء على البؤر الإرهابية إلا أنها مازات تتجرع مرارة الهجمات وتدفع أرواح الأبرياء ثمنا لهذه الهجمات التي لا تكل ولا تمل.
يجب أن تضرب الحكومة بيد من حديد على كل من تسول له نفسه ارتكاب جرائم في حق الشعب الذي قام بثورتين خلال ثلاثة أعوام بحثا عن الحرية والكرامة والاستقرار .. وليتكاتف الجميع لمواجهة الإرهابيين وإيقافهم عند حدهم.
نحن واثقون بأن الشعب المصري سيجتاز محنته ويستطيع التغلب على ما يمر به من محن فهكذا عهدنا به دائما .. وفق الله الحكومة المصرية للقضاء على الإرهاب الأسود وأنعم على شعبها بالاستقرار والأمن والأمان.

* * *
آخر كلام
سأل الممكن المستحيل : أين تقيم ؟.
فأجابه : في أحلام العاجز

ناصر اليحمدي