بدأ اكتشاف النفط او ما يسمى بالزيت الخام حسبما تذكر بعض المصادر منذ مئات السنين حين خرجت منه كميات بفعل الضغط الداخلي لطبقات الأرض فعرفه الانسان حينذاك استخدمه، حيث وجده قابلا للاشتعال فاستخدمه كزيت للإنارة وكذلك لتطهير الجروح ومضاد للحشرات ومعقم، وفي القرن الماضي تم اكتشاف فوائده الاقتصادية حين توفرت أدوات الحفر الضخمة.
عندما تم اكتشاف النفط لم يكن أحدا يعلم أن هذه السلعة النادرة سوف يصبح لها شأن كبير وستكون أحد اهم مسببات الصراع في العالم هذا المورد غير المتجدد غير مجرى الحياة فعلى منابعه تناحرت أمم ووقعت حروب ومع مرور الوقت أصبح النفط يشكل عصب الحياة فمنه تصنع العديد من السلع البتروكيماوية وبه تدار المصانع والآلات والمعدات وتنار المدن وتسير الحياة.
النفط هو السلعة الاقتصادية الوحيدة التي لا تخضع للمعايير الاقتصادية والتي تعتمد في تحديد سعرها على عوامل العرض والطلب والأدلة كثيرة على ذلك فأسعار البترول تتحكم فيها عوامل أخرى جيوسياسية ومصالح ويستغلها البعض كوسيلة ضغط للحصول على مكاسب سياسية وأخرى اقتصادية وتؤكد الحقائق أن هذه المادة لم تكن يوما ما سلعة حرة وانما هي سلاح اقتصادي قوي يمكن ان يستغله من يملك الجراءة والمقدرة والامكانيات والقوة.
ما اشبه اليوم بالبارحة ففي أكتوبر من عام 1973 استطاع العرب أن يتخذوا قرار تاريخيا جريئا ربما لم يتخذوا مثله من قبل عبر تاريخهم المعاصر حيث قام أعضاء منظمة الدول العربية المصدرة للبترول(أوبك) بإعلان حظر تصدير البترول الى الولايات المتحدة الاميركية وبعض دول أوروبا والتي كانت تدعم الكيان الإسرائيلي و تخفيض الإنتاج بنسبة 30% وكان ذلك من اجل اجبار إسرائيل على الانسحاب من الأراضي التي احتلتها في عام 1967 وقد أدى هذه الحظر الى ركود اقتصادي كبير وربكة في الأسواق المالية وأزمة مالية حادة وارتفاع التضخم و رغم ان إسرائيل لم تنسحب في حينها من الأراضي العربية المحتلة واميركا لم تتراجع عن سياساتها الداعمة لها الا أن ذلك القرار اثبت للجميع ان العرب كانت لديهم إرادة قوية واستقلالية في القرار وإرادة وتوافق لما فيه المصلحة القومية المشتركة.
اليوم وبعد مضي أكثر من أربعين عاما على ذلك الحدث ها هو نفس السيناريو يتكرر مرة أخرى الا انه هذه المرة بشكل اخر وبطريقة تختلف عن سابقتها بل ان بعض العرب الذين كانوا ممن صاغوا القرار القديم أصبحوا الآن مساهمين في التطبيق وربما قرار 1973 كانت له انعكاسات على التوجهات حيث اعادت القوى الكبرى ترتيب اوراقها وخططها وبرامجها وهذا ما أكدته الاحداث التي مر بها العالم بين الفترتين.
اغلب الحروب والنزاعات التي شهدتها المنطقة ابتداء من حربي الخليج وغزو الكويت واحداث سبتمبر والحرب على أفغانستان وانتهاء بالثورات العربية او ما سمي بالربيع العربي مرتبطة بصفة مباشرة او غير مباشرة بموضوع النفط وكلها تهدف الى استفادة طرف على حساب طرف اخر من هنا نستطيع القول ان هذه السلعة لا يمكن التكهن بسعرها او مستقبلها وقد بدأت العديد من الدول البحث عن مصادر أخرى بديلة للنفط كالطاقة الشميسة او طاقة الرياح فهذه الموارد متجددة ومضمونه ونظيفة.

سالم العبدلي