[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
برغم إهداء تونس اكليل ورد على مناخها الديمقراطي، الا ان هذا البلد ايضا قدم اكبر نسبة من المسلحين في سوريا، ويقال ان عدد الداعشيين فيه هي الاعلى بين العرب. اذن بالامكان اجراء هذا النوع من الديمقراطيات، ضمن جو شعبي فيه شحنات ارهابية. لبنان الذي لم يعد انتخاب مجلسه النيابي ومدد له في المرة الاولى وهاهو يتجه للتمديد للمرة الثانية، استحكم برقبة الارهاب هذه المرة، تمكن في طرابلس بشماله ان يحسم وضعا ارهابيا عمره سنين، وان يقدم شهادة على قوة مهما كانت مفرطة او عادية، لافرق، لأن عالم الارهاب لايجوز معه سوى القوة، وان الأمن كما يقول رئيس المجلس نبيه بري لايمكن حصوله الا بالقوة.
ومع ذلك تبدو مجتمعاتنا العربية عن بعد وكأنها تعيش حياة عادية هانئة ليس فيها منغصات .. اما عن قرب فثمة مشكلة تستدعي الفهم .. لبنان مثلا البلد العربي الوحيد تقريبا من شاءت له التقاطعات الدولية والاقليمية ان يعيش قريبا من النار لكنها لم تسكنه، كان نجم الديمقراطية في العالم العربي وكان مدارها، لكنه برغم ضغوط الوضع السوري الملاصق له جغرافيا، ظل خارج التفجر الشامل الا ماندر في اماكن، سرعان ما تنتهي وتتلاشى.
معارك طرابلس التي مازالت ساخنة النتائج الى البارحة وربما اليوم ايضا، ايقظت في المنطقة صورة بلد صغير يمكنه ترتيب امنه اذا ماقدمت له امكانيات التهدئة .. يمكن لجيشه الصغير ان ينتصر على اكبر قوة، على عتاة ، كما يمكنه ان يتصرف كأي جيش محترف اذا ماحصل على المعلومات المسبقة التي تدفعه الى استباق وقوع المحظور، تماما كما جرى في شماله حين سربت الولايات المتحدة معلومات خطيرة سوف تحدث في تلك المنطقة وبان هنالك نوايا لقوة من الارهابيين ان تحتل المدينة الشمالية وان تعبث بها وان تعلنها مساحة لها مثلما فعلت بالموصل العراقية . قالها الاميركي للمسؤولين اللبنانيين وخصوصا قيادة الجيش التي لديها ايضا معلومات كافية وافية عن مخطط ارهابي يسعى للامساك بطرابلس لأنه يريد منفذا له على البحر المتوسط يستطيع من خلاله ان يتحكم بسوق النفط اضافة الى الدور المهم الي سوف يلعبه في حال تأمينه.
سارع الجيش بفتح المعركة اولا بالإمساك برأسها المدبر احمد ميقاتي وقتل الى جانبه ثلاثة من مساعديه، واذا بهذا الشخص يعترف اثناء التحقيق معه بالكثير من المعلومات الخطيرة كمثل اغتيال رئيس المجلس النيابي نبيه بري وتصفية احد زعماء السنة في الشمال احمد فتفت من اجل فرض معركة مذهبية سنية شيعية. اضافة الى عمليات اخرى كمثل اقتحام مجالس عاشوراء المقامة في هذه الايام في اكثر من مكان باعتماد تفجيرات يصعب التقاطها من قبل اية آلة متخصصة. ولم يقف الجيش عند المعلومات بل سارع في ضربة استباقية الى فتح معركة بل منازلة لايمكن العودة منها الا بانهاء الوضع الشاذ قبل استفحاله.
نتائج العملية في طرابلس هدية لسوريا ايضا، ولكل مقاتلي الإرهاب في المنطقة .. هي خطوة في الطريق الذي اختارته الجيوش العربية وهي في حالة دفاع عن نفسها وعن أوطانها .. جيوش تعيد مفهوم وجودها كقوة معبرة عن شعبها ولشعبها وأمتها.