[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
فرحنا لتونس في خيارها الديمقراطي، مع ان الديمقراطية على حد تعبير تشرتشل هي أسوا الحلول الجيدة .. اما فرحنا فيقوم على تصورين: طبيعة الانتخابات وشكلها الذي تم، ثم نتائجها. واذ قدمت انتخابات نظيفة هي تحفة العمل الشعبي وانحيازها التام إلى الصورة الاجتماعية المثلى في الهدوء والاستقرار، فإن نتائجها اشبه بكمين نصب لحزب" النهضة " الذي ظن املا طويلا في الإمساك بالسلطة، صحيح انه هزم لكنه لم يخرج نهائيا منها، وصحيح انه سيكون شريكا فيها، لكنه بعد اليوم لن ينفرد في قيادتها.
فتحت تونس باب التغيير في المنطقة العربية، قدم بوعزيزي نفسه جسده وروحه صورة عن متغير في بلده، فتمدد المتغير وصار ازمة امة .. تحول من " ربيع " إلى مشكلة الى تخريب، صار عنوانا للإجهاز على العالم العربي حين لم يتوقف في اهدافه التخريبية. لكن تونس عادت وقادت مرحلة التغيير بهذه الروحية، واتبعتها بأفق جديد، لن ينهي " النهضة " كما جرى لـ "الاخوان " في مصر، بل سيجعل لتونس عنوانا مختلفا ستعرف به منذ اليوم.
لم يأت حصول حزب "نداء تونس" على اغلبية الاصوات عبثا، بل كانت لأخطاء "النهضة" دورها في ذلك .. فقد وقعت في اخطاء لم تنج منها، ربما لأنها تحكم لأول مرة، او لأنها لا تملك البرنامج الكافي للتغير النظري الذي طرحته. فهي لم تستطع ان تضع حدا لظاهرة الباحثين عن العمل الكبيرة التي تحدثت عنها، حيث هنالك اكثر من اربعمائة الف عاطل عن العمل ازداد عددهم اكثر فأكثر .. وبدل ان تضع الأمن في اولويتها، شهد تخريبا كبيرا وقتلا لعسكريين، اضافة الى الاغتيالات السياسية التي غطت البلاد وحملتها المعارضة المسؤولية الكاملة عما حصل .. واذا اضفنا إلى تصرفات رجالاتها التي لم يجد لها الشعب اجابات سوى انها تجاوز لعناصرها .. وفي حين كان المقاتلون التونسيون يرسلون بالآلاف إلى سوريا للقتال هناك، لم تتمكن من وضع حد بل كأنها ساهمت في العملية وتغاضت عن ارسالهم، وكان قد كشف وزير الداخلية بن جدو مؤخرا ان وزارته تمكنت من ايقاف اكثر من ثمانية آلاف تونسي كانوا يعتزمون الذهاب إلى سوريا زيادة على العدد الاساسي الموجود هناك .. وفي هذا المجال ايضا وصل اليأس الشعبي من " النهضة " إلى حد كبير بعدما لم تتمكن من وضع حد له .. ، واذا اخذنا بعين الاعتبار واقعا سياسيا، فإن زعيم "النهضة" الغنوشي شارك في احد اكبر المؤتمرات الاميركية الداعمة لاسرائيل .. ولا بد من الاخذ بعين الاعتبار استضافة تونس كنوع من التحدي ما سمي بأصدقاء سوريا، اضافة إلى قطع العلاقات مع سوريا الذي اعتبر على المستوى الشعبي تفكيرا متهورا. اضافة إلى أشياء اخرى.
الآن يمكن القول بعد تجربة النهضة انها لم تمثل الثورة في عذريتها، لكن هذا لا يعني ان حزب "نداء تونس " ثوري ايضا، لكن قيادته تعترف منذ البداية انها لا تمثل نظام زين العابدين بن علي كما تدعي "النهضة"، بل يؤكدون انها (النهضة) وافقت على رموز تابعة لابن علي في السلطة التي قادتها.
الآن تطل تونس على واقع جديد هو تعبير عن حالة شعبية لا يمكن تجاوزها، وتكاد تقرع باب "النهضة" بقوة معلنة خسارتها وبأنها مرحلة تتوارى وهنالك قابلية في المستقبل لإخراجها من العملية السياسية. اما " نداء تونس" فيصرون على حكومة كفاءات وهو خيار طيب يستطيع الحكم بلا منغصات.