تمضي برامج التنمية في بلادنا بخطى واثقة باتجاه أفقي ورأسي يمكن رصده بسهولة، حيث تتحول السلطنة إلى خلية نحل تعمل ليل نهار لإرساء قواعد البنية الأساسية التي تقوم عليها نهضتنا المباركة في ختام عامها الرابع والأربعين على درب التطور.
ويأتي "ملتقى المشاريع العماني 2014" الذي يختتم اليوم أعماله بفندق قصر البستان كإحدى أبرز المحطات التي تسجل حضورها في مسيرة التنمية الشاملة والمستدامة التي حرصت على مد مظلتها النهضة المباركة في ربوع البلاد، حيث يمثل الملتقى فرصة كبيرة للتعرف على أهم المشاريع التنموية المعتمدة والجاري تنفيذها والمتوقع استلامها، وكذلك للتعرف على الحراك الذي تبذله الحكومة في هذا الصدد، والخطط التنموية الطموحة لتطوير الاقتصاد الوطني ورفد التنمية بالمشاريع اللازمة، والإجراءات والخطط لمواجهة المتغيرات الحالية والمستقبلية.
ومن التحديات التنموية التي تواجه ليست السلطنة وحدها، وإنما حكومات كثير من الدول إيجاد مصادر دخل متعددة ومتنوعة، تحسبًا لتراجع واحد أو أكثر من مصادر الدخل التي تعتمد عليها، ما يجعلها تلجأ إلى البحث عن البديل الذي يعوض هذا التراجع، مع تنشيط بقية المصادر. فقد كانت لافتة تلك المعطيات التي سرد أرقامها معالي الدكتور علي بن مسعود السنيدي وزير التجارة والصناعة ووفقًا للمركز الوطني للإحصاءات والمعلومات في عام 2013م، حيث أسهم مجموع الأنشطة غير النفطية إلى الناتج المحلي الإجمالي بـ(23ر17) مليار ريال عماني، بينما أسهمت صناعة النفط الخام والغاز الطبيعي بـ(22ر15) مليار ريال عماني، ما يمثل حالة صحية وحراكًا اقتصاديًّا وقدرة كبيرة على اجتراح الحلول لتنويع مصادر الدخل وتنويع الاقتصاد والاعتماد على استخدام النفط والغاز كعامل محفز للتنويع. وما يثبت سلامة التوجه والخطط ونجاحهما أيضًا قيمة المشاريع الجارية في السلطنة والتي تقدر ـ وحسب معاليه ـ بـ(8 ر48) مليار ريال عماني، بالإضافة إلى مشاريع تقدر قيمتها بـ(80) مليار دولار أميركي أي ما يعادل حوالي (7ر30) مليار ريال عماني يجري تنفيذها أو في مراحل مختلفة من الانتهاء أو التسليم.
ولما كان تنويع مصادر الدخل قاعدة عريضة للاقتصاد، آمنت حكومة السلطنة إيمانًا جازمًا بوجوب الارتكاز على هذه القاعدة العريضة لتجتمع عليها مرتكزات التنمية المستدامة التي تنشدها وتتضافر الجهود حولها، بما يحقق الأهداف والرؤى، ويجنب اقتصادنا الوطني أي منزلقات أو صدمات ـ لا سمح الله ـ، حيث تمضي السلطنة في التأكيد على سياستها الاقتصادية القائمة على اقتصاد السوق المفتوح والمنافسة الحرة وتشجيع الاستثمار الأجنبي وتشجيع القطاع الخاص على لعب دور قيادي الذي كان على موعد تاريخي في تاريخ التنمية الشاملة يبرهن على مصداقية الحكومة في مد يد الشراكة مع القطاع الخاص، وعلى قبوله هذه الشراكة لتحقيق التكامل المنشود نحو بناء دولة راسخة ومستقرة واقتصاد وطني قوي ومتنوع واستغلال المقومات والإمكانات التي تتمتع بها البلاد تحقيقًا للمصلحة العامة، وذلك من خلال الاتفاقيات التسع للانتفاع بالأرض لمشروعات جديدة تقام بالمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم باستثمارات من القطاع الخاص تبلغ أكثر من (43) مليون ريال عماني والتي وقعها معالي يحيى بن سعيد الجابري رئيس مجلس إدارة هيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم أمس الأول مع عدد من شركات ومؤسسات القطاع الخاص تضمنت مشروع "إنتاج ونقل وتوزيع شبكة الكهرباء"، وتشييد "مصنع لإنتاج البوليمر"، والبوليمر منتج كيميائي يدخل في عدد من الصناعات مثل المواد اللاصقة ومواد البناء والورق والملابس والألياف والسيراميك وغيرها، وإنشاء مرافق "لإنتاج وتخزين الغازات الصناعية" وإقامة مركز تجاري، وتشييد مجمعين تجاريين أحدهما يضم صالة للبولينج وخدمات ترفيهية وتجارية متنوعة، والآخر يضم العديد من العلامات التجارية العالمية، وإقامة مخازن متنوعة بينها عشرة مخازن لتوفير ما تحتاجه المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم من أدوية ومستلزمات طبية، وتشييد ورش ومخازن ومبانٍ ومكاتب إدارية وتجارية. ولا ريب أن هذه الاتفاقيات تعكس ثقة الحكومة في القطاع الخاص ليكون رافعة وشريكًا حقيقيًّا في عملية البناء والتنمية، وثقة المستثمرين بالمستقبل الجيد الذي ينتظر الدقم.
إن هذه المشروعات العملاقة التي تم تنفيذها أو تلك التي ما زالت في طور التنفيذ أو الدراسة تعطي ملمحًا لمستقبل عمان الاقتصادي في ظل المراحل والخطط الخمسية والرؤى الاستراتيجية التي يجري تشكيلها حتى تحجز السلطنة مكانًا متقدمًا في قطار النهضة الاقتصادية العالمية.