[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/samyhamed.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]سامي حامد[/author]
108 جنود مصريين لقوا حتفهم على مدى العامين الماضيين في عمليات إرهابية استهدفت ولا تزال الجيش المصري أغلبها وقع في شمال سيناء منذ مجزرة رفح الأولى التي جرت في أغسطس العام 2012 خلال أيام شهر رمضان المبارك .. إلا أن العملية الإرهابية الأخيرة التي استهدفت رجال الجيش المصري يوم الجمعة الماضية في الشيخ زويد تعد هي الأعنف التي تتعرض لها سيناء خلال السنوات العشر الأخيرة حيث حصدت أرواح 31 ضابطا وجنديا يليها في العنف مجزرة رفح الثانية التي وقعت في أغسطس العام 2013 والتى راح ضحيتها 25 من رجال الجيش المصري، بينما مجزرة رفح الأولى حصدت أرواح 17 جنديا وضابطا أثناء تناولهم طعام الإفطار في شهر رمضان قبل عامين.
لقد أحدثت العملية الإرهابية الأخيرة دويا هائلا في أوساط المصريين مسؤولين ومواطنين على حد سواء .. خاصة وأنها جاءت في وقت كانت فيه مصر قد بدأت تشعر بالاستقرار والهدوء النسبي باستثاء ما يحدث من مظاهرات وأعمال شغب في الجامعات وكانت الدولة تستعد لتنفيذ الاستحقاق الأخير من خارطة الطريق وإجراء انتخابات برلمانية لاختيار مجلس نواب جديد يتولى مهام السلطة التشريعية لتكتمل بذلك خارطة الطريق التي ارتضاها الشعب في أعقاب ثورة الـ30 من يونيو والتي تتكون من ثلاث مراحل هي: دستور جديد وانتخاب رئيس للدولة ومجلس نواب جديد .. لتجيء العملية الإرهابية الأخيرة فتثير الرعب والفزع عند المصريين، وتحدث صدمة شديدة لدى المسؤولين سواء داخل المؤسسة العسكرية أو في جميع أجهزة الدولة!!
الهدف من تلك العمليات الإرهابية كما هو واضح ليس قلب نظام الحكم، فالجماعات المسلحة التي تقوم بتنفيذ عملياتها في سيناء ليست بحجم وقوة وتسليح الجيش المصري .. وإنما الهدف زعزعة استقرار الدولة المصرية ومحاولة هز صورة المؤسسة العسكرية التي يحتمي وراءها الشعب المصري، حيث تتلقى تلك الجماعات دعما خارجيا لتحقيق هذا الغرض سواء عن طريق إمدادها بالمال أو بالسلاح .. والملاحظ في العملية الإرهابية الأخيرة التي استهدفت جنود مصر في كرم القواديس بالشيخ زويد أنها شهدت تكتيكا جديدا وأسلحة متنوعة، ولعل هذا ما دفع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ليشير إلى أن تلك العملية وراءها دعم خارجي من أجل كسر إرادة مصر والجيش المصري، لافتا إلى أن هناك قوى لا تريد لمصر النجاح، وبأن هناك مؤامرة كبرى ضد الدولة المصرية.
الرئيس المصري أكد أن العملية الإرهابية الأخيرة هدفها إسقاط الدولة المصرية، مشددا على أن ذلك لن يحدث طالما أن الجيش والشعب يد واحدة، محذرا من أن الإرهاب الذي تشهده سيناء لن ينتهي في يوم أو يومين، مشيرا إلى أنه قد تمت تصفية مئات الإرهابيين خلال الشهور الماضية، ولولا ذلك لكانت سيناء أصبحت معقلا للإرهاب، مؤكدا أن الهجوم الأخير كان متوقعا، وأن الدولة المصرية ستتخذ إجراءات جديدة على طول الشريط الحدودي مع قطاع غزة للتخلص نهائيا من الإرهاب، وذلك في إشارة إلى أن منفذي العملية الإرهابية الأخيرة تلقوا دعما بشكل أو بآخر من قطاع غزة عبر الأنفاق السرية التي تتاخم الحدود مع مصر!
لقد بدأت مصر بالفعل في إخلاء الشريط الحدودي مع غزة من السكان الذين يعيقون العمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش المصري حيث يحتمي الإرهابيون وسط الأهالي، فضلا عن أن أنفاق غزة السرية تنتهي داخل البيوت وتبلغ المنطقة الحدودية القريبة من قطاع غزة نحو 20 كيلومترا، وهي المنطقة التي تتم فيها دائما العمليات الإرهابية حيث تحولت تلك المنطقة إلى أوكار للجماعات المسلحة التي تستخدم شبكة الاتصالات الإسرائيلية في التواصل ونقل التعليمات لعناصرها لتنفيذ عمليات جديدة، وهو ما يفسر تنفيذ العديد من العمليات الإرهابية رغم قيام الجيش بقطع شبكات الاتصالات المحلية عن المنطقة.
إن إخلاء السلطات المصرية لهذه المنطقة من السكان هو أمر بات في غاية الضرورة والأهمية لاستئصال الإرهاب من جذوره حيث تخوض مصر حربا حقيقية، وهو ما يذكرنا بقيام مصر عقب حرب يونيو 1967 بتهجير نحو مليون مواطن من أهالي منطقة القناة، وذلك لاعتبارات تتعلق بسلامتهم من التهديدات الإسرائيلية لهذه المنطقة في ذلك الوقت، بينما سكان الشريط الحدودي مع غزه لا يزيد عددهم على نحو 50 ألفا، وهؤلاء يمكن استيعابهم في مناطق أخرى قريبة لحين الانتهاء من كافة العمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش المصري ضد الإرهابيين الذين يختبئون وسط السكان حيث إن إعلان تلك المنطقة الواقعة على الشريط الحدودي منطقة عسكرية سوف يؤدي إلى إخلائها من السكان المدنيين، وبالتالي كشف أوكار هؤلاء الإرهابيين وأماكن تمركزهم، فضلا عن التوصل إلى الخريطة الحقيقية لشبكة الأنفاق التي تحولت من نقل البضائع والسلع إلى تهرب السلاح ومخابئ للإرهابيين.