[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
كعادة خيارات توقيتها، كادت شرارات انتفاضة كبرى أن تندلع في القدس إزاء منع الصلاة في المسجد الأقصى .. حدة الحراك الشعبي الفلسطيني أعاد الأمور إلى نصابها، لكن الإسرائيلي يظل على عنجهيته وعلى نازيته وعنصريته في كل الأحوال، وآخر تقليعاته في هذا المجال، منع العمال العرب من ركوب الحافلات مع اليهود لأن لهم رائحة وثيابهم ملوثة بآثار العمل الذي يمارسونه ..
موقف عنصري يحمل دلالاته القوية على مجتمع لم يعلمه التاريخ الإنساني شيئا، ولم يستفد من خبرات العلاقات البشرية ما يؤهله لأن يتحرر من تلك العنصرية الفجة .. تلك الإهانة للعمال العرب وجميعهم يعملون في صناعات ربما لا يشتغلها اليهود أيضا ويعتبرونها مهينة، في حين ليس هنالك أعمال مهينة بل هنالك بشر مهينون.
ولأن العنصرية الإسرائيلية كانت مكشوفة عبر كل تاريخ إقامتها في إسرائيل، فقد كادت الأمم المتحدة أن تشطب الكيان الإسرائيلي قبل عشرات الأعوام، خصوصا بعد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1975 الذي اعتبر الصهيونية شكلا من أشكال العنصرية والاضطهاد العنصري، بل زاد عليها مؤتمر عدم الانحياز الذي عقد بعدها في كوبا حين اعتبر الصهيونية نازية يهودية.
إنه لشرف عظيم ركوب العمال العرب في الحافلات في مدينة القدس لأنهم يؤدون أعمالا تحقق لهم بعرق جبينهم ما يحتاجونه في الصراع الأبدي مع الصهاينة. فإذا كان زعيمهم الأول نتنياهو جبانا وكاذبا حسب التهمة التي ساقها إليه مسؤولون أميركيون، فكيف يكون الآخرون من شعبه الذي لم تعلمه الثقافة الإنسانية احترام خصم أو عدو يؤدي لديه أعمالا متعددة بدل أن يناكفه على مدار الساعة، وبدل أن يتحول إلى بطّال عاطل عن العمل كثير الإزعاج.
قالها المسؤولون الأميركيون إن نتنياهو كاذب لأنه لن يبرم سلاما مع الفلسطينيين، وهو جبان لأنه لن يوجه ضربة إلى إيران، هو ظاهرة صوتية في حقيقة الأمر، هو المرتعد خوفا من أن يقف بوجه الآلة الإيرانية، يريد من الأميركي أن يفعلها مع الإيراني كي يورطه في حرب عالمية تبدأ ولا تنتهي ليقف متفرجا عليها .. لكن الإيراني حدد هدفه بوضوح، سواء ضربته الولايات المتحدة أو إسرائيل أو أية دولة فلسوف يوجه معركته باتجاه الكيان الإسرائيلي. وبالمقابل فهو كذاب، لأن خيارات السلام ليست من شخصه، بل العنجهية الفارغة التي تتمسك بالمكان، هو لا يريد خسارة موقعه في الكيان ليظل وفيا لمن هم أمثاله من الإسرائيليين المتعصبين.
وبعد، كم سيكون لاختفاء إسرائيل من الوجود من أثر على حياة البشر تكافؤا ومزاجا ونظافة علاقات بشرية وحرية معتقد، وكم سيتخلص العالم من تلك العنصرية التي ما زالت مستحكمة بشعب تطارده سواء جردته من أرضه، أو تصرفت معه بعنصرية لمن بقي في أرضه. وأكاد أجزم أن الحياة في المنطقة والعالم سيكون أجمل يحمل ملامح العلاقات المتوازنة المتوازية فيما بين موجوده. أما الأقل وهو الممكن، فشطب إسرائيل من الأمم المتحدة، واعتبارها كيانا خطرا على السلام وعلى الإنسانية وعلى البشرية وعلى روح الشعوب. إسرائيل الكيان هذه تؤرخ دائما لمرحلة مظلمة مرت على الأرض، ثم شاخت وذهبت أدراج الرياح, وسنرى.