خمسون حلما من حياتي كالخيال
أعُدّ عمري لحظةً من دهشة
آوتْ كلامي حين أورقت الظلال :
الذكريات ..الشمس .. ملح الأقحوان ..
ستائر الغرف العتيقة .. عطر الفتاة المستباحة
في شهيقي الأول ..
لون السخافات الجميلة.. انكسارات الرجال ..
خوفي من المتجهمين أمام منزلنا
لأن أبي يسب مزاعم المتقاعدين
انحناء شجيرة لتحية الآتين من فرح المحال ..
هل قلت : مرتْ من هنا أسراب يومي
وركضت خلف خطاي
أبحث عن مساء في التلال ..؟؟!
كيف التقطت هواء نبضي في الزحام
وفوق ما سأكون
ذوبت انحلالي في الجَمال..؟؟!
هل مر من عمري
زمان يستبيح عروق أشجاري
هل كنت طفلا في تمام الحلم تأخذه الرمال
ليلثم الطرق البعيدة عن رؤاه ..؟؟
وهل استجبت لشهوتي
وأنا أعود إلى الديار ..؟؟
لونت أسئلتي بحِلم العاشقين
بوردتين لمحو ذاكرتي من الماضي .. من الآتي ..
فقط أنا لحظة رشفتْ أنوثةَ مشيها
فعثرت في فجر الوجوه على انبثاقي
حين راودتُ الطبيعة عن مباهجها
ولم أبصر طريقا لاعتناق خطيئتي
إلا يديَّ تشاغبان مجرة للاشتعال
وأنا أسير إلى مكاني
للخروج من البداهات الأليفة ..
كم عشت ..؟
ما الموت ؟ :
انطباع أخروي ؟؟
اعتذار دنيوي ..؟؟
خلوة مشبوهة لغواية الأزل البليد ..؟؟
وما الحياة ؟ :
نبيذُ يومي
كي أموت كما أغني ..؟؟
كم سأعشق من وجوهي :
آناً .. ساعتين .. ثلاثَ غيمات ..
سرابا يسترد تنبؤاتي من صداها الأولي ..؟؟
هل أستطيع الصحو..؟
يكفيني صباح فوضوي ..
وشوشاتُ عشيقة تصحو على ورقي
وتشرب من خطوطي
ما يمد مزاجها بالاحتفال ..
هل كنتُ حين مررت قربي
حين ألقيت انفرادي في الوجود
وفتحت في صمتي شوارعَ للنشيد
وحين ضمخت امتدادي بالغموض ..؟؟
خمسون حلما ..
كل حلم يستظل برغبتي في فهم ما سيجيءُ
من كأس تفيض بما ترسَّب
في ذهولي من سماء
وبما سأحمل في الحقيبة من غياب ..
هل عشت ..؟؟
لم أمنح سؤالي
ما يستحق من الجلالِ
لكي أراني نيئا كالحب في دمع امرأه ..
خمسون عطرا :
في المجيء إلي ..
في السفر المؤدي لانشطاري في الزوايا ..
في ذبيب الفكرة المخمورة ..
القمرِ المهيأ لانطفائي ..
سيجارتي الشقراء ..
خوفي من وجوم الواعظين ..
صمتي على كرسي الدراسة ..
غبطتي وأنا أرافق مفرداتي
لاحتساء ظهيرة بين السحاب
لنطال ليلا لا يقال .. !!
خمسون عطرا
لم أعدْني بالمحال ..
هل كنت ..؟
كم سأموت كي أحلو ..؟
أمر عليَّ .. أدمن باطني بقصيدتي
وأذوب في وقتي بسيطا كالمساء
كأي شيء ينتهي في شهقتين ...!!

عبدالحميد شوقي
شاعر من المغرب