2ـ الولاء للدين:
الولاء في الدين هو أن نوالي الله ورسوله والمؤمنين والكتب والملائكة بموالاة الله ورسوله بأن نطيع أمرهما ونكف عن نواهيهما وموالاة القرآن والسنة بأن نعتز بهما، فالموالي مشرّب بلبن الإيمان الكامن في قلوبنا الحمراء التي تمدنا بالحياة ما دامت تشتغل فكما أن بالقلوب حياة الأجساد، فأن غذاء الأرواح تكون بالدين وبه يحيي القلب وبعدمه يموت، ومن أظهر الحق وأبطن الباطل غدا مريضاً في القلب لتذبذبه بين هذا وذاك، ولا يكون لرجل من قلبين في جوفه، فيعيش منفصم العاطفة، مضطرب السلوك، فهو يتربص هنا وهناك لئلا يسمع المؤمنون عن معاصيه، فيصيبه من القلق والخوف الشيء الكبير.
ويكون موالاة الملائكة بالإيمان بهم وإعزاز مقامهم وهم مراقبون لنا يسجلون كل أعمالنا، لذلك نجنح نفوسنا إلى رحاب الطاعات وننأى بأنفسنا عن معاطن الآفات.
والولاء لله وهو الذي خلقنا من عدم نحن من يطلب هذا الولاء لحاجتنا إليه ولم يطلبها سبحانه لنفسه فهو الغني الواسع، ولكن طلبها منا لمصلحتنا، لأن هذه الأحكام منوطة بمصالح العباد، والدليل على وجوب موالاته قوله سبحانه:(إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) (الأنبياء ـ 92)، ما أروع هذا التصوير صورة مجتمع موحد له قوانينه تسري إليه، وله رب غفور، قال الله تعالى:(بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ) (سبأ ـ 15).
كذلك علينا أن نوالي كتابه الكريم فنؤمن بآياته المتشابهات، ونعمل بأحكامه ونقرأه ونحفظه ونجعله نصب أعيينا في أعمالنا كلها في كل ما ندع وكل ما نأخذ.
وبما أن الدين قال الله وقال رسول الله، فتأكد لنا أهمية الولاء للدين، من حيث أن الوحي القرآني ثابت النصوص، وكذلك حال المتواتر من الستة، أما دلالاتهما فمتنوعة بين القطع والظن، حسب معايير وقوانين مبسوطة في علم (أصول الفقه) و(علوم القرآن)، و(علوم الحديث)، ويبدأ الإنسان بموالاته لنفسه ثم أسرته ثم لقبيلته وشعبه، ثم لوطنه ثم لولي أمره.

علي بن سالم الرواحي