من الظواهر العمالية الشائكة والتي لا يوجد لها حتى الآن اي علاج نتيجة قانونية الاجراءات التي تحمي خلل الممارسة والتطبيق هي التجارة المستترة، بدعم ومساندة افراد المجتمع الذين يوفرون للعامل كافة الالتزامات المطلوبة من تراخيص وموافقات ووثائق وضمانات تضمن مشروعية فتح النشاط وتفتح للعامل الطريق للاستفادة بالنصيب الاكبر من السيولة النقدية المتداولة في السوق وصاحب العمل القنوع بما يتيسر له من ايراد شهري حسب حجم النشاط ونوعه الا انه لا يصل باي حال من الاحوال الى 5% من ما يحصل عليه العامل، وذلك واقع ربما البعض يعلمه لكن لا يدرك خباياه واساليبه وكيفية ادارته في ظل وجود قناعة او قل اتكالية من تزدان عشرات الالاف من عناوين المحلات بأسمائهم، فمن غرائب الامور ان تجد بعد فترة من الزمن صاحب اللوحة يقود سيارة متواضعة بينما العامل يركب بي ام دبليو اكس فايف او مرسيدس، وقس على ذلك الكثير من القصص المشابهة ليس فقط في اقتناء المركبات وانما حتى في تعليم الابناء ابن صاحب اللوحة يجاهد حتى يحصل على فرصة تعليم حكومي لابنه بينما العامل يدرسه في اعرق الجامعات الاجنبية.
هناك في الواقع العديد من الامثلة على مثل هذه النماذج التي تدير مختلف الانشطة والخدمات، فعلى سبيل المثال اذا اردنا ان نقترب منها سنجد واقع الكثير منا حتى الآن لا يدرك خباياه ومساراته وابعاده وعوائده، فلو اخذنا نشاط الحلاقة من النوع الجيد ومن خلال حسبه بسيطة نجد ان المحل الذي به خمسة كراسي وتلك حقيقة يدفع العامل الوافد صاحب العمل المستتر للكفيل عن كل كرسي شهريا 50 ريالا عمانيا أي مائتين وخمسين ريالا، وكل كرسي دخله الشهري الصافي لايقل عن 800 ريال على اقل تقدير هذا اذا لم تكن هناك مناسبات حسب رواية احد الحلاقين والعامل اي الذي يدير المحل متفق مع اربعة عمال آخرين على تأجير الكرسي لهم بنسبة 50% من عائده الشهري دون ان يكون هناك راتب ثابت حيث كلما عمل اكثر زادت نسبته في الدخل، عوضا عن الايجار الشهري للمحل والذي يصل الى 400 ريال عماني وبالتالي وبناء على هذا المثال دخل هذا المحل يكون 4000 ريال عماني منهم 400 ريال للكفيل و1600 ريال للعمال والايجار 400 ريال فيبقى للعامل صاحب المحل المستتر 1600 ريال، فكم من الدخل لو كان هناك محلان او اكثر ويديرهما هذا العامل الوافد؟ وهل فكر احدنا بهذا الدخل لعامل واحد ومن نشاط واحد؟.
والسؤال المطروح لماذا صاحب السجل اواللوحة لا يستفيد من هذا العائد او يفيد احد من اقاربه؟ ليس من خلال الممارسة كمهنة انما بالإشراف على المحل وادارته واستلام ايراده، ومعاملة العاملين فيه بالنسبة المئوية اذا كان ذلك في مصلحتهم، ففي واقع الامر هناك العديد من الفرص التي يمكن ان تحول حياة المواطن الى مستوى معيشي افضل يسهم في سعادته وسعادة اسرته، حيث كلما ادرك اهمية ان يكون قائما على منشآته او مؤسسته او محله اثر ذلك ليس في التغير الملحوظ في اسلوب حياته، وانما في مراجعة الحكومة من خلال اجهزتها المعنية للعديد من الاجراءات التي تتخذها لتضييق على ما تراه مخالفا لتوجهها في تحقيق مختلف العوامل الداعمة لحفظ المجتمع من كافة النواحي الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من خلال الانتقال المرحلى من سيطرة الوافد على التجارة تحت ما يعرف بالتجارة المستترة الى المواطن صاحب المحل او المنشأة.
لا اعتقد ان ذلك يصعب تحقيقه خاصة في ظل وجود المئات ممن لديهم مثل هذه الحالات بعضهم تقاعد والبعض الاخرعلى طريق التقاعد، عوضا على ان البعض كذلك يجهد نفسه في البحث عن فرصة عمل لابنه خاصة ذلك الذي لم يحالفه الحظ في التعليم الجامعي، وبالتالي فان ادراتهم لمنشآتهم او ادارة ابنائهم لها سيحدث نقلة على طريق تصحيح مسار التجارة والاقتصاد في البلاد، فأنت او ابنك ليس بالضرورة ان تكون على سبيل المثال العامل الحلاق او البائع او مركب الانابيب او الخياط او غيرها من المهن في منشأتك وان كان ذلك ليس عيبا بل كن من يدير او يشرف مباشرة على هذه الانشطة، فهناك نماذج عمانية صحيح انها قليلة الا انها ناجحة وتستحق كل التقدير والاحترام.

طالب بن سيف الضباري
[email protected]