سونيا بادور:
تحية إجلال وإكبار لروحك الطاهرة يا من غادرتنا ولكن ستبقى خالداً في قلوبنا وعقولنا. لأنك مدرسة في الإنسانية والرقي والمحبة، يا رجل السلام الذي ما برح يسعى للسلام وفض النزاعات في أي بقعة من الأرض طيلة حياته.
كيف ننساك ورحيلك أحرق قلوبنا؟ يا من بنيت عُمان كمدينتك الفاضلة ونهضت بها وجعلتها منارة بين دول العالم، منارة سلام وأرض الخير والعطاء. أنت لم تبنِ فقط البلد بل بنيت الشعب أبناء عُمان الأفاضل الكرام، الذين حذوا حذوك في الرقي والإنسانية،"لو أن أهل عُمان أتيت ما سبوك ولا ضربوك".
يا سلطان السلام أنت الآن في ديار الحق ونحن هنا نتذكرك بحرقة ونتمنى لو أنك ما زلت معنا تبهجنا بطلتك البهية وتعطينا الفرح والإيجابية .. صحيح أنا لست عُمانية لكن حبي لعُمان لا يفوقه حب إلا حبي لوطني لبنان، ولكم تمنيت أنا والكثير من أبناء وطني أن يكون لدينا حاكم يشبهك بمحبتك لوطنك وشعبك، يا من حملت همّ شعبك حتى آخر نفس بحياتك، كيف لهم أن لا يحبوك كل هذا الحب وكيف لنا جميعاً أن لا نحبك ونفتقدك؟ غيّبك الموت لكن ذكراك ستبقى خالدة وستبقى مثالاً يُحتذى به لسنوات قادمة.
بالرغم من كل المآسي التي تحصل من حولنا سواءً دولياً أو إقليمياً جاءنا فقدانك وهو الخطب الجلل، لكن عزاؤنا أننا عاصرناك وعشنا في أيامك وفي العصر الذهبي لعُمان الحبيبة، نحن على ثقة باستمرار هذا العصر بوجود حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق بن تيمور المعظم – حفظه الله ورعاه – هو من اخترته أنت مطمئناً على وطنك بعد رحيلك، فكان خير خلف لخير سلف.
وكما تفضل صحب السمو أمير دولة الكويت الشقيقة وقال:"قابوس لم يمت، الله يرحمه، وأنتوا موجودين"، ولقد صدق فيما قال سموه .. أنت لم تمت يا مولاي لأن أبناءك على ما ربيتهم باقون، وأنت حي في قلوبهم وقلوبنا جميعاً.
كيف ننساك يا مولاي وكل ما حولنا يذكرنا بك؟ كل منجزات عُمان التي صنعتها خلال خمسين عاماً، أعطيت هذا الوطن عمرك وشبابك وصحتك وكل ما أوتيت من قوة وعزم، حصنته بالسلام وبأبناء هم حريصون على المحافظة عليه كما كنت توصيهم دائماً.
كانت يدك دائماً ممدودة للخير والسلام، وهذا هو تاريخك الحافل سواء داخلياً أو خارجياً، لغتك هي لغة الحوار والتفاهم وعدم إراقة دماء الأبرياء، لم تضيع فرصة واحدة إلاّ وتدخلت بالسلام في أي شأن كان. حرصك على أمن وأمان شعبك وأرضك كان يفوق كل شيء. والإنسان تاريخ وهذا هو تاريخك يا مولاي بدون أي مبالغة.
كنا ننتظر كل 18 نوفمبر كي نستمع اليك وإلى كلماتك المضيئة التي توجهها إلى المواطنين الأعزاء، وهذه الكلمات ستبقى محفورة في عقولنا لما فيها من حكمة وعمق وهدوء واتزان، كما أن وصيتك لشعبك كانت:"ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم"، ستكون بمثابة حكمة يتمسكون بها ويكونوا يداً واحدة كما أنت علمتهم.
يا سلطان القلوب، إن كل من عرفك بكاك بحرقة إذ أن خسارتك فادحة لا يمكن أن يقوى عليها من عرفك وعاصرك وأحبك. صحيح أن الموت حقٌّ علينا لكن رحيلك قاسٍ جداً ولا أعتقد أننا سننسى بسهولة.
وعن نفسي وعن كل مواطن عربي أتى لهذا البلد الطيب طلباً للرزق والعيش بأمان، لا نستطيع أن ننسى كيف استقبلتنا عُمان فاتحة لنا يديها وضمتنا كأبناء لها وحافظت علينا، ونحن بدورنا نعاهدك يا سيّد عُمان أن تبقى عُمان في أعيننا وأن نعطيها كما أعطتنا، وأن نحافظ على منجزاتها ونحمي تراثها ونكون يد العون لشعبها بكل ما أوتينا من علم ومعرفة وخبرات لنساهم ولو بالقليل بعجلة التنمية ونرد الجميل لهذه الأرض الطيبة التي احتضنتنا وكأننا أبناءها.
نحبك يا قابوس وسنظل نحبك ما حيينا ...
أودعناك في رعاية الله الذي لا تضيع ودائعه
في أمان الله يا سيد عُمان.