منصور عبدالله العتوم*
رحل جلالة السلطان قابوس ـ طيب الله ثراه ـ وما رحل، فالرحيل الحقيقي هو أن تُفقَد ثم تُنسَى ولا أحد يذكرك بشيء.
أما رحيل السلطان قابوس فهو رحيل جسد وبقاء روح ونهج وفكر وحب غير متناهٍ.
ما رحل قابوس وكل هذه الإنجازات شاهدة على وجوده وأهمها صناعته لمدرسته بإعداد القادة والعظماء وبناء جيل عماني بهوية وطنية خاصة وأخلاق سامية ومسيرة لا تتوقف.
السلطان قابوس صانع الرجال، هؤلاء الرجال الذين شاهدناهم بعد وفاته مباشرة يمسكون بزمام الأمور، ويحفظون له الود وحسن الصحبة، ويحافظون على الوطن من الشقاق والفتن، ولا يدعون فرصة لأصحاب النفوس المريضة بالتدخل في شؤونهم.
السلطان قابوس بنى دولة المؤسسات الشامخة وهي التي سهلت عملية انتقال السلطة بسلاسة ويسر والتي تحمل بداخلها روحه الوثابة لخدمة وطنه وشعبه.
كل شبر من تراب هذه الأرض الطاهرة يشهد له بالإحسان في كل الميادين سواء في التعليم على اختلاف مستوياته أو الصحة أو البنية الأساسية للمدن والقرى والبوادي في كل أرجاء السلطنة، وأهمها حفظ حياة أبناء شعبه ودمائهم والنأي بهم عن الصراعات الخارجية، فحفظ دماءهم وأموالهم، وأصبح ملجأً للباحثين عن الأمن والسلام والاستقرار، وخرج من الدنيا وترك بلدًا مزدهراً داخلياً وصديقاً للجميع خارجيًا، وهذا من أعظم الإنجازات التي يمكن أن يخرج بها حاكم على مر التاريخ محفوفة بحب شعبه له.
إن إنجازاته هذه هي الإحسان بعينه، وهذه المحبة من الناس ما هي إلا مؤشر قبول له عندالله تعالى الذي نسأله له الرحمة والمغفرة وجنات الرضوان.
إن فضله على عُمان عظيم فهو الذي نقلها من الظلام إلى النور، ومن الجهالة إلى العلم، ومن الضيق إلى السعة، وأنهى الفتن وآخى بين الجميع بحبه وصدقه وبالأنظمة والقوانين الحديثة الراقية والمتسامحة، وأعاد للسلطنة مكانتها التاريخية المرموقة بين الأمم.
رحم الله السلطان قابوس بن سعيد، وأكرم نزله، وجعله في أعلى عليين مع رسولنا الكريم عليه وعلى آله الصلاة والسلام بما أحسن إلى شعبه وأمته.
وأدام الله على السلطنة لباس عزها وأمنها واستقرارها، وأسبغ عليها وافر نعمه، وزادها من فضله على يد حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق بن تيمور المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ إنه سميع مجيب.
* مدير مدرسة الحيل الخاصة