[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/uploads/2019/03/aflah.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]أفلح بن عبدالله الصقري[/author]
إن عمان وشعبها اليوم في فقد أليم وحزن عميق، وفي خطب جلل عظيم ومصاب كبير، وقلوبهم منكسرة لما فقدت هذه الأمة وما آلت إليه الأحوال، حيث فقدت رمز الدولة والنهضة العمانية الحديثة جلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور آل سعيد، والذي وافته المنية يوم الجمعة 14 من جمادى الأولى 1441 هجري الموافق 10 يناير 2020م بعد مسيرة حافلة بالإنجازات تحققت على أرض عمان الطيبة، وقد أرسى دعائمها منذ توليه الحكم في البلاد في 23 من يوليو 1970م. وبهذا المصاب الجلل والفقد العظيم نعزي أنفسنا والشعب العماني والأمتين العربية والإسلامية في فقيد الوطن الخالد، ولا نقول إلا ما يُرضي الله تعالى: (إنَّا لله وإنا إليه راجعون) لله ما أخذ ولله ما أعطى.. لقد كنت رمزا شامخا للوطن، سندا وعونا للمواطن، شققت الجبال وخضت الأودية، وجمعت الشمل، وأصبح عهدك مشعا بالعلم والعمل مكافحا لأجل دولة عصرية يشهد لها التاريخ وتتسابق لها الدول لتكوين علاقاتها، رافعا شعار نحن نريد الصداقة مع كل العالم ولا نريد الحروب وويلاتها التي تهتك وتمزق الصغير والكبير.
إن مسيرة الخمسين عاما التي عمل عليها جلالة السلطان قابوس بن سعيد ـ طيب الله ثراه ـ منذ توليه مقاليد الحكم في البلاد كانت حافلة بالعطاء، شهدت تحولا جذريا ونقلة نوعية على الصعيد المحلي لبناء عمان الحديثة، والكل شهد بذلك واليوم يراه بعينه من منجزات على كل الأصعدة وفي كافة المجالات الحيوية من (تعليم وطرق وقضاء وقانون لا للحصر، ولكن الحق يشهد...).
‏نسأل العلي العظيم رب العرش الكريم أن يرحمك ويغفر لك ويجزيك عن وطنك وعنا كل الجزاء، ونعاهد جلالتك أن نكون كما ولو كنت بيننا مواصلين مسيرة البناء والعطاء لعُمان مثل ما أردت لها ورسمت لها وخططت لها، رافعين اسم جلالتك في كل مكان حافظين على المنجزات التي حققتها لنا، مدافعين عن وطننا الذي أمنت له الحدود ودافعت عن اسمه بكل شموخ، إن فقدانك يعني لنا الكثير فعمان في عهدك تحولت من صحارى قاحلة وجبال عالية إلى دولة كبيرة بذلت لها الغالي والنفيس.
إن ما نعيشه اليوم من ألم في فقدانك وقلب مكسور على رحيلك كما فقد الأب الذي عاش أبناؤه في كنفه تحت سقف بيت واحد، يدخل ويخرج عليهم ويشتاق لهم عندما يغيب للعمل، ويفرحوا بعودته ليجلس بينهم ويحكي لهم يومه وهو بعيد عنهم، إنَّا نفقدك بشدة ونشتاق إليك سيدي السلطان قابوس بن سعيد ونقول تركت فراغا كبيرا بيننا منذ الفجر الذي أتانا كغير عادته ورياح تحمل معها خبر انتقالك من الحياة الدنيا، فرحلت عنا وما زلنا لم نرتوِ من حنانك، عُمان أصبحت يتيمة تنظر إلى الجدران وتسمع همس الجيران وتحسب الدقائق الثقال هكذا يستمر الوضع وتأويل الأحوال...إن مصيبتنا عظيمة، وبيوتنا فارغة يملأ جدرانها دموع الحزن والأسى التي كانت تزينها صورتك ونتأمل في ملامح وجهك كل يوم ندعو لك بالشفاء العاجل في وقت مرضك متضرعين لله رافعين أكف الدعاء بأن نراك مرة أخرى كما عودتنا مستبشرين واقفين أمام التلفاز ونحن في شوق ولهفة.. حتى فجعنا بالخبر الذي صدمنا جميعا وكسر عظامنا ككسر الزجاج وجفت دماء عروقنا كجفاف المياه من البحار تنهمر دموع أعيننا مجروحة قلوبنا لا حول لنا ولا قوة إلا بالله مرددين محتسبين وصابرين راضين بقضاء الله وقدره سائلينه سبحانه وتعالى أن يتغمدك بواسع رحمته ومغفرته ويجزيك عنا خير الجزاء، معاهدين بأن نسير خلف حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق ـ حفظه الله ورعاه ـ وأن نكون السند المتين له، لنواصل المسيرة تحت قيادته الحكيمة، سائلين المولى عز وجل أن يسدد خطاه ويكتب له التوفيق والسؤدد.