حامد بن مكتوم الجنيبي يقلد الغنادير أوسمة الجمال بقصائده الغزلية في منطقة (الكحل) بولاية الجازر، التقينا بشاعرين هما الشاعر سعيد بن ياسر الذي نشرنا مقتطفات من قصائده في العدد قبل الماضي، وكذلك الشاعر حامد بن مكتوم الجنيبي، وقد أضافا لعملنا التوثيقي جمالا ومتعة لروعة قصائدهما وأسلوبهما الشعري الآسر. وكنّا قد نشرنا مقتطفات من قصائد الشاعر الكبير سعيد بن ياسرنالت صدى طيبا في الوسط الشعبي. في هذه المساحة سننشر مقتطفات من قصائد شاعر آخر هو الشاعر حامد بن مكتوم الذي يتميّز بلغة شعرية بدوية جميلة وبعاطفة صادقة تبوح بأسرارها في كل بيت. وهو لا يختلف عن معظم شعراء الوسطى بتميّزهم بالشعر الغزلي وجرأتهم الكبيرة بالتصريح بمشاعرهم الصادقة.الشَعر الأبيض والقلوب الخضراءالغزل العذري والعاطفة الحقيقة تجعلان من أيما قصيدة؛ قصيدة مؤثرة. يتابع المتلقي تفاصيلها كلمة كلمة، بل إن المستمع يتجاوب حتى مع تأوهات الشاعر أثناء القائه، لنقرأ قصيدة الشاعر حامد بن مكتوم الجنيبي كما القاها بلهجته البدوية ولكنة سكّان الوسطى:قد لي(1) من زمانٍ وين مبعد مسارهحيث هو طير قلبي ما يشلّه (يناحه)وإلا باب المحبه ما يريد استمارهمن سُلوبي(2) وعزمي داخلنّه صراحهصادني عين حرٍٰ فوق عالي وكارهوالخدود الشعايل نور شارق صباحهنور خدِّه يسالي من علاية خِدارهاحسْ شمس الظهيره ما ( توايب) كفاحهداجر العود فرعٍ حالينه مزارهكن بدرٍ تجلّى فوق عبرٍ لساحهرمش عينه تثيرٍ لو بصُمّ الحجارهولو ما اخْفي بنفسي متْعبني جراحهغير قلبي يخفِّي ما يبيّن سِرارهتحت مود العواطف مبعداتٍ .. متاحهريم، ريم البوادي ما خذته الحضارهالكرامة (طريجه) والوفا والسماحهمن مزون المخايل رب ( تسجي) ديارههل من راس عاله لين خطمة ملاحهالمزون اتركد هلها بانغزارهوالسيول اتعبّر بالغثا واجتياحهيقول الشاعر حامد قبل أن يلقي قصيدته متذكرا المرأة التي كتب فيها القصيدة: " أتذكرها في زمانها تصب قهوة عليّ (واجفه") .مساء ليلة (اليمعة) مسيّر جدى(3) (الايواد)محبٍّ أحبَّه حسب ظنِّي وتفكيريلي من اشوفه يغيب الهم والاْنكادارتاح له لو على الْفؤاد تاثيرياحبَّه زياده على الْمجموع والأفرادواحبَّه على اللي يحتّ الأرض ويطيريهيَّه تِسَمَّعَتْ قول الناس والحسّادونبّهت جيشك على جيشي بتحريري(ييتك) مسيّر وعاني من ديار بْعادوكويتني (ينب) ايديك المصاهيريتفاجأت من ضربه (إلاها)(4) على الفؤادكفى شرَّها لو صابت إنسان من غيري(بيتم)(5)مبهوت ما عنده عزوم شدادضربه تدمّر ساير الجاش تدميريوالله يا زين ماني ع الخطا معتادولا في اتجاهي كان اتغيّرت عن سيريع الشمس والنور وإلهٍ خلق الْعبادما قلت في ذاكي ( اليدين)(6) تقصيرييا غير بالكرم (والمايوب) والاوهادوحسنٍ بديعٍ يقصّر عنْه تعبيريمن هيبتك تشهر خطرها مثل عدّادوعينك تخدّر شراييني تخديري(عجيد) (اليوازي)على السهله رعن بْتّادرعن في فياضٍ مبعدات (المجا فيري)سقى ديرتك من حايبٍ مدهمٍ مسوادضرب وين خضرات العرابي المصاغيريمن راس عاله ووقّف ضربته بالسادسهله على الله صعباتٍ معاسيريتعدّى من عمان ما يحتاج له روّادحلاة الفياض بزاهياتٍ مزاهيريهذا وصلّوا ختام القول والانشادما طاف مسلم على الكعبة بتكبيريفي تقديمه للقصيدة القادمة يقول الشاعر حامد:"انا اول بكريتني بنت، وفرحوا بها كل أهلي وربعاني، ورسلت لي حرمه عقد ذهب هديه حق البنت. وتم العقد عنديه، وغاب على البنيه يوم عادت تسير.. وعقب وترسل لي الحرمه عقد ثاني ..قلت انا كيف الحرمه ترسلي وانا ما أقول شي، وكتبت هذي القصيدة:"(يات) الهديه يابْتها(7) سيدة السيداتوعند استلام الهديه فتّح إرساليوعن شبكتي قلبي عطا الفكر معلوماتوالشِعر شارك في محلّي وترحالينشكرك شكرًا جزيلا شخصكم بالذاتوافي نسب من نسب صناديد (وريالي)من لابةٍ بين القبايل لهم راياتيأكّد على تاريخهم صدق الافعاليكسّارة الخصم بالزوفات والنوباتتاريخ من سجَّل عن الناس لْسجاليوموفّق الله والأعمال بالنيّاتالله يوفّق لعبده خير الاعماليعساك يوم الصاعقة والعباد شتاتيظلّكم تحت ظله ربك العاليأما الجمال اليوسفي يدهش النظراتمالك مثايل على الوصوف تنقاليولا اقدر اميّز لك بحسْنك على الزيناتغير كان ليلة قمر عاشر مِ الهلالي(يسجي) ديارك من مسندم على هركاترحمه من الله بلا ضجّه وزلزاليغربٍ على شرق يأخذ في المقيل (امبات)8ومزون المخايل شِلالي يركز شْلاليهذا وعفوًا اذا زليّت بالابياتشيبه وجدني زمانٍ طاوي حباليلقد فتح لنا الشاعر حامد بن مكتوم قلبه ونبش الماضي السحيق في ذاكرته، فهي فرصة للذكرى، فرصة لملامسة الجرح والتأكد من شفائه أو استمرار النزيف، يقول الشاعر:قم يا نديبي توكل ع الذي كنّهتيّار غيمٍ سرى في امر مامورهمرفاق خالد (صديجٍ) مستخصنّهلا اصطك سير المصالب ما عنْه دورهمن لابةٍ تفزع علينا اذا مِنّهسوء البلا وجّه علينا بناحورهقولْ له زميلك يعاني لي مشقنّهرعبوبةٍ سيد الغراشيب غندورهانِي(9) بفنّي وكل عالم على فنّهوكلٍ على مستواه يعزّم بشورهما (ياز) لي عقب محبوبٍ مودنّهوعلى شاشة القلب دائم تظهر الصورهوراك يا بعد روحي تخطّي الظنّهلماذا تثير الفؤاد وتكسر شعوره؟سببت في روح مسلم (يعلك) الجنهوقدّمت له للمنيّه كان ماخورهلكنّ.. عادي احبَّه ما اصَبِر عنَّهولو جفاني وزاد (اليور) في يورهاحب العشاشيق واعشق لي تودّنهوأحب سِنْة الولادة واعشق شهورهلو ما المسافه اشوفه قلت مكفنَّهروح الغريم وترجع النفس مسرورهتردّ بالجسم مرتاحه ومطمنّهترتاح له وتْعالج علّة كسورهبحور وأوزان متنوعة:على بحر الهجيني ألقى علينا الشاعر قصيدة جميلة وزنها ( فاعلاتن فعولن)، سنلاحظ خفة إيقاعها وسلاسته مع تناغم الكلمات وسمو معناها:داخل(اليوف) ضجّه والكرى ما هنى ليزاد بالجسم روعه وارتعب من ظلاليولا شعوري تميّز الغرب م الشمالييا مسبب جروحي يا عليمٍ بحاليعارفني أحبّك من سنينٍ دواليما خفيته عليكم الشقاء لي مضى لييتضح لك ( يوابي) من خفايا مجاليما تغيّر تْجاهي ماضيات اللياليخايلٍ بك مخالي لا تخيّب مخاليانت ساكن فؤادي أنت أول وتاليأنت والله احبك أنت ما عنك غاليما توازن غلاتك شامخات (الجبالي)لو تحطّى بكفه يا بهيج الجماليزاد وزنه غلاتك م الحجر والرماليجايبٍ بات يبهج مندهم بالشلالياتّراكم مزونه والرواسي مواليعم هيتام يوده والفضاء والمجاليتم سيله وديمه مِ الضحى ع الزواليالله يسمع دعايه يا رفيع المجاليكما ألقى الشاعر حامد بن مكتوم قصيدة مربوعة على نفس البحر السابق، ونضمن منها بعض المقاطع حيث تمثل تنوع الأوزان والبحور التي يكتب عليها شعراء الوسطى:باسم ربي بدينا خالقٍ مهتدِيناشكر(وايب) علينا للإله القديرماهرٍ بالقصائد واعتبرها عوايدبفكراتٍ ركايد ومعنايٍ عسيرياستغل (الجوافي) من صميم الخوافيكالجواهر صوافي من لجّاجٍ عسيريلي مهيّج غرامي مطلق القوس حاميلين بادن عظامي ما استطعْت المسيريحيث لنّه تحدّى اطلق السهم يدّىبو جديلٍ تعدّى فوق متنه نثيرهو بحول التسلي ساهرٍ مستعليذكرتني بخلي لي هواها عبيركرس ترفا بلاده بالتي والهيادهلا هبوبٍ زياده ولا هوايٍ كثيرمستصفّه بصفاتي حب مدة حياتيراسخٍ لي بذاتي واعتماد النظير(جد لي) من زماني حاد له مِ الغوانيكاينٍ في كياني ما حداني نذيركامل الوصف حدّه لا زعيمٍ يضدهيشبه الشمس خدّه لي سماها منيرحينما يفتح الشاعر ذاكرته الغنيّة بالمواقف والأحداث الجميلة، فإن هذه الذاكرة لا تتوقف عن قراءة تلك المواقف الموثقة بالقصائد.. فالشاعر يدوّن تجربته الوجدانية ليقرأها ببهجة أمام الحضور، يقول شاعرنا في قصيدة عشق عميقة:من كثر شوقي الْموجوديلي جداه (10) النفس طربانهالملايا (11) باتوا رقوديومهجتي بالسوق مشتانهبالتجدِّي ناسم النوديوين هب الريف ذنّانهحيث ان الجفن مسهوديوالتولّه فوق خزّانهمسني في ضامري زوديوالحشا (ميروح) شريانهبس في هيتام مقصوديشوف يرجع قلبي إيمانهانت يا بو خصر مجلودياتخذت الروح مجّانهبو هدايب نعّس وسودييسحرك من بيّت (12) عيانهوان جلس في يملة الخوديمظهره مرفوع له شانهلو سقاني سم مغلوديما اعتبرها مِنَّهم خيانهمن قصائد الشاعر حامد بن مكتوم الكثيرة التي تستحق ان نوثقها في هذا البحث، نضمن بعضا من أبيات اخر قصيدة ذكرها في اصبوحتنا معه، سنلاحظ انه يعطي بعض المفردات معانٍي جديدة يحددها السياق الدلالي:مضى ساري الليل في حسره على المشتاقوليل الخلي في لحظة الإنس مسرورهبي(13) أحور العين بي من عم ع الآفاقوتاضي غياهيب الدجى شعة نحورهيا سْلالة المجد يا شمسٍ على مشراقويا شبه بدرٍ يزيح الداج في نورهأصفى من العاج واصفى صافي الأوراقجماله فوّضه ربه باحسن الصورهقلبي يتوق (وخافجي) بالخفا خفّاقوالعين جدها من وزى الصوع مسحورهان قلت وصفي اشوفك عن كلامي ساقوإذا عنيتك ترد النفس مكسورهرماني على قلبي مثل رمية التفّاقوخلى فوادي ما تملكنه شعورهمحبٍ مسوي لي على فرقته حرّاقوغضبٍ عن الرغبه اعانيه وازورهاحبّه على الدنيا وكل ما عليها لاقوعليه من ما خلق الله بكونه وجمهورهبعد أن استمعنا لقصائد الشاعر حامد بن مكتوم الجنيبي، وتعرفنا على تجربته الشعرية الزاخرة بالعاطفة والصور الحسيّة التي تستمد جوهرها من الطبيعة البدوية الفاتنة، توجهنا مباشرة إلى الشاعر سعيد بن ياسر فكان لنا معه جلسة مطولة ألقى خلالها العديد من القصائد المتنوعة التي سننشرها الأسبوع القادم بإذن الله..ملاحظة:الكلمات التي وردت بين قوسين اصلها حرف الجيم مثل (الجمعه، جناحه، ....) ولكن في لهجة سكّان المنطقة فإنهم يقلبون الجيم في معظم الكمات إلى ياء فتصبح (اليمعه، يناحه)، وكذلك القاعدة السابقة تنطبق أيضا على حرف (القاف) الذي يقلب إلى جيم مثل ( تسقي، طريقه) سنلاحظ أن الشاعر نطقها ( تسجي، طريقه)، علما ان الكاتب قام بنقل الكلمات كما رويت..شكر ومحبة:أسجّل شكري وامتناني لكل من ساهم في اخراج هذا العمل، وأخص بالذكر الشاعر حمود بن علي الجنيبي والشاعرة صالحة المخيبية.. كما أنوّه للمتابع الكريم بأن العدد القادم سيتضمن عودة من جديد لنشر قصائد الشاعر سعيد بن ياسر..الهوامش :1- (قد لي) بمعنى صار لي ..2- (سلوبي) يقصد اسلوبي..3- (مسيّر جدى) أي ذاهب باتجاه، والتسيير هي إحدى عادات أهل الوسطى في زيارة أقاربهم والتواصل في ما بينهم.4- (إلاها) الكلمة غير واضحة في التسجيل ونقلها الكاتب كما استمع لها..5- (بيتم) اي سيبقى..6- (اليدين) أي الجدين ..7- (يابتها) بمعنى جابتها..8- (امبات) أي يبقى من الليل حتى الصبح..9- (انِي) أي أنا ..10-(لي جداه) الذي له..11-(الملايا) يقصد الملأ أي الناس وقد جمعها الشاعر لضرورة الوزن.12-(بيّت) اي أغمض عيونه..13-(بي) تؤدي مفردة بي نفس وظيفة في .. أي في أحور العين .. إعداد ـ حمد الخروصي twitter : @hamed_alkharusi